آخر الأخبار

الضفة الغربية على حافة الانهيار.. 40 ألف فلسطيني بلا مأوى بعد تدمير إسرائيل منازلهم

شارك

بين أنقاض المنازل المدمرة وحقائب النازحين الممتلئة بالذكريات، تكشف الضفة الغربية عن وجه آخر للأزمة الإنسانية، التي تتفاقم يومًا بعد يوم، عشرات الآلاف من الفلسطينيين وجدوا أنفسهم فجأة بلا سقف يحميهم، بعد أن حوّلهم العدوان الإسرائيلي إلى لاجئين في وطنهم، قاعات الأفراح التي آوتهم صارت تطلب الرحيل، والمدارس لم تعد قادرة على استيعابهم، بينما العالم ينشغل بصراعات أخرى. هنا، حيث تنهار أبسط مقومات الحياة، تُكتب فصول جديدة من المعاناة بصمتٍ مُطبق.

أزمة إنسانية

تشهد الضفة الغربية أكبر موجة تهجير منذ احتلال إسرائيل لها عام 1967، حيث نزح نحو 40 ألف فلسطيني خلال شهري يناير وفبراير الماضيين. وتحولت مخيمات اللاجئين مثل طولكرم ونور شمس إلى مدن أشباح، بعد أن دمرتها الآلات العسكرية الإسرائيلية تحت ذريعة "ملاحقة المسلحين"، والعائلات التي هُجرت قسرًا تجد نفسها اليوم في دوامة من التشرد المتكرر، تنتقل من ملجأ إلى آخر حتى تصل إلى الشارع، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".

وأصبحت المرافق العامة مثل المدارس ومراكز الشباب ملاذًا مؤقتًا للنازحين، لكنها سرعان ما تتحول إلى أزمات جديدة. إدارة هذه المرافق تضطر لاستعادتها مع انتهاء شهر رمضان وبدء الأنشطة الاعتيادية، تاركة العائلات في مواجهة مصير مجهول. محافظ طولكرم عبدالله كميل يعترف بالعجز المالي الذي يحول دون تقديم حلول دائمة، بينما تبحث السلطة الفلسطينية عن حلول مثل وحدات الإيواء المؤقتة التي قد لا تصل قريبًا.

معاناة يومية

تتحول الحياة في الملاجئ المؤقتة إلى كابوس يومي للنازحين. تقاسم المراحيض القليلة بين عشرات العائلات، والنوم على أرضيات باردة بلا خصوصية، ونقص حاد في المواد الأساسية، مثل الفراش والملابس والأدوية. بعض العائلات وجدت نفسها مضطرة للإقامة في مباني غير مكتملة البناء، بلا نوافذ أو أبواب تحميهم من برد الشتاء القارس.

وتتجاوز الانتهاكات الإسرائيلية عمليات التهجير لتصل إلى سرقة الممتلكات الشخصية. السيدة إيمان بشار (64 عامًا) تخسر مدخرات عمرها التي جمعتها على مدى عقد من الزمن لتعليم أطفالها، بعد أن نهبها الجنود خلال دهم منزلها في مخيم نور شمس. الجيش الإسرائيلي ينفي هذه الممارسات بشكل عام، معترفًا بأنها "حالات استثنائية"، لكن الشهادات على الأرض تروي قصة مختلفة.

موارد محدودة

تواجه وكالات الإغاثة الدولية معضلة مستحيلة في توزيع مواردها المحدودة. وكالة الأونروا تكافح لتوفير مساعدات مالية رمزية (265 دولارًا شهريًا) لأكثر الفئات ضعفًا، مع تخصيص أقل من 13% من ميزانيتها للضفة الغربية. منظمات مثل "أطباء بلا حدود" تعمل بعيادات متنقلة، لكنها تصطدم بنقص الأدوية والقيود الإسرائيلية على دخول الإمدادات الطبية.

ويفاقم الحصار الاقتصادي الإسرائيلي من الأزمة، حيث فقد عشرات الآلاف مصادر رزقهم بعد منعهم من العمل داخل إسرائيل. وهذه الوظائف التي كانت توفر دخلاً أعلى من المتوسط المحلي، شكلت شريان حياة لعديدٍ من الأسر الفلسطينية. اليوم، تحولت القدرة على استئجار غرفة بسيطة إلى رفاهية لا يقدر عليها كثيرون.

رفض التوطين

ويواجه مشروع الإيواء المؤقت برفض شعبي واسع، حيث يرى الفلسطينيون في قبوله تنازلاً عن حق العودة إلى ديارهم الأصلية. عصام صدوق، أحد الناشطين في مجال الإغاثة، يحذّر من تحوّل المراكز الجماعية إلى مستوطنات دائمة للنازحين، مثل تلك التي نشأت بعد نكبة 1948. في الوقت نفسه، تستمر القوات الإسرائيلية بفرض وجودها العسكري في بعض المخيمات، معلنة نيتها البقاء لمدة عام كامل.

وبينما تجف منابع المساعدات التي تدفقت خلال رمضان، وتزداد القيود الإسرائيلية صرامة، يجد النازحون أنفسهم في مفترق طرق لا تحتمل خياراته. العودة إلى منازل المدمرة مستحيلة، والبقاء في الملاجئ المؤقتة لم يعد متاحًا، والبدائل المقترحة تفتقر إلى أبسط مقومات الكرامة الإنسانية. في خضم هذا المشهد القاتم، تبرز تساؤلات عن مدى قدرة المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه أزمة إنسانية تزداد تعقيداً كل يوم.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا