آخر الأخبار

"خسائر جسيمة بالبنية التحتية".. ما حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني من الغارات الإسرائيلية؟

شارك

في ساعات مبكرة من فجر الجمعة الماضي، تعرضت إيران لسلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية، التي استهدفت منشآت حيوية ضمن برنامجها النووي، وهذا التصعيد العسكري، الذي شمل مواقع رئيسية لتخصيب اليورانيوم ومراكز بحث وتطوير، يأتي في ظل تصاعد القلق الدولي من تقدم طهران في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، وفقاً لمراقبي الأمم المتحدة، فما حجم الأضرار التي لحقت بقلب البرنامج النووي الإيراني، وما هي تداعيات هذه التطورات على استقرار المنطقة والعلاقات الدولية؟

تقييم مبدئي

وتُشير البيانات الأولية، المستقاة من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحليلات الأقمار الصناعية، إلى أن الضربات الإسرائيلية قد ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية النووية الإيرانية، وهذه الهجمات، التي جاءت بعد فترة طويلة من التوتر، تستهدف بشكل مباشر قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، والذي يُعدّ حجر الزاوية في برنامجها النووي، وفقًا لـ"رويترز".

وأدارت إيران ثلاث منشآت رئيسية لتخصيب اليورانيوم قبل الهجمات، وقد تعرض مصنع نطنز لتخصيب الوقود، وهو منشأة ضخمة تحت الأرض تحتوي على آلاف أجهزة الطرد المركزي، لأضرار بالغة، وأكد رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تدمير البنية التحتية الكهربائية في نطنز، بما في ذلك المحطة الفرعية ومبنى الإمداد الرئيسي والمولدات الاحتياطية، وتشير هذه الأضرار إلى احتمال تضرر أو تدمير أجهزة الطرد المركزي بشكل كبير، والتي يبلغ عددها حوالي 17 ألف جهاز، منها 13,500 كانت قيد التشغيل.

أما مصنع نطنز التجريبي لتخصيب الوقود، وهو الأصغر والأكثر انكشافًا بين المنشآت الثلاث، فقد دُمر بالكامل في الهجوم الإسرائيلي وفقًا لغروسي، وكانت هذه المنشأة تُستخدم للبحث والتطوير وتضم شلالات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي كانت تخصب اليورانيوم حتى 60%.

أضرار مرئية

وعلى النقيض من نطنز، فإن مصنع فوردو لتخصيب الوقود، المدفون بعمق داخل الجبل، لم يتعرض لأضرار مرئية كبيرة، رغم أن فوردو يضم حوالي 2,000 جهاز طرد فقط، إلا أنه مسؤول عن الجزء الأكبر من إنتاج إيران لليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وقد أنتج 166.6 كيلوغرامًا في الربع الأخير.

وإلى جانب منشآت التخصيب، استهدفت الضربات الإسرائيلية أربع منشآت في مجمع أصفهان النووي، وتضمنت هذه الأهداف منشأة تحويل اليورانيوم، ومنشآت عمل معدن اليورانيوم، وتُعتبر هذه القدرات حاسمة في تطوير الأسلحة النووية، حيث أن إتقان تكنولوجيا معدن اليورانيوم خطوة أساسية في صنع قلب السلاح النووي، وفي حال توقف منشأة تحويل اليورانيوم عن العمل، فستواجه إيران صعوبة في توفير المادة الخام اللازمة لأجهزة الطرد المركزي. كما تعرضت منشأتان لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في كرج وطهران للضرب، واللتان كانتا تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

خسائر بشرية

ولم تقتصر الأضرار على البنية التحتية، بل امتدت لتشمل الكوادر البشرية، حيث قُتل ما لا يقل عن 14 عالمًا نوويًا إيرانيًا في الهجمات الإسرائيلية منذ الجمعة، بما في ذلك اغتيالات بسيارات مفخخة، وقد صرحت القوات المسلحة الإسرائيلية بأن هؤلاء العلماء "لعبوا دورًا مركزيًا في التقدم نحو الأسلحة النووية" وأن "القضاء عليهم يمثل ضربة كبيرة لقدرة النظام الإيراني على حيازة أسلحة الدمار الشامل"، وفي حين أن القوى الغربية غالبًا ما تشير إلى أن تقدم إيران النووي يُشكل "مكسبًا معرفيًا لا رجعة فيه"، إلا أن فقدان مثل هؤلاء الخبراء البارزين والمنشآت الحيوية قد يُبطئ التقدم بشكل ملحوظ.

وتمتلك إيران حاليًا مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب بمستويات مختلفة، ووفقًا لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تُقدر كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60% حتى 17 مايو 2025 بأنها تكفي لصنع تسعة أسلحة نووية، كما أن لديها كميات إضافية بمستويات تخصيب أقل قد تكفي لعدد أكبر من القنابل، وإن كانت تتطلب معالجة إضافية، ويُخزن جزء كبير من اليورانيوم عالي التخصيب تحت الأرض في أصفهان تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتشير التقييمات الأولية إلى أن هذه المواقع لم تتأثر بشكل مباشر.

مسار مجهول

وتُثير هذه الضربات الإسرائيلية تساؤلات جدية حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني واستجابة طهران، فقد ألمح نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، إلى أن إيران ستتخذ إجراءات لحماية المواد والمعدات النووية دون إخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأنها قد تُراجع تعاونها معها.

ويُعدّ المشرعون الإيرانيون مشروع قانون قد يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، على غرار ما فعلت كوريا الشمالية، فهل سيؤدي هذا التصعيد إلى جولة جديدة من المواجهة، أم سيدفع الأطراف المعنية إلى إعادة تقييم مسارها؟

سبق المصدر: سبق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا