ابتكر باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"، نهجًا رياضيًا جديدًا لحماية الطائرات من التداخل الناتج عن إشارات الاتصالات المتنقلة.
ونُشرت النتائج في المجلة العلمية IEEE Transactions on Wireless Communications، حيث وصف الفريق شكل "منطقة العزل المثالية"، التي تحمي أنظمة الطائرات الحيوية وفي الوقت نفسه تعزّز أداء شبكات الجيل الخامس (5G)، ومن المتوقع أن تساعد هذه النتائج الهيئات التنظيمية للطيران والاتصالات في وضع السياسات الخاصة بنشر الشبكات بالقرب من حركة الملاحة الجوية.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تُطَبَّق فيها الهندسة العشوائية – وهي طريقة رياضية تُستخدم لنمذجة العناصر العشوائية في الشبكات –، للتنبؤ بكيفية تفاعل إشارات الجيل الخامس مع أجهزة قياس الارتفاع اللاسلكية في الطائرات، حيث تُنقل البيانات عبر موجات كهرومغناطيسية ضمن نطاقات ترددية محددة، وكلما اتسع النطاق الترددي، زادت سرعة تبادل البيانات، في حين يعمل الجيل الخامس عند أوسع نطاق ترددي حتى الآن، ما يتيح سرعات فائقة في نقل البيانات، لكنه في الوقت نفسه يتقاطع مع أنظمة أخرى ويسبّب لها مشكلات.
وأوضح قائد الدراسة في "كاوست" البروفيسور محمد سليم العلويني، أن الجيل الخامس يعمل عند نطاق قريب من أجهزة قياس الارتفاع اللاسلكية في الطائرات، ما قد يؤدي إلى تداخل في إشاراتها، وهذا يعني ضرورة إنشاء مناطق عزل تُخفّض من مستويات هذا التداخل.
ومع أن شبكات الجيل الخامس قد تسببت بالفعل في إلغاء العديد من الرحلات حول العالم بسبب التداخل، فإن الحل الذي اقترحه فريق العلويني يتمثل في نشر مناطق عزل تعمل فيها أبراج الجيل الخامس عند ترددات منخفضة فقط، مع الاعتماد على الطيف الترددي المتاح سابقًا بدلًا من الطيف الحديث ذي الترددات العالية.
ويتم استخدام الهندسة العشوائية لتحليل أشكال مختلفة لمناطق العزل، والمناطق المثلّثة حول مدارج الطائرات تحافظ على إشارة مقياس الارتفاع اللاسلكي مع تقليل مساحة فقدان أداء شبكة الجيل الخامس إلى أقل حد ممكن، فيما استخدم الفريق هذه التقنية للتنبؤ بأنماط التداخل وتقييم تأثير أشكال مناطق العزل المختلفة على السلامة والأداء، وأظهرت النتائج أن أداء شبكات الجيل الخامس يتراجع بنسبة 20% مع وجود برج واحد فقط داخل المنطقة، ويصل الانخفاض إلى 50% مع ثلاثة أبراج.
وتتجاوز انعكاسات هذه الدراسة حدود المملكة، حيث اتخذت العديد من الدول بالفعل إجراءات لتقييد عمل شبكات الجيل الخامس بالقرب من المطارات بسبب المخاوف المتعلقة بأجهزة قياس الارتفاع اللاسلكية في الطائرات، وأُجريت هذه الدراسة بدعم من هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية CST السعودية، ومن المتوقع أن تُسهم في توجيه السياسات العالمية التي تسمح باستخدام شبكة الجيل الخامس ومقاييس الارتفاع اللاسلكية معًا.