تتجه أنظار المتابعين للشأن الأمني في المملكة المتحدة والشرق الأوسط نحو محاكم وستمنستر، اليوم (السبت)، حيث يمثل ثلاثة إيرانيين أمام القضاء لمواجهة اتهامات بالغة الخطورة تتعلق بالأمن القومي، وتنهي هذه الاتهامات تحقيقات مكثّفة أجرتها قيادة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة البريطانية "سكوتلاند يارد"، كشفت عن أنشطة مشبوهة يُعتقد أنها مرتبطة بجهاز المخابرات الخارجية الإيراني، وتمحورت الاتهامات الرئيسة حول الانخراط في سلوكٍ يُرجح أنه يهدف إلى مساعدة هذا الجهاز بين منتصف أغسطس من العام الماضي ومنتصف فبراير من العام الجاري، والقصة بدأت باعتقالات تمّت في الثالث من مايو الجاري، لتكشف عن خيوط قضية تمس صميم الأمن الداخلي البريطاني.
الأشخاص المتهمون هم: مصطفى سباهوند (39 عاماً)، وفرهاد جوادي مانش (44 عاماً)، وشابور قله قلي خاني نوري (55 عاماً)، وذكرت الشرطة أن جميعهم يقيمون في عناوين داخل لندن، وتتركز التهم الموجهة إليهم بشكلٍ أساسي على خرق أحكام قانون الأمن القومي الجديد في المملكة المتحدة، الذي يهدف إلى التصدّي لأنشطة الدول المعادية على الأراضي البريطانية، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وإلى جانب تهمة مساعدة جهاز استخبارات أجنبي، يواجه مصطفى سباهوند، تهمة إضافية تتعلق بالانخراط في سلوكٍ يشمل المراقبة والاستطلاع والبحث باستخدام المصادر المفتوحة، وذلك بقصد ارتكاب عمل عنف خطير ضد فرد مقيم في المملكة المتحدة، وهذه التهمة تسلط الضوء على الطبيعة التهديدية للأنشطة المزعومة.
كما وُجهت تهم إلى كل من فرهاد جوادي مانش، وشابور قله قلي خاني نوري، تتعلق أيضاً بالانخراط في المراقبة والاستطلاع، لكن بقصد أن يقوم آخرون بارتكاب أعمال العنف الخطيرة ضدّ شخصٍ في المملكة المتحدة، وهذا يشير إلى دورٍ محتملٍ لهما في عمليات تمهيدية لأعمال عدائية.
وفي سياقٍ متصلٍ بالقضية نفسها، كان هناك رجلٌ رابعٌ يبلغ من العمر 31 عاماً تمَّ اعتقاله في التاسع من مايو الجاري بموجب قانون الأمن القومي، لكنه أُفرج عنه لاحقاً دون توجيه اتهاماتٍ، الخميس الماضي، وهذا التطور يؤكّد الطبيعة المعقّدة والدقيقة للتحقيقات الجارية.
ووصف القائد دومينيك مورفي، المسؤول في قيادة مكافحة الإرهاب بشرطة العاصمة، هذه الاتهامات بأنها "خطيرة للغاية"، وتأتي نتيجة "تحقيقٍ معقدٍ جداً وسريع التطور"، وأشار إلى أن المحققين عملوا بلا كللٍ منذ اعتقال الرجال، بالتعاون الوثيق مع دائرة الادعاء الملكي، للوصول إلى هذه المرحلة من القضية، وأكّد التواصل مع الأفراد المتأثرين مباشرة وتوفير الدعم لهم.
من جهته، أكّد فرانك فيرجسون رئيس قسم الجرائم الخاصة ومكافحة الإرهاب في دائرة الادعاء الملكي، أن الدائرة قد أذنت بتوجيه الاتهامات الجنائية ضدّ المواطنين الإيرانيين الثلاثة بعد مراجعة شاملة للأدلة، التي قدّمتها قيادة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة، وتؤكّد هذه الخطوة قوة الملف القانوني في نظر جهات الادعاء، ومع مثول المتهمين أمام المحكمة، تبدأ فصول قضية قد تكشف عن مزيدٍ من التفاصيل حول أبعاد هذه الأنشطة المزعومة، والتهديدات التي تشكّلها على الأمن في المملكة المتحدة، فإلى أيّ مدى ستصل تداعيات هذه الاتهامات على المشهدَيْن الأمني والسياسي؟