تشهد الدراما السعودية "المسلسلات والأفلام" في الفترة الأخيرة نهضة ملحوظة تعكس تحولاً لافتاً جذب جمهورًا واسعًا لمشاهدتها ومتابعتها داخلياً وخارجياً، مما عزز مكانتها على خارطة الدراما العربية. ولقد تنوعت الأعمال السعودية بين الكوميديا، والدراما الاجتماعية، والتاريخية، وكتبت بأفكار تعبر عن الهوية الوطنية، والقضايا اليومية المعاصرة، وتميزت بجودة الإنتاج، والإخراج والتمثيل، والسيناريو. وأظهرت هذه الأعمال مدى التطور الملحوظ في الدراما السعودية، وتقديم محتوى يعكس الواقع الاجتماعي، والثقافي الحقيقي في المجتمع السعودي.
"سبق" ترصد الدراما السعودية، وتبحث في أسباب نشاطها الملحوظ في الفترة الأخيرة، والذي يمكن تلخيص أبرز أسبابه في مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي وضعت الثقافة والفنون ضمن ركائزها الأساسية، الأمر الذي فتح المجال أمام مختلف الصناعات الإبداعية، لتكون جزءًا من اقتصاد متنوع ومستدام؛ كذلك تزايد الطلب المحلي، وارتفاع وعي المشاهد السعودي، خاصة فئة الشباب، إضافة إلى دخول المنصات الرقمية مثل "شاهد"، "نتفليكس"، و"روتانا" التي أتاحت المجال أمام المنتجين السعوديين للوصول إلى جماهير واسعة، أيضاً ساهم دخول شركات إنتاج سعودية جديدة، وتعاونها مع مخرجين، وكتاب محترفين من الداخل والخارج في رفع مستوى الجودة والاحترافية، مع عودة النجوم الكبار، وظهور مواهب جديدة، وبروز وجوه شبابية جديدة.
لكن ما هو دور الجهات الرسمية السعودية في هذا الازدهار الدرامي؟ وهل هي من الأسباب الرئيسية لهذا النشاط اللافت؟ من الواضح أن لهيئة الإعلام المرئي والمسموع دوراً بارزاً في هذا النشاط الدرامي، حيث قامت بتحديث الأنظمة، وتقديم تسهيلات في التراخيص والإنتاج، مع ضمان معايير الجودة والملاءمة الثقافية، كذلك أطلقت هيئة الأفلام برامج دعم للمبدعين والمشاريع الدرامية، مثل "برنامج الحوافز للإنتاج المحلي والدولي"، و"صندوق دعم الأفلام" وتنظيم مهرجانات ومسابقات محلية لكتابة السيناريو وتمثيل الأعمال الدرامية، والشراكة مع الجهات الإعلامية الكبرى، مثل MBC وRotana، لتسويق المحتوى الدرامي السعودي إقليميًا ودوليًا، وفتح أستديوهات ومدن إعلامية مثل "مدينة الإعلام الإبداعي بالرياض"، التي وفرت بنية تحتية متطورة للإنتاج والتصوير، بما في ذلك توفر التقنيات الحديثة وخدمات ما بعد الإنتاج، والتشجيع من خلال إطلاق مبادرات رسمية لتعزيز حضور الدراما السعودية في الفترات ذات المشاهدة العالية، مثل شهر رمضان.
ويمكن القول إن النشاط المزدهر في الدراما السعودية هو نتيجة مباشرة لتكامل الجهود بين الجمهور، والشركات المنتجة، والمنصات الرقمية، إلى جانب الدعم الرسمي من الدولة، وذلك ضمن رؤيتها الثقافية والاقتصادية الطموحة مما جعل الدراما السعودية حالياً أداة مهمة في نقل صورة ايجابية عن المملكة للعالم، ونافذة حضارية تعكس تطلعات مجتمعها وتنوعه.