كشف طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين، عن دراسة جديدة نشرت في المجلة العالمية للعناية بالتصلب اللويحي تبين أن النساء المصابات بالتصلب اللويحي واللواتي لديهن صديقات مقربات يتحدثن إليهن عن مشاكلهن، يتمتعن بنتائج صحية عقلية وجسدية أفضل من أولئك اللاتي لا يملكن صديقات مقربات، حيث عانين من مستويات أعلى من الاكتئاب والقلق وزيادة التعب واضطرابات النوم والألم، مشيراً أن هذه الدراسة سلطت الضوء على التأثير العميق للعلاقات الاجتماعية على النتائج الصحية وعلى أهمية تعزيز الصداقات ذات المغزى لتحسين نوعية الحياة للنساء المصابات بالتصلب اللويحي.
وقال الدكتور حسين تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للتصلب اللويحي الذي يصادف اليوم الجمعة الـ 30 من مايو 2025، إن العوامل النفسية تؤثر على تطور المرض وتفاقم أعراضه، حيث أكدت بعض الأبحاث أن العوامل النفسية الاجتماعية مثل بعض أحداث الحياة السلبية المهمة أو المستمرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بظهور مرض التصلب اللويحي وتطوره.
وأضاف حسين أن التصلب المتعدد هو مرض تنكسي عصب التهابي مناعي ذاتي بسبب قيام الجهاز المناعي بمهاجمة الخلايا العصبية المسؤولة عن إفراز الميال بشكل خاطئ، وهي المادة الدهنية التي تعزل الأعصاب وتساعدها في إرسال الإشارات الكهربائية للتحكم في الحركة والكلام والوظائف الأخرى وهذا يُسبب تلفًا في الأعصاب، مما يؤدي إلى ظهور أعراض التصلب اللويحي مثل التعب، ومشاكل الرؤية، والخدر أو الوخز.
وتابع: على الرغم من أن أسبابه غير واضحة، ولكن يُعتقد أنه ناتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية والعوامل البيولوجية ونمط الحياة والعوامل النفسية الاجتماعية، والتي تشمل التغيرات في الحياة والصراعات النفسية والضغط النفسي. أما البيئة فإن لها دورًا في الإصابة بالتصلب اللويحي أيضًا، حيث إن المكان الذي يقضي فيه الأشخاص السنوات الخمسة عشر الأولى من حياتهم، يؤثر في فرصة إصابتهم بالتصلب. وتُسجل المناخات الشمالية مثل الدول الاسكندنافية، حيث يقل التعرض لأشعة الشمس، أعلى معدل إصابة به. وفي المقابل فإن أقل إصابة لمن يترعرع في مناخ استوائي.
واشار إلى أنه قد يكون من أسباب المرض التعرض للبكتيريا والفيروسات والطفيليات، حيث تُعد جرثومة المعدة وفيروس إبشتاين بار من العوامل المعدية القليلة جدًا التي تعتبر قاسمًا مشتركًا في أكثر من 30 اضطرابًا مناعيًا ذاتيًا، حيث وجدت دراسة نشرها قسم طب الأعصاب في كلية الطب في مجلة فونتير ارتباطًا غير معروف سابقًا بين الكائنات المجهرية في الجهاز الهضمي والمعروفة باسم ميكروبيوم الأمعاء والتصلب اللويحي.
وأضاف: تشير الأبحاث إلى أن مقاومة الأنسولين ترفع نسبة الالتهاب في الجسم بشكل عام، لذا قد تزيد من خطر الإصابة بالتصلب، خاصة عند النساء ذوات الوزن الزائد والسمنة. كما أن مقاومة الأنسولين هي عامل مهم في متلازمة الأيض التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتصلب اللويحي، بجانب نقص الفيتامينات والمعادن في التصلب اللويحي مثل فيتامين D وB12، والمعادن مثل المغنيسيوم الضروري لاستقلاب فيتامين D، حيث توصّلت عدة دراسات إلى أن الأشخاص الأكثر عرضة لأشعة الشمس ويحتوي نظامهم الغذائي على فيتامين D يقل لديهم احتمال الإصابة بهذا المرض.
ونصح د. ضياء بالعلاج المبكر، حيث وجدت دراسة نشرت في مجلة العلوم العصبية الشهر الحالي أن الأشخاص الذين تلقوا علاجات مُعدّلة للمرض انخفض لديهم خطر تطور المرض بنسبة 62% مقارنة بمن لم يتلقوه. إضافة إلى الدواء الموصوف، فإن الدراسات العلمية تشير إلى أن اتباع أسلوب حياة صحي أو ما يسمى بالعلاج الشمولي قد يساعد في السيطرة على مرض التصلب اللويحي، مثل الحمية الغذائية وتناول بعض المكملات لها، والابتعاد عن التوتر، والحرص على النوم المبكر والعميق، والرياضة (إذا لزم الأمر)، فكل ذلك سيسمح للمصاب بالتصلب اللويحي أن يعيش حياة طبيعية وربما يصد أي هجمات جديدة للمرض مدى الحياة.
وواصل: وقد يكون النظام الغذائي علاجاً فعالاً لمرضى التصلب اللويحي، لأنه يمكن أن يساعدهم في علاج مقاومة الأنسولين والتي تعتبر العامل المهم في متلازمة الأيض. كما أنصح بالصيام المتقطع لما له من آثار إيجابية على الجهاز العصبي ووظائف الدماغ، حيث إن بعض الدراسات تشير إلى أن الصيام المتقطع قد يساعد في تقليل الالتهابات، وتقليل عدد بعض الخلايا التائية التي تساهم في الهجوم المناعي في التصلب اللويحي، وتحسين عملية التمثيل الغذائي للدهون.
ودعا إلى ضرورة اتباع نمط متوازن صحي، حيث إن النظام الغذائي المتوسطي هو النظام الغذائي الرئيسي الوقائي للأعصاب، والغني بالفيتامينات والألياف مثل الخضروات والفواكه، والأحماض الدهنية التي تلعب دورًا في تركيب الميالين مثل السمك وزيت الزيتون، والقليل من اللحوم الحمراء والبيضاء. ويفضل تناول مكملات أوميغا 3 لمن لا يأكل السمك. فيما ينصح بالابتعاد عن بعض الأطعمة الضارة بالنسبة لمرضى التصلب مثل المشروبات الغازية، والعصائر المعلبة ذات نسبة السكر العالية، والأطعمة المقلية، والدهون المشبعة، والأطعمة منخفضة الألياف، والأطعمة المصنعة، والأغذية المعلبة، والمواد الحافظة، والغلوتين (القمح والنشويات)، واللاكتوز (منتجات الألبان)، واللكتين (البقوليات). ولا بد من الانتباه إلى أن تناول الصوديوم المرتفع والمتوسط يعرض المريض لتطور حاد بأعراض التصلب اللويحي.
ونوه د. ضياء إلى أن تناول مكملات المغنيسيوم، وخاصة مع فيتامين D، قد يُخفف التهاب الجهاز العصبي، حيث إن المغنيسيوم قد يلعب دورًا في نمو واستقرار الميالين. كما وجدت دراسة أن المغنيسيوم يُساعد في تخفيف التشنجات، وخاصة تململ الساقين في الليل. كما ينصح بتناول المكملات الغذائية الحاوية على البروبيوتيك، لما لها دور في تعزيز الميكروبات النافعة بالجسم.
ولفت إلى أن هناك علاقة بين قلة النوم وكلٍّ من مرض الزهايمر والتصلب اللويحي، فمن المعروف أن قلة النوم ترتبط بضعف القدرة الإدراكية خلال النهار، مما قد يؤثر على قدرة المرضى على التأقلم، لذلك لا بد من الحرص على النوم المبكر والعميق ولو بتناول مكمل غذائي ومن الأهمية الابتعاد عن التوتر والغضب، ونتذكر حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم "لا تغضب ولك الجنة"، وقد يحتاج إلى تناول مكمل غذائي للمساعدة في ذلك أو عمل جلسات سلوكية معرفية. وبالمقابل نجد أن تناول بعض المكملات الغذائية والمعادن قد تؤدي إلى تفاقم التصلب اللويحي عن طريق تحفيز الجهاز المناعي بشكل مفرط. وقد تتداخل بعض المكملات الغذائية مع الأدوية أو الحالات الطبية وقد لا تكون آمنة للاستخدام، كما أن تناول جرعات عالية من أي مكمل غذائي قد يؤدي إلى حدوث مشاكل صحية، ولا ينبغي أبدًا أن تحل هذه المكملات محل أدوية أو علاجات التصلب المتعدد التقليدية، فلا بد من استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل لتحديد ما هو مناسب لك.