آخر الأخبار

"الهاجري": لا نحتاج إلى مجتمع يصفق للمتطوعين بل إلى مجتمع كله متطوعون

شارك

تساءل الكاتب الإعلامي محمد عائض الهاجري: كيف نغرس روح العمل التطوعي في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكون ثقافة أصيلة لا مناسبة، وسلوكاً لا ترفاً؟

وقال "الهاجري" في مقال نشرته اليوم: إن بناء مجتمع يحتضن التطوع لا يبدأ من الطرقات ولا من الجمعيات، بل يبدأ من البيوت. حين يرى الطفل والده يبذل من وقته وجهده لمساعدة الآخرين، يدرك أن العطاء لا يرتبط بالمقابل، بل بالضمير.

وأردف: حين تغرس المدرسة في وجدان الطلاب أن التطوع ليس نشاطاً جانبياً، بل من صميم بناء الشخصية، نكون قد زرعنا أول بذرة في أرض الوعي بأهمية التطوع ومكانته.

واضاف: العمل التطوعي ليس مجرد توزيع وجبات في شهر رمضان أو تنظيف الحدائق العامة، أو تنظيف شواطئ البحار، بل هو شعور داخلي عميق بالمسؤولية تجاه الآخرين، وانتماء يتجاوز حدود الذات نحو المجتمع كله. إنه مساهمة في ترميم حياة، وسد فجوة، ورسم ابتسامة، وبناء وطنٍ أجمل.

وقال: لعلّ ما نفتقده أحياناً ليس المتطوعين، بل ثقافة التطوع. نحتاج إلى مؤسسات تعليمية تُدرّب لا تلقّن، وإلى إعلام يُبرز التجارب لا يكتفي بالشعارات، وإلى مناهج تضع «الإنسان» في قلب المشروع التربوي. فحين نعلّم أبناءنا أن ساعة تطوع قد توازي في الأثر شهادة علم، نكون قد انتصرنا للفكرة التي تصنع المجتمعات الراقية.

وتابع: كما أن على المؤسسات الرسمية والمجتمعية أن تمنح المتطوع شعوراً بالانتماء، وفرصة للتأثير، لا أن تحصره في أدوار هامشية. فالتطوع ليس ملء فراغ، بل تفعيل طاقة. إنه استثمار في الإنسان، لا استهانة بالوقت.

وواصل قائلاً: لأننا نعيش في عالم سريع التحوّل، بات فيه التحدي الأكبر هو بقاء القيم في ظل تسارع الماديات، فإن العمل التطوعي يظل الحصن الأخير الذي يُذكّرنا بإنسانيتنا، ويعيد تشكيل أولوياتنا، ويمنح الحياة معنى يتجاوز المادة والمنفعة. فإننا مسؤولون - أفراداً ومؤسسات - عن إشعال هذه الشعلة في الأجيال القادمة، لا بوصف التطوع كمهمة، بل كمصدر فخر وهوية.

واختتم الهاجري قائلاً: نحتاج إلى سرد قصص المتطوعين في الإعلام، تكريمهم في المدارس، وتشجيعهم في البيوت، فكل تجربة تطوع تخلق إنساناً مختلفاً، يرى العالم بعين العطاء لا بعين الحاجة. أريد أن أقول حكمة جميلة «من يعطي من قلبه، لا ينتظر تصفيقاً، بل يزرع أثراً لا يزول». وفي النهاية، نحن لا نحتاج إلى مجتمع يصفق للمتطوعين، بل إلى مجتمع كله متطوعون؛ لأن الأوطان تُبنى حين يصبح العطاء عادةً، والتضامن ثقافة، والعمل لأجل الآخرين جزءاً من تعريف الذات.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا