صدر حديثًا عن الدكتور عبد الرحمن بن محمد الزهراني، رئيس مركز إثراء المعرفة للمؤتمرات والأبحاث والنشر العلمي، كتاب يوثق سيرة رجل استثنائي حمل في اسمه المعنى الحقيقي للأثر، هو عبد الرحمن بن عبيدي، أحد الرموز البارزة في منطقة الباحة، وتحديدًا في بلدة الأطاولة. يحمل الكتاب عنوان "عبد الرحمن بن عبيدي.. عظم الأثر وعظيم التأثير"، ويأتي كعمل من كتب السيرة الغيرية التي تسلط الضوء على شخصيات تركت بصمة في الذاكرة الجمعية للمكان والناس.
في هذا الإصدار، يصحبنا المؤلف في رحلة عميقة إلى حياة عبد الرحمن بن عبيدي، مستعرضًا محطات إنسانيته التي تجلّت في المواقف والمبادرات التي حملت الخير لأبناء مجتمعه. لم يكن عبيدي مجرد اسم يتردد في الذاكرة، بل كان حضورًا حيًا في وجدان من عرفوه، رجلاً تجاوز تأثيره حدود الزمان والمكان، وجعل من حياته نموذجًا للتميّز، والإخلاص، والعمل من أجل الغير. القصص التي يتناولها الكتاب ليست توثيقًا فقط، بل دعوة للتأمل في قدرة الفرد على صناعة الأثر وتحقيق التغيير عبر القيم والعمل.
يمتلئ النص بسرد إنساني حافل بالمواقف والقصائد والأشعار التي عبّرت عن محبة الناس له، وتجلّت في تفاصيل حياته اليومية، بدءًا من الجذور والنشأة، ومرورًا بشبابه الطموح، ثم التحديات والإنجازات، وخدمته المجتمعية، وصولًا إلى حياته العائلية، وشهادات من عرفوه، وانتهاءً بلحظة الوداع التي لم تطوِ سيرة، بل فتحت فصولًا جديدة من الامتنان والاقتداء.
الكتاب لا يرصد فقط سيرة رجل عاش لأجل غيره، بل يقدم دعوة مفتوحة للجيل الجديد كي يعيد اكتشاف تراثه، ويستلهم من سير الروّاد ما يعزز ارتباطه بهويته، ويُبقي جذور القيم حيّة في النفوس. في طيّاته، نقرأ التاريخ كقصة، والمبادئ كرسالة، والسيرة كتجربة عابرة للزمن.
في النهاية، لا يكتفي المؤلف بسرد حياة عبد الرحمن بن عبيدي، بل يصوغ من سيرته خريطة للمعنى، ودعوة لنتأمل كيف يمكن للأثر أن يتحول إلى إرث، وللأخلاق أن تبقى البصمة الأصدق في ذاكرة المجتمعات.