بينما يحتفل الملايين بعيد الأضحى المبارك بين أسرهم وأحبتهم، اختار قرابة خمسة آلاف كشاف وكشافة، من بينهم ثلاثمئة وخمسون فتاة، أن يكون عيدهم مختلفًا.. هؤلاء الفتية والفتيات، في ريعان الشباب، آثروا توديع مقاعد العيد بين أهلهم ليقفوا على أعتاب المشاعر المقدسة، ملبين نداء الإنسانية وخدمة ضيوف الرحمن.
إنها ليست مجرد مهمة تطوعية؛ بل هي ملحمة حقيقية تكتبها جمعية الكشافة العربية السعودية، عبر معسكرات الخدمة العامة التي تنتشر بين مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة. هؤلاء الأبطال الذين يحملون بين جوانحهم حب الوطن وروح التطوع والإيثار، يسهمون في تقديم أرقى صور الخدمة لضيوف بيت الله الحرام.
تقول إحدى الحاجات ممن شاهدت كشافًا يقدم لها المساعدة: "حين نراهم بأزيائهم الكشفية، يبتسمون في وجوه الحجاج، ينظمون الصفوف، يُديرون الحشود، يساعدون المسنين، ويعطّرون الأجواء بدعواتهم الصادقة، ندرك أن العيد هنا يتخذ معنى آخر".
وليس هؤلاء الشباب وحدهم من يسهم في هذه الملحمة؛ فخلفهم آباء وأمهات استشعروا عظمة الرسالة، ودفعوا بفلذات أكبادهم لينالوا شرف خدمة الحجيج. يقول والد أحد الكشافين: "عندما أخبرني ابني بنيته التطوع في معسكرات الخدمة العامة، شعرت بالفخر. هذا شرف عظيم، وموسم الحج مناسبة لتربية أبنائنا على البذل والعطاء".
إنها دعوة صريحة لكل فتى وفتاة في وطننا الغالي: أن يجعلوا من حب الخير وخدمة الآخرين طريقًا للحياة.. فمن أعظم ما يمكن أن نقدمه هو أن نكون سببًا في راحة وطمأنينة ضيوف الرحمن.. وهذا ما تجسده مشاهد هؤلاء الكشافين، الذين يرفعون رؤوسنا عاليًا، ويبرهنون أن شباب الوطن هم الثروة الحقيقية.
ووسط دعم القيادة الرشيدة التي تولي موسم الحج كل اهتمامها، يسطّر الفتية والشباب لوحة مضيئة من العطاء والتفاني، ليسهموا في إنجاح موسم الحج، ويرسموا صورة ناصعة لوطن العطاء والخير.
فإلى كل شاب وفتاة، نقول: "أنتم الأمل، وأنتم القدوة.. سيروا على خطى هؤلاء الأبطال، واجعلوا من العيد فرصة لصناعة الفرح في قلوب الآخرين.. فالوطن يناديكم.. وضيوف الرحمن ينتظرون عطاءكم".