يرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحمن الراشد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يخشى على مصير الرهائن في غزة، ولا يخشى حركة حماس، كما لا يخشى المحاكمات، كما يعتقد البعض، لكن ما يخشاه نتنياهو حقيقة ويجعله يطيل أمد الحرب هو خوفه من عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وهو ما يمهّد لقيام دولة فلسطينية.
وفي مقاله "ما يخيف نتنياهو في غزة؟" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الراشد": "حرب غزة بفظائعها تقترب من إكمال عامها الثاني، لتسجّل بذلك أطول المواجهات وأكثرها دموية في تاريخ الصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي.
هناك من يعتقد أن إسرائيل تخشى على من تبقّى من الرهائن. وآخرون يظنّون أن إسرائيل تتجنّب المزيد من الخسائر بين صفوفها. والبعض يرى أنها عاجزة عن القضاء على ما تبقّى من قوة «حماس».
رأيي أن إسرائيل لا تريد حسمها إلا وفق نهاية تكتبها هي، بمنع عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع. وستستخدم لإطالة الأزمة ما تبقّى لها من أسلحة، من التجويع إلى التهجير. باختصار، نتنياهو لا يخاف إلا من قيام الدولة الفلسطينية".
ويضيف "الراشد": "لوقف الحرب لدى واشنطن حلّ عملي، «حماس» تغادر غزة وإسرائيل توقف الحرب. إنما لا «حماس» ولا إسرائيل تقبلان بذلك!
إسرائيل تحديدًا، كونها الطرف الأقوى، لا تريد إخراج «حماس» إن كان الثمن عودة السلطة الفلسطينية. نتنياهو وفريقه مقتنعون بأن السلطة الفلسطينية أكثر خطرًا على إسرائيل من «حماس». فـ«حماس» لا شرعية دولية لها، وتمثّل كل ما يخيف معظم دول العالم، حتى العربية، فهي جماعة جهادية مؤدلجة مسلحة. في حين أن السلطة هي الممثل الشرعي للفلسطينيين وفق الأمم المتحدة، وإذا بسطت سلطتها على غزة فسيعني ذلك أنه الطريق إلى دولة فلسطينية.
حركة «حماس» رغم ما تفعله، بما فيه هجماتها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تظلّ في نظر إسرائيل مجرد «جماعة إرهابية» ستتعامل معها كما تفعل بقية دول العالم مع مثيلاتها.
نتنياهو يرى أن من الحماقة أن يقضي على «حماس» ويكافئ السلطة الفلسطينية بحكم غزة، لتصبح هي الكاسب من كل هذه الحروب، وتكون هناك دولة أمر واقع فلسطينية. فقد سعى نتنياهو شخصيًا لمنع هذا السيناريو في علاقة تكافلية مع «حماس» منذ بدايات حكمه، عندما قام بتمكين الحركة من إدارة القطاع".
ويرى "الراشد" أنه: "حتى دون حل من المبعوث ويتكوف، نتنياهو يستطيع أن يوقّع نهاية الحرب بالقضاء على ما تبقّى من قوة «حماس»، وسيتحمّل المزيد من الخسائر البشرية كما فعل في الحروب الموازية. فقد خاطر بسلامة شعبه عندما فتح جبهات مع «حزب الله» وإيران والحوثي، ومستعد للمخاطرة والخسائر في مواجهة أخيرة مع «حماس».
مع اقتراب الحسم خلال الشهرين المقبلين، أعتقد أن معضلته هي البحث عن ترتيب يمنع ما قد يؤدي لقيام دولة فلسطينية. فما يعوقه لحسم حرب غزة شأن مختلف عن الخسائر الإضافية بين جنوده، وخسارته رئاسة الحكومة، خاصة أن ترمب يقوم بجهد علني لمنحه الحصانة من المحاسبة ويدعمه ليبقى رئيس وزراء.. القضية من منظور استراتيجي هي أبعد من الأحداث الوقتية، إسرائيل لا تريد للسلطة الفلسطينية أن تعود لغزة وضمّها لرام الله، حتى لو اضطرها ذلك لإعادة «حماس»".