آخر الأخبار

مؤتمر حل الدولتين.. فرصة تاريخية لإحلال السلام المستدام في الشرق الأوسط

شارك

تتجه أنظار العالم نحو مقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم (الاثنين) حيث يتكثف الحراك الدبلوماسي لعقد المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين، في مسعى دولي حاسم لصياغة التزامات ملموسة نحو السلام، ويجتمع الفاعلون الرئيسيون لإحياء حل الدولتين، باعتباره المسار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء عقود من الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا الزخم المتجدد يتزامن مع تفاقم أزمة إنسانية كارثية في غزة واضطرابات إقليمية مستمرة، مما يفرض ضرورة إيجاد إطار لدولة فلسطينية مستقلة تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل، بهدف تحقيق استقرار دائم في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

دفع دبلوماسي

ويشهد المجتمع الدولي حراكاً متصاعداً، مؤكداً أهمية حل الدولتين كركيزة للسلام المستدام، والمؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي يعقد على مدار ثلاثة أيام برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، يهدف لبلورة التزامات عملية تكفل قيام واستمرارية الدولة الفلسطينية، وهذه الرئاسة المشتركة بين قوة غربية وعضو مجلس أمن وقوة إقليمية عربية، تشير لسعي استراتيجي لتوحيد الجبهة الدولية، مما يمنح نتائج المؤتمر ثقلاً دبلوماسياً كبيراً، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".

وتتجاوز هذه الجهود مجرد الدعم اللفظي، لتحويل المبادئ إلى خطوات قابلة للتنفيذ، فالاتحاد الأوروبي أكد التزامه الثابت بحل الدولتين، متطلعاً لتعايش سلمي ودعم السلطة الفلسطينية، وهذا الإجماع المتزايد والتحالفات الاستراتيجية تعكس فهماً مشتركاً بأن الاستقرار الإقليمي مرتبط بشكل جوهري بحل القضية الفلسطينية، مما يعزز ديناميكية جماعية تضغط على الأطراف للانخراط بجدية.

جهود دولية

وفي تحول دبلوماسي بارز، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أربعة أيام، أن فرنسا ستعترف رسمياً بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، وهذا القرار، يؤكد التزام فرنسا التاريخي، وبذلك تصبح فرنسا أول دولة من مجموعة السبع وأكبر قوة غربية تعترف بفلسطين، لتنضم لأكثر من 140 دولة قامت بذلك بالفعل.

وتوقيت إعلان ماكرون، المرتبط بتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، يًعد خطوة استراتيجية لممارسة الضغط، واعتراف فرنسا، كعضو في مجموعة السبع وعضو دائم في مجلس الأمن، يحمل ثقلاً كبيراً، وقد يشير لتحول في الموجه الغربية التقليدية، مما يشجع دولاً أخرى، وهذا التحرك قد يؤدي لتأثير الدومينو بين الدول الأوروبية ويزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسياً، ويحول الاعتراف بفلسطين لأداة دبلوماسية رئيسية تزيد النفوذ الدولي لحل الدولتين، ورغم إدانة إسرائيل للقرار، أوضح ماكرون أن فرنسا تدعم دولة فلسطينية دون حماس، مؤكداً على حق إسرائيل في السلام والأمن.

تفاقم المعاناة

وبلغ الوضع الإنساني في غزة مستويات كارثية، حيث تحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من مجاعة وشيكة، وتسارعت الوفيات المرتبطة بسوء التغذية بشكل كبير في يوليو 2025، بـ48 وفاة، ليرتفع الإجمالي لعام 2025 إلى 59، و113 منذ 2023 (81 منهم أطفال)، والمستشفيات غارقة بالأطفال الضعفاء، وأجسادهم تتوقف بسبب نقص العلاجات والغذاء، وهذا التسارع، إلى جانب الانخفاض الكبير في توزيع المساعدات، يشير إلى أن الأزمة قد تكون تكتيكاً مقصوداً، وليست مجرد نتيجة عرضية.

ولا يزال إيصال المساعدات الإنسانية يتعرض لإعاقة شديدة بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي وانهيار القانون والنظام، فقد انخفض عدد الوجبات من مطابخ الإغاثة الخيرية من أكثر من مليون وجبة يومياً في أبريل إلى 160 ألف وجبة فقط، وتؤكد منظمات دولية، كبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة واللجنة الدولية للإنقاذ، أن 100 ألف امرأة وطفل يواجهون مستويات المجاعة، وهذا الوضع يقوض بشكل أساسي أي ادعاء بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي ويعقد جهود السلام، فإذا كان التجويع يُنظر إليه كنتيجة متعمدة، فإنه يقوض الثقة ويغذي الاستياء ويجعل أي تسوية سياسية مستقبلية أكثر صعوبة بشكل كبير.

توقف المفاوضات

ولا تزال مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس متعثرة، وتتسم بخلافات جوهرية أحبطت أي تقدم، فبالرغم من تقييم مبدئي من مسؤول إسرائيلي بأن الاقتراح الأخير لحماس كان قابلاً للتطبيق، إلا أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استدعى فريق التفاوض إلى إسرائيل لاحقاً، ويدور الجمود الأساسي حول مطالب حماس بالانسحاب الإسرائيلي الكامل وإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن، وهو شرط ترفضه إسرائيل، مصرة على ضرورة تخلي حماس عن السلطة ونزع سلاحها.

وهذه الفجوة الأيديولوجية والأمنية العميقة تعني أنه حتى لو تم التوصل إلى هدنات مؤقتة، فإن السلام المستدام يظل بعيد المنال دون تحول جوهري في الأهداف أو فرض شروط خارجية، وإن التحول السريع من وصف الاقتراح بـ"القابل للتطبيق" إلى استدعاء المفاوضين وتحذير نتنياهو، يشير إلى أن التقييم الإيجابي ربما كان يتعلق بتفاصيل تكتيكية، بينما تظل المطالب الاستراتيجية الأساسية غير قابلة للتوفيق، انسحاب المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف من قطر للتشاور بسبب ما وصفه بـ"افتقار حماس للرغبة في التوصل إلى وقف إطلاق النار"، يسلط الضوء على الصعوبة الهائلة في تحقيق اختراق، مما يترك الأزمة الإنسانية تتفاقم.

تحديات كبيرة

وعلى الرغم من التحديات الهائلة، يظل المجتمع الدولي متمسكاً بالرأي القائل بأن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل يمثل الحل الأكثر واقعية للصراع المستمر منذ قرن، ومع ذلك، فإن التقدم نحو هذه الرؤية يتعرض للتقويض المستمر بفعل تصاعد التوترات على الأرض، لا سيما الزيادة في عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، حيث أصيب 100 فلسطيني في يونيو 2025، وهو أعلى رقم خلال عقدين.

وتتعالى الدعوات لإسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية، مع مخاوف من أن خططاً مثل البناء في منطقة E1 قد تقطع الاتصال بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، مما يعرض قابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية للخطر فعلياً.

وثيقة النتائج

وتمت دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، لحضور الاجتماع، وتوقع دبلوماسي فرنسي حضور حوالي 40 وزيراً، وتبقى الولايات المتحدة وإسرائيل الوحيدتين اللتين تقاطعان الاجتماع، وقد وزع الرؤساء المشاركون وثيقة نتائج قابلة للتبني، وقد تشهد الفعاليات إعلانات عن نيات الاعتراف بدولة فلسطينية.

وحث الأمين العام أنطونيو غوتيريش المشاركين بعد الإعلان عن الاجتماع على إبقاء حل الدولتين على قيد الحياة، وأكد أن المجتمع الدولي يجب ألا يقتصر على دعم حل تعيش فيه دولتان مستقلتان، فلسطين وإسرائيل، جنباً إلى جنب بسلام، بل يجب أن يحقق الظروف اللازمة لإنجاح ذلك، فهل ستنجح هذه الجهود الدبلوماسية في إحياء الأمل في سلام دائم بالمنطقة؟

سبق المصدر: سبق
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا