تبدأ قوافل حجاج بيت الله الحرام بالتوافد إلى صعيد عرفات الطاهر مع بزوغ فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، وسط أجواء روحانية وإيمانية عامرة بالسكينة والخشوع، مرددين التلبية ومتضرعين إلى الله بالعفو والمغفرة والعتق من النار.
وترافق تحركات الحجيج متابعة أمنية مباشرة من مختلف القطاعات، لضمان انتظام التصعيد والتفويج عبر طرق المشاة والمركبات، وتوفير السلامة والإرشاد لضيوف الرحمن.
ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن يوم عرفة من أعظم أيام الله، ففيه يُباهي الله أهل السماء بأهل الموقف، ويعتق فيه عباده من النار، كما جاء في حديث عائشة: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة...".
الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، ويصح وجود الحاج بأي موضع داخل حدود عرفة، راكبًا كان أو واقفًا أو مضطجعًا. ومن لم يقف في هذا اليوم، فلا يصح حجه. وقد قال رسول الله ﷺ: "الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه".
تعددت الروايات حول سبب تسمية عرفة بهذا الاسم، ومن أبرزها ما ذكره الإمام القرطبي: أن آدم وحواء التقيا في هذا المكان فعرفها وعرفته، وقيل لأن الناس يتعارفون فيه، وقيل لأن جبريل عليه السلام كان يري إبراهيم عليه السلام المشاهد فيسأله "أعرفت؟" فيرد: "عرفت".
يقع مشعر عرفات شرق مكة المكرمة على بُعد 22 كيلومترًا، ويُعد المشعر الوحيد خارج حدود الحرم. تحدّه من جهة الحرم منطقة نمرة، وثُوَيَّة، وذي المجاز، والأراك. ويحيط به قوس من الجبال السوداء، أشهرها جبل "أم الرضوم".
ويُشار إلى حدوده بـ أربعة أعلام، فيما تقع بطن عرنة بين تلك العلامات، وهي المنطقة التي استُثنيت من الموقف في الحديث الشريف: "عرفات كلها موقف، إلا بطن عرنة".
يبدأ وقت الوقوف بعرفة من فجر التاسع من ذي الحجة حتى فجر يوم النحر، ويكفي إدراك جزء من هذا الوقت ليلاً أو نهارًا ليُحتسب الوقوف، كما بيّن رسول الله ﷺ لعروة بن مضرس الطائي في الحديث الصحيح.
من أبرز معالم عرفات جبل الرحمة، الواقع شمال شرق المشعر، بارتفاع نحو 30 مترًا، وقد وقف عنده النبي ﷺ للدعاء. وعلى الرغم من ذلك، فليس الوقوف عليه شرطًا في الحج، لقول النبي: "وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف".