كشفت دراسات طبية حديثة عن أن الغالبية العظمى من الأطفال المصابين بالفيروس التنفسي المخلوي (RSV) والذين ينتهي بهم المطاف في المستشفى، هم في الحقيقة أطفال أصحاء لم يكن لديهم أي أمراض مزمنة أو عوامل خطر صحية معروفة، ما يجعل الفيروس مصدر قلق لكل أسرة، وليس فقط للأهالي الذين لديهم أطفال يعانون من مشكلات صحية سابقة.
وفي مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا بمدينة جدة، أوضح الدكتور محمد الهندي، استشاري عناية مركزة أطفال حديثي الولادة وأخصائي وبائيات إكلينيكية، أن هذه المعطيات العلمية تغيّر الصورة النمطية حول الفيروس. وأضاف: "يعتقد الكثير من الأهالي أن الخطر يقتصر على الأطفال الخدج أو المصابين بأمراض مزمنة، لكن الواقع مختلف، فالعدوى قد تصيب الأطفال الأصحاء بشكل مفاجئ وبمضاعفات خطيرة تستدعي العناية المركزة".
وتابع الدكتور الهندي حديثه قائلاً إن طبيعة الفيروس المضللة تزيد من خطورته، فهو يبدأ غالبًا بأعراض بسيطة تشبه نزلة البرد، مثل السعال وارتفاع طفيف في الحرارة، قبل أن يتطور سريعًا إلى التهاب رئوي أو التهاب قصيبات حاد يسبب صعوبة شديدة في التنفس. هذه البداية البسيطة تجعل الأهل يتأخرون أحيانًا في مراجعة الطبيب، ما يضاعف فرص وصول الطفل إلى المستشفى في حالة متقدمة.
ومن جانبها، شاركت السيدة أناهيد الخياري تجربتها الشخصية مع إصابة ابنتها بالفيروس، قائلة: "ابنتي كانت رضيعة سليمة تمامًا، ولم أعانِ معها أي مشاكل صحية منذ الولادة. بدأت الأعراض بسعال خفيف وحرارة بسيطة، لكن سرعان ما تدهورت حالتها بشكل صادم، واضطررنا إلى إدخالها العناية المركزة. لم أتخيل أن نزلة برد عابرة ستتحول إلى أزمة تنفسية حادة".
ويؤكد الخبراء أن الحل يبدأ من الوعي، إذ ينبغي على الأسر التعامل مع أي عرض تنفسي عند الأطفال بجدية، خصوصًا في موسم انتشار الفيروس بين أكتوبر ومارس. كما أن التطورات العلمية خلال العامين الماضيين، التي تتمثل في شكل لقاح يحتوي على الأجسام المضادة طويلة المفعول، تمثل أملًا جديدًا لتقليل العبء الصحي للفيروس مستقبلًا، ولهذا تعد أفضل أساليب الوقاية هي المسارعة بتناول لقاح التنفسي المخلوي لتلافي الإصابة بالفيروس و مضاعفاته المختلفة.
واختُتم المؤتمر برسالة جوهرية: "جميع الأطفال معرضون للإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي، والأهل هم خط الدفاع الأول عبر الملاحظة المبكرة والوقاية اليومية".