قال مشعل بن خلف الصقير، الأكاديمي وخبير الاتصال المؤسسي، إن تنويع المحتوى الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد خيارًا ثانويًا، بل أصبح مفتاحًا رئيسيًا للتأثير والتفاعل في بيئة رقمية تتسم بالتغير السريع وكثرة الخيارات، فالمتابع اليوم لا يكتفي بالمعلومة الجافة، ولا ينجذب إلى المحتوى السطحي، بل يبحث عن تجربة متكاملة تمزج بين الفائدة والتسلية، وتوازن بين العقل والعاطفة.
وأضاف: حينما تتنوع المنشورات بين محتوى معرفي يُثري الفكر، وآخر ترفيهي يُبهج النفس، يصبح الجمهور أكثر تفاعلًا وارتباطًا بما يُقدَّم. فالمحتوى الذي يحترم تنوع اهتمامات المتابعين، ويراعي احتياجاتهم النفسية والمعرفية، يخلق بيئة رقمية أكثر حيوية واتزانًا. ولم تعد وسائل التواصل مجرد منصات للنشر العابر، بل تحوّلت إلى أدوات مؤثرة في تشكيل الرأي العام، وتوجيه الذوق الجمعي، وتعزيز القيم.
إن المحتوى التثقيفي، بما يتضمنه من مقالات ملهمة وتجارب ناجحة ونصائح تطويرية، يفتح أبواب الوعي، ويسهم في بناء شخصية ناضجة قادرة على التفاعل الواعي مع العالم.
وأشار إلى أنه رغم بساطة المحتوى الترفيهي الظاهرة، إلا أنه قادر — إن أُحسن توظيفه — على نشر الرسائل الهادفة وتعزيز السلوك الإيجابي بأسلوب محبب ومؤثر. فالقصص المصورة، والمقاطع القصيرة، وحتى المسابقات الخفيفة، يمكن أن تكون وسيلة ذكية لبث روح القيم، وتحفيز التفكير، وتشجيع الحوار البنّاء.
وأوضح أن التفاعل الحقيقي لا يُبنى على الكم، بل على العمق، والمنصات التي تنوّع محتواها بذكاء تحقق أثرًا طويل المدى، وتبني جمهورًا أكثر ولاءً وانتماءً. فحين يشعر المتابع بأن المحتوى يخاطب عقله وقلبه معًا، ويمنحه مساحة للتعبير والمشاركة والتفكير، فإنه لا يكتفي بالاستهلاك، بل يتحوّل إلى شريك في صناعة المحتوى ورسائله.
وأضاف أن صناعة محتوى متنوع وجاد لا تعني التنازل عن الجودة أو الرسالة، بل هي دعوة لصياغة خطاب رقمي يتسم بالمسؤولية، ويرتقي بالذوق العام، ويؤسس لبيئة تفاعلية أكثر وعيًا. فوسائل التواصل الاجتماعي، في جوهرها، ليست سوى مرآة لثقافتنا، ومسؤوليتنا أن نحسن الانعكاس، ونُسهم في نشر الخير، وتعزيز الإيجابية، وبناء وعي جديد يليق بإنسان هذا العصر.