طور فريق من الباحثين بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست"، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية "كاكست"، مادة مركبة جديدة تحسن أداء الخلايا الشمسية. وأظهرت الخلايا الشمسية المزودة بهذه المادة - يعد تشغيلها لعدة أسابيع في صحراء المملكة ـ- قدرة إنتاجية أعلى وعمراً تشغيليا أطول مقارنة بالخلايا غير المزودة بها. كما أن المادة منخفضة التكلفة في التصنيع، وتسهم في تقليل تكاليف صيانة الخلايا الشمسية. ونُشِرت الدراسة في المجلة العلمية .Materials Science and Engineering: R
وتُعد الطاقة الشمسية جزءًا أساسيا من التزام المملكة بالوصول إلى اقتصاد خال من الانبعاثات الكربونية، لكنها تواجه تحديات كبيرة. فالألواح لشمسية التجارية تحول حوالي 20% فقط من أشعة الشمس إلى كهرباء، في حين يُمتص الباقي كحرارة، أو يُعكس بعيدا. وهذا التحويل غير الفعال للطاقة لا يُعد المشكلة الوحيدة، فالحرارة المرتفعة تقلل من أداء وكفاءة الخلايا الشمسية وتُقصر عمرها، مما يستلزم استبدالها بسرعة. ولهذا، فإن التبريد ضروري، إلا أن أنظمة التبريد التقليدية مثل المراوح والمضخات تستهلك طاقة كهربائية. أما التبريد السلبي فلا يحتاج إلى كهرباء.
وقال البروفيسور تشياو تشيانغ غان من كاوست، والذي قاد الدراسة "نحن متخصصون في المواد النانوية التي تتيح التبريد السلبي. وهي مواد رقيقة يمكن وضعها على أنظمة متعددة تتطلب التبريد كالبيوت الزجاجية الزراعية والخلايا الشمسية، دون التأثير في أدائها".
في هذه الدراسة التي نُفذت عبر مركز التميّز في الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) في كاوست، طّور غان وزملاؤه مادة مركبة تمتص رطوبة الهواء في الليل، وتُطلقها خلال النهار. ووجد العلماء أن تغطية الخلايا الشمسية بهذه المادة – عند تشغيلها في المناطق الساحلية بالمملكة لأسابيع – ساعد على إبقائها باردة، مما زاد كفاءتها التشغيلية وأطال عمرها. كما أسهم التبريد السلبي في تقليل تكلفة توليد الكهرباء من هذه الخلايا بنسبة 18%.
وللتأكيد على فعالية التقنية في مختلف الظروف المناخية، أُجْرِيَت تجارب إضافية في مناطق باردة ورطبة من الولايات المتحدة في أثناء هطول الأمطار، وأثبتت التقنية فعاليتها في البيئات جميعها.
وقد اختبر البروفيسور غان المادة الجديدة على خلايا شمسية قدّمها البروفيسور ستيفان دي وولف من كاوست، والذي يحقق فريقه البحثي بانتظام أرقام قياسية عالمية في أداء الخلايا الشمسية بفضل تصميماتهم المتخصصة.
وقال دي وولف " هذا العمل هو مثال ممتاز على تكامل الخبرات المختلفة في كاوست. لقد اختبرنا تقنية التبريد الجديدة على خلايا شمسية عالية الأداء في بيئات متعددة، وحققنا نتائج متميزة في الحالات جميعها".
بدوره، أكد البروفيسور عبدالرحمن البدري، كبير الباحثين في معهد تقنيات أشباه الموصلات والإلكترونيات الدقيقة بكاكست، أن هذه الدراسة تتواكب مع دور کاكست في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في قطاع الطاقة، والتي تهدف إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في إجمالي إنتاج الكهرباء.
وقال: أثبتت المادة المطورة فعاليتها في تطبيقات الخلايا الشمسية بشكل عام، وخصوصا في أنظمة الخلايا المركزة التي تم تطويرها داخل مختبرات كاكست، حيث تكون درجة الحرارة للخلايا عالية جدا بسبب تركيز الضوء، مضيفًا أن لهذه المادة تطبيقات أخرى، مثل استخدامها في البواعث الضوئية، التي تعاني عادة من انخفاض الكفاءة عند ارتفاع درجات الحرارة، وقد تم إجراء دراسات أولية على هذه التطبيقات وأظهرت نتائج واعدة.
من جانيه، أكد الدكتور عبدالله المقبل، الباحث في معهد الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات، مدير مركز التميز في الضوئيات والإلكترونيات بكاكست، والمشارك في الدراسة، أن كاكست بصفتها مختبرًا وطنيا، تولي أهمية كبيرة للأبحاث التي ثُجري في مختبرات الغرف النقية، بما يتماشى مع الأولويات الوطنية في مجالات الطاقة والصناعة.
وأضاف أن المادة المطورة تُعد حلاً منخفض التكلفة لمواجهة تحديات التبريد في مشاريع الطاقة الشمسية في المملكة والعالم، كما تفتح آفاقاً واسعة لتطبيقها في تقنيات الإضاءة والليزر.
يذكر أن مركز التميّز في الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين، هو أحد مراكز التميّز البحثية الأربع التي أطلقتها كاوست مدفوعة باستراتيجيتها الجديدة التي تركز على الأولويات الوطنية في المملكة وهي: الذكاء الاصطناعي التوليدي، الأمن الغذائي، الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين، والصحة الذكية.