حفلات التخرج مناسبة مهمة، تُعبِّر عن تقدير المجتمع والأسرة للعلم، والجهود التي بذلها الطلاب والطالبات من أجل هذه اللحظة، التي تُمثل أيضًا عرفانًا للعمل الكبير المُقدَّم من قِبل جميع أطراف العملية التعليمية (الطلاب والطالبات وهيئة التدريس) في بناء جيل مسؤول، يدفع بعجلة التنمية والنماء.
هذه اللحظات الجميلة والبداية لمرحلة جديدة في حياة الطلاب والطالبات بات يعكرها مؤخرًا مظاهر البذخ المُبالَغ فيها، التي باتت تُشكل عبئًا على الأهل؛ إذ تحوَّلت هذه الاحتفالية من فحواها العلمي إلى مناسبة للتظاهر والبذخ والتبذير؛ ما يؤثر على بناء الشخصية، وتحمُّلها المسؤولية بطريقة أو بأخرى.
وشملت مظاهر البذخ في هذه الحفلات:
- التكلفة المرتفعة: بعض حفلات التخرج باتت مكلفة للغاية؛ إذ يتم إنفاق مبالغ كبيرة على الديكورات، والموسيقى، والطعام، والشراب.
- التباهي والتفاخر: تتحول حفلات التخرج إلى مناسبات للتباهي والتفاخر؛ إذ يتنافس الأهل والطلاب على إظهار الثراء والرفاهية.
- سلوكيات فردية: تؤثر بعض السلوكيات الفردية في حفلات التخرج، وتعكر صفو هذه المناسبات المهمة دون مراعاة للحضور الذي قد يشهد شخصيات اعتبارية.
ومن التأثيرات السلبية لهذه المظاهر:
- ضغط الأسرة: إذ تحولت بعض حفلات التخرج إلى عبء على الأُسر متوسطة الدخل، التي لا تملك القدرة المالية على تحمُّل هذه التكاليف؛ فتصبح بين خيارين، أحدهما إرضاء أبنائها وبناتها حتى لا يحسوا بأنهم أقل من زملائهم وزميلاتهم، أو حرمناهم من هذه اللحظات المهمة في مسيرتهم التعليمية، وهي اللحظات ذاتها التي تحمل ذكريات، تظل مع الطالب والطالبة سنوات طويلة.
- التأثير على القيم: يؤدي التركيز على البذخ والتبذير في حفلات التخرج إلى تشويه القيم الاجتماعية؛ إذ يصبح التركيز على المظاهر الخارجية بدلاً من الإنجاز الحقيقي.
- الإخلال بالالتزام الأخلاقي: تخل المظاهر السالبة التي تشهدها حفلات التخرج بالالتزام الأخلاقي؛ فالجامعة ليست مكانًا للتحصيل العلمي فحسب، بل هي بيئة يُكتسب فيها النضج الفكري، وتتعزز فيها قيم الانضباط والاحترام المتبادَل بين الطالب والمعلم؛ ما يعكس رؤية المجتمع للعلم كمصدر أساسي للارتقاء.
ومن الحلول المقترحة للوقاية من هذه التأثيرات السلبية:
* توعية الطلاب والطالبات بأن حفلات التخرج مناسبات تعكس تقدير المجتمع للعمل، وليست ساحة لاستعراض الإمكانيات المادية.
* ضرورة احترام الخريج والخريجة القيم والمبادئ التي يتعلمها في الجامعة؛ إذ يعكس ذلك قدرته على تحمُّل المسؤولية، وبناء شخصيته كفرد واعٍ ومستعد لتحمُّل مهام أكبر في المستقبل، من خلال عكس ذلك في حفلات التخرج.
* تقليل التكاليف عن طريق اختيار أماكن أقل تكلفة، وتقديم طعام بسيط، وتجنُّب الديكورات المكلفة.
* التركيز على الإنجاز الحقيقي للطلاب، والاحتفال بهم بطريقة بسيطة ومميزة دون مبالغة. وأيضًا التركيز على القيم الحقيقية، والابتعاد عن المظاهر الخارجية؛ إذ يمكننا أن نصل بهذه المناسبات لمعناها الحقيقي؛ لتؤدي هدفها الأساسي الذي أقيمت من أجله بأقل التكاليف.