آخر الأخبار

دعوى رفعتها الأمم المتحدة و40 دولة ومنظمة.. "العدل الدولية" تحاكم إسرائيل على حصار غزة و"الأونروا"

شارك

تتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى لاهاي، حيث تمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، في مواجهة قانونية محتدمة، على مدار خمسة أيام، سيقدم محامون يمثلون أكثر من 40 دولة ومنظمة حججهم ضد تل أبيب، مطالبين بإصدار رأي استشاري يدين قرارها بوقف جميع أشكال التعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، واعتباره انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، لا سيما في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر، الذي يعتمد بشكل أساسي على "الأونروا" في توفير الغذاء والتعليم والخدمات الصحية لنحو مليوني فلسطيني، ما يضفي على هذه المواجهة القضائية بعداً إنسانياً ملحاً وغير مسبوق.

أزمة تتفاقم

ويُسلّط التحدي القانوني الضوء على قرار إسرائيل في الثاني من مارس بفرض حصار شامل على دخول المساعدات إلى غزة، وهو إجراء أثار إدانات دولية واسعة، ورغم أن الجلسات ستركز على مسألة انتهاك إسرائيل لحصانات هيئة أممية، فإن سياق الأزمة الإنسانية الطاحنة يظل حاضرًا بقوة، وكانت إسرائيل قد قطعت جميع الاتصالات والتعاون مع عمليات "الأونروا" في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية منذ نوفمبر الماضي، استناداً إلى ادعاءات غير مؤكدة بوجود تغلغل لعناصر من حركة حماس داخل الوكالة، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

ويعكس الواقع على الأرض خطورة الوضع، حيث أكد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مؤخراً نفاد مخزونه من المواد اللازمة لإعداد وجبات ساخنة في غزة، ووصف المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، ما يحدث بأنه "مجاعة من صنع الإنسان"، وهو تقييم حذر منه حتى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي قال إنه حث إسرائيل على السماح بدخول الغذاء، وهذه الشهادات تعزز الحجة القانونية ضد إسرائيل وتؤكد على الحاجة الملحة للتدخل الدولي.

تحدي الشرعية

وطلبت 45 دولة ومنظمة، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضياً بشأن شرعية الإجراءات الإسرائيلية، وتُعدّ الولايات المتحدة والمجر الدولتين الوحيدتين اللتين من المرجح أن تدعما الموقف الإسرائيلي في المحكمة، وقدمت إسرائيل دفاعاً كتابياً، لكنها لن تقدم مرافعة شفوية خلال جلسات هذا الأسبوع، مفضلةً على ما يبدو الاكتفاء بتقديم حججها مكتوبة.

وتمثل هذه الجلسات اختباراً مهماً لمدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي، خاصة بعد سلسلة من قرارات محكمة العدل الدولية في يناير ومارس ويونيو التي طالبتها باتخاذ خطوات فورية للسماح بوصول المساعدات إلى غزة دون عوائق. وفي يوليو 2024، أصدرت المحكمة رأياً استشارياً آخر اعتبر احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، لكن إسرائيل تجاهلت هذه الأوامر الاستشارية، مما فاقم أزمة الثقة في مصداقية النظام القانوني الدولي وقدرته على فرض الامتثال، وهذا التحدي العلني لقرارات أعلى هيئة قضائية دولية يثير تساؤلات جدية حول مستقبل القانون الدولي ودوره في حل النزاعات.

حجج متباينة

وتستند الدعوى القانونية التي رفعتها الأمم المتحدة على أكثر من 1500 وثيقة، بما في ذلك محاضر مجلس الأمن والجمعية العامة واتفاقيات تشغيلية تاريخية مع إسرائيل، توضح الوضع القانوني للأونروا ونشأتها ودورها ضمن هيكل الأمم المتحدة، وستُقدم الأمم المتحدة حججها من قبل مستشارتها القانونية الجديدة، المحامية والدبلوماسية السويدية إلينور هامارشولد.

في المقابل، قدمت منظمات مثل "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" دفاعاً عن موقف تل أبيب، زعمت فيه أن إسرائيل لها الحق في إنهاء اتفاقها مع "الأونروا" ومنع أي هيئة أممية من العمل على "أراضيها السيادية"، لا سيما في وقت الحرب، كما جادلت هذه المنظمة بأن إسرائيل "حرة" في اختيار كيفية الامتثال لالتزاماتها بتسهيل المساعدات ولا يتعين عليها بالضرورة القيام بذلك تحت مظلة "الأونروا".

ضغوط أمريكية

وفي خطوة بدت وكأنها رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة قبل بدء القضية، أبلغت وزارة العدل الأمريكية المحكمة الجزئية في نيويورك الخميس الماضي أن "الأونروا" وموظفيها لا يتمتعون بالحصانة في المحاكم الأمريكية، متراجعة بذلك عن موقف سابق لإدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وفي ظل الأزمة الوجودية التي تواجهها "الأونروا"، عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي البريطاني السابق إيان مارتن لإجراء مراجعة شاملة لدور الوكالة المستقبلي ووضعها المالي، فهل تنجح الضغوط القانونية في لاهاي في فك الخناق عن هذه الشريان الإنساني الحيوي، أم ستظل "الأونروا" ومستقبل المساعدات في غزة رهينة التجاذبات السياسية والقانونية؟

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا