استقبل مشعر مزدلفة مساء التاسع من ذي الحجة، بعد غروب شمس يوم عرفة، وفود حجاج بيت الله الحرام، الذين توافدوا للمبيت وأداء صلاتَي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وليكملوا نسكهم في ليلة مباركة تمهّد ليوم النحر.
وتُعد «مزدلفة» أحد المشاعر المقدسة الثلاثة في رحلة الحج، وتقع جغرافيًا بين عرفات ومنى، وتُعرف بثلاثة أسماء: مزدلفة، نسبة إلى الازدلاف أي القرب والتوجه، وجمع، لاجتماع الحجيج فيها وجمعهم بين صلاتي المغرب والعشاء، والمشعر الحرام، الذي ورد ذكره في قوله تعالى: «فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ».
وتمتد مزدلفة على مساحة تتجاوز 13 كيلومترًا مربعًا، يحدها من الغرب وادي مُحَسِّر الفاصل عن مشعر منى، ومن الشرق مفيض المأزمين المؤدي إلى عرفات، ومن الشمال جبل ثبير النصع، ومن الجنوب جبل قزح.
وتحتضن مزدلفة عددًا من الجبال الشهيرة، أبرزها:
- جبل قُزح جنوب غرب المشعر.
- جبل المريخيات الممتد جنوبًا.
- ثبير الأحدب شمالًا، وهو امتداد لجبل ثبير النصع.
واقتدى الحجاج بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي بات في مزدلفة حتى صلّى الفجر، ثم وقف للدعاء حتى أسفر الجو، قبل أن يدفع إلى منى قبيل طلوع الشمس.
وقد رخّص عليه الصلاة والسلام للضعفاء والنساء والصبيان بالانصراف من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل أو عند مغيب القمر، كما فعلت الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها.
وتظل مزدلفة عنوانًا على لحظة سكون وخشوع، يجتمع فيها الحجاج من كل فجٍ عميق، في مشهد مهيب يربط الأرض بالسماء، ويُجسّد رسالة التوحيد والانقياد لله.