آخر الأخبار

"محادثة سرية ثانية".. وزير الدفاع الأمريكي شارك خُطط ضرب الحوثيين مع زوجته وشقيقه ومحاميه الخاص

شارك

في تطورٍ هزَّ أركان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وأثار موجةً عارمةً من التساؤلات حول أمن المعلومات والبروتوكولات المتبعة؛ فضلاً عن حصافة تقدير كِبار المسؤولين، تكشفت تفاصيل جديدة ومُثيرة تتعلق بسلوك وزير الدفاع بيت هيغسيث. لم يمر وقتٌ طويلٌ على الكشف عن حادثة سابقة قام فيها الوزير بمشاركة معلومات حسّاسة حول ضربات عسكرية أمريكية على الحوثيين في اليمن عبر تطبيق المحادثات المشفرة "سيجنال"، حيث تضمنت المحادثة عن طريق الخطأ محرراً صحفياً، حتى ظهرت معلوماتٌ تُفيد بوقوع حادثة أخرى أكثر خطورة ومقلقة على نحو مضاعف.

تشير المعلومات الجديدة، التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً، إلى أن هيغسيث؛ شارك تفاصيل بالغة الحساسية تتعلق بضربات وشيكة ضد أهداف للحوثيين في اليمن، في الخامس عشر من مارس الماضي. ولم تتم هذه المشاركة في محادثة واحدة فحسب؛ بل في محادثة ثانية منفصلة وخاصة للغاية، وهذه المحادثة الثانية، التي تختلف عن سابقتها التي تضمنت طرفاً خارجياً بشكلٍ غير مقصود، وكانت تجمع الوزير بدائرة ضيقة ومحدودة من المقرّبين منه، لتفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات جدية حول طبيعة المعلومات التي يشاركها وزير الدفاع، ومَن يشاركها معهم، والمنصّات التي يستخدمها في ذلك، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمسائل الأمن القومي والعمليات العسكرية الحساسة.

تفاصيل دقيقة

ووفقاً لأربعة مصادر مطلعة على تفاصيل المحادثة تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن المحادثة الثانية المثيرة للجدل، التي جرت عبر تطبيق "سيجنال"، ضمّت زوجة الوزير جينيفر، وشقيقه فيل، ومحاميه الشخصي تيم بارلاتوري، وهذه المحادثة، التي كانت خاصة وتمّ إنشاؤها بوساطة هيغسيث بنفسه في يناير الماضي قبل تثبيته في منصبه، حملت اسم "الدفاع - اجتماع الفريق"، وضمت نحو اثني عشر شخصاً آخرين من دائرته الشخصية والمهنية المقرّبة، واللافت للنظر والمقلق في آنٍ واحدٍ، هو أن الوزير استخدم هاتفه الخاص، وليس هاتفه الحكومي المؤمَّن، للوصول إلى هذه المحادثة الحساسة ومشاركة المعلومات عبرها.

وتؤكّد المصادر أن المعلومات التي تبادلها هيغسيث؛ في هذه المحادثة الخاصة لم تكن مجرد إشارات عامة، بل كانت تفاصيل دقيقة ومحدّدة، وتضمنت هذه التفاصيل، على سبيل المثال، جداول رحلات طائرات F/A-18 هورنت التي كانت ستنفّذ الغارات الجوية ضد أهدافٍ للحوثيين في اليمن، وهذا النوع من المعلومات يمثل جوهر خُطط الهجوم العسكرية، وشاركه الوزير مع أشخاصٍ لا يندرجون ضمن التسلسل القيادي أو التنفيذي المباشر للعمليات، وفي سياقٍ لا يمكن اعتباره قناة اتصالٍ رسمية أو آمنة للتعامل مع مثل هذه البيانات شديدة السرية.

معلوماتٌ حساسة

مشاركة مثل هذه التفاصيل العملياتية الحساسة خارج القنوات الرسمية والمؤمنة، وخاصة عبر تطبيق محادثات خاص وعلى هاتف شخصي، تمثل خرقاً واضحاً للبروتوكولات الأمنية المعمول بها في وزارة الدفاع. كما أنها تُثير تساؤلات جوهرية حول كيفية تقييم وزير الدفاع مخاطر تسريب المعلومات وتأثير ذلك على سلامة القوات المنخرطة في العمليات، وعلى فعّالية الضربات نفسها. فمعرفة جداول الرحلات والتفاصيل العملياتية من قِبل أطرافٍ غير مخولة، حتى لو كانوا من المقرّبين، قد تشكّل ثغرة أمنية يمكن استغلالها من قبل الخصوم لتعريض الخُطط للخطر أو حتى استهداف القوات المشاركة.

وتضيف هذه الحادثة طبقة جديدة من التعقيد والجدل المحيط بأداء السيد هيغسيث؛ منذ توليه مهامه، ولم تكن زوجته جينيفر؛ وهي منتجة سابقة في شبكة "فوكس نيوز"، موظفة رسمية في وزارة الدفاع، ومع ذلك فقد رافقته في رحلات خارجية متعدّدة، وواجهت انتقادات سابقة لمرافقتها زوجها في اجتماعات حساسة مع قادة أجانب، وهذا الأمر بحد ذاته كان قد أثار تساؤلات حول مدى الفصل بين الحياة الشخصية والمهام الرسمية في أعلى مستويات البنتاغون، وتأثير ذلك على سرية المعلومات وطبيعة النقاشات الرسمية.

دائرة المقرّبين

أما شقيق الوزير، فيل؛ ومحاميه الشخصي، تيم بارلاتوري؛ فيشغلان بالفعل وظيفتيْن داخل وزارة الدفاع، ومع ذلك، فإن طبيعة وظيفتيهما لا توضح على الإطلاق سبب حاجتهما أو مبرر اطلاعهما على جداول ضربات عسكرية وشيكة وتفاصيل عملياتية بالغة الحساسية تستهدف الحوثيين في اليمن، وهذا يضع علامة استفهام كبيرة حول معايير المشاركة والاطلاع على المعلومات السرية داخل دائرة وزير الدفاع، وما إذا كانت تستند إلى الحاجة العملية والمعرفة الرسمية، أم إلى معايير أخرى تتعلق بالقرب الشخصي والثقة.

ويُعد الكشف عن وجود هذه المحادثة الثانية، التي شارك فيها هيغسيث؛ معلومات عسكرية شديدة الحساسية مع دائرة شخصية غير رسمية، أحدث فصول سلسلة من التطورات التي وضعت إدارة الوزير وحكمه على الأمور تحت مجهر التدقيق والتمحيص، فبين استخدام هاتفٍ خاص، ومشاركة تفاصيل عملياتية مع زوجته وشقيقه ومحاميه ودائرته المقرّبة، يواجه هيغسيث؛ الآن تحدياً كبيراً لاستعادة الثقة بقيادته وقدرته على حماية المعلومات الأمنية بالغة الأهمية التي تُعهد إليه بحكم منصبه كوزيرٍ للدفاع في أقوى دولة عسكرية في العالم.

تساؤلاتٌ مقلقة

تثير هذه الواقعة تساؤلات أوسع نطاقًا حول الثقافة الأمنية داخل وزارة الدفاع، ومعايير التعامل مع المعلومات المصنفة، والخط الفاصل بين القنوات الرسمية والاتصالات الشخصية للمسؤولين الكبار. فإذا كان وزير الدفاع نفسه يشارك تفاصيل حساسة بهذه الطريقة، فما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لأمن المعلومات على المستويات الأدنى؟ وما التداعيات المحتملة لهذه الخروقات على المصداقية والثقة داخل البنتاغون وبين الحلفاء؟ وهل ستؤدي هذه التطورات إلى إجراء تحقيقات رسمية ومحاسبة فعلية، أم أنها ستمر باعتبارها مجرد خطأ في التقدير؟

إن الأسئلة لا تزال معلقة، ومستقبل هيغسيث في منصبه قد يعتمد على الإجابات التي ستُقدم، والإجراءات التي ستُتخذ لمعالجة هذه الثغرة الأمنية والقيادية المقلقة.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا