شهدت أسعار الذهب تراجعًا طفيفًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، متأثرةً بارتفاع مؤشر الدولار الأميركي وصدور بيانات اقتصادية عززت التوقعات بتأجيل خفض أسعار الفائدة من قِبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وقد أنهى الذهب تعاملات يوم الجمعة عند مستوى 3.339.20 دولار للأونصة، منخفضًا بنحو 0.5% مقارنة بإغلاق الأسبوع السابق، وسط تداولات اتسمت بالحذر والتذبذب ضمن نطاق ضيق.
وفيما ظلت العوامل الجيوسياسية داعمًا نسبيًا للسوق، إلا أن قوة الدولار وعودة شهية المخاطرة للأسواق المالية قلصت من جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن، الأمر الذي أدى إلى انخفاض شهية الشراء من قبل الصناديق الكبرى. وتراوحت أسعار الذهب خلال الأسبوع بين 3.310 و3.378 دولارًا للأونصة، قبل أن تستقر دون مستوى 3.350 دولارًا، وسط ترقب المستثمرين لمسار السياسة النقدية الأمريكية.
توقعات السوق
ويتوقع خبراء الأسواق أن تستمر أسعار الذهب في التذبذب خلال الأسبوع الجاري، حيث يرى محللون أن المعدن الثمين قد يواجه مقاومة فنية عند مستوى 3.362 دولارًا، في حال استمرت ضغوط الدولار بالتراجع. في المقابل، يحذر بعض المراقبين من احتمال حدوث تصحيحات هبوطية نحو مستويات تتراوح بين 3.250 و3.190 دولارًا في حال عادت العوائد على السندات الأمريكية للارتفاع، أو شهدت الأسواق دفعات جديدة من البيانات الاقتصادية القوية.
ورغم التراجع الأسبوعي الأخير، فإن الذهب لا يزال يحتفظ بزخم إيجابي قوي اكتسبه خلال النصف الأول من عام 2025، حيث سجل ارتفاعًا استثنائيًا بنسبة تجاوزت 26% منذ بداية العام، في أحد أقوى أداءاته منذ أربعة عقود. وكان المعدن قد بلغ ذروته عند نحو 3.500 دولار للأونصة في أبريل، مدعومًا بارتفاع الطلب العالمي، خصوصًا من البنوك المركزية، والاضطرابات الجيوسياسية في عدد من المناطق، إضافة إلى توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة في ظل تقلبات أسواق الأسهم والعملات.
صناديق الاستثمار
ووفقًا لتقارير دولية، سجلت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات استثنائية قاربت 38 مليار دولار خلال النصف الأول من العام، وهي أعلى وتيرة منذ عام 2020، مما أسهم في رفع الكميات المحتفظ بها من الذهب إلى أكثر من 3.600 طن. ويعزو المحللون هذا الاتجاه إلى تحوّل استراتيجي من قبل المستثمرين المؤسساتيين، في ظل سعيهم للتحوط من التضخم وتقلبات العملات.
كما أسهمت حالة عدم اليقين في السياسات النقدية الأمريكية، ومخاوف التباطؤ الاقتصادي في بعض الاقتصادات الكبرى، في تعزيز موقع الذهب كأحد الأصول الدفاعية. ومع تراجع التوقعات بشأن خفض قريب للفائدة، يبقى الذهب في وضعية حساسة أمام أية بيانات اقتصادية جديدة قد تعيد تشكيل مشهد السياسة النقدية.
ويرى مراقبون أن حركة أسعار الذهب في النصف الثاني من العام ستكون مرهونة بتوازن دقيق بين اتجاهات الدولار، وتطورات الأسواق الجيوسياسية، وأداء الاقتصاد الأمريكي، مع ترجيح بقاء الأسعار في مستويات مرتفعة تاريخيًا مقارنة بالسنوات الماضية، وإن تخللتها موجات تصحيح مؤقتة.