في مشهدٍ مأساوي هزَّ الضمير الإنساني، تحوَّلت احتفالات "أحد السعف" الدينية في مدينة سومي الأوكرانية، إلى مذبحةٍ مروّعة بعد أن أطلقت القوات الروسية صواريخ باليستية على قلب المدينة، مخلفة عشرات القتلى والجرحى بين مدنيين عُزَّل. الهجوم، الذي يُعَد الثاني خلال أسبوع، يُسلط الضوء على تصاعد العنف رغم المحادثات الدولية، ويُثير تساؤلاتٍ حول جدوى الدبلوماسية في مواجهة آلة الحرب الروسية.
ضرب صاروخان المنطقة المحيطة بجامعة المدينة، بينما كان السكان يحتفلون بعيد السعف. وتكشف الصور المُرسلة من موقع الهجوم عن مشاهد صادمة: أكياس جثث سوداء مصفوفة على قارعة الطريق، وجثث ملفوفة ببطانيات فضية تحت الأنقاض، وسيارات محترقة تحاول فرق الإطفاء إنقاذ ما تبقى منها، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".
وأعلنت خدمة الطوارئ الأوكرانية مقتل 34 شخصاً، بينهم طفلان، وإصابة 117 آخرين (15 منهم أطفال). ووصف الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي؛ الهجوم، بأنه "جريمة حرب"، مُشيراً إلى استخدام القوات الروسية ذخائر عنقودية لزيادة عدد الضحايا، وهو ما لم تتمكن وكالات إعلامية دولية من تأكيده بشكلٍ مستقل.
أدان قادة العالم الهجومَ بشدة، ووصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ بأنه "ضربة لجهود السلام"، مُحمّلاً روسيا المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب. من جهته، وصف المبعوث الأمريكي الخاص كيث كيلوغ؛ الهجومَ، بأنه "يتجاوز كل حدود الإنسانية".
وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ عن صدمته، قائلاً: "الحرب برمتها كارثة.. نعمل جاهدين لوقفها"، دون أن يوضح ما إذا كان الهجوم مُتعمَّداً أم خطأً تكتيكياً، وهو ما أثار انتقاداتٍ من نشطاء حقوقيين.
وأعقب هذا الهجوم ضربة صاروخية مماثلة في مسقط رأس زيلينسكي (كريفي ريه) أسفرت عن مقتل 20 مدنياً، بينهم 9 أطفال. كما شهدت مناطق: خيرسون ودونيتسك وخاركيف هجماتٍ روسية خلفت قتلى ومصابين.
وحذَّر خبراء عسكريون من أن روسيا تُعد لهجومٍ واسعٍ خلال الأسابيع المُقبلة لتعزيز موقفها التفاوضي، خاصةً بعد رفضها شروطَ الهدنة الأمريكية. وأكّد الدبلوماسيون الأوروبيون أن موسكو "تُعطّل جهود السلام عمداً".
وفي منتدى أنطاليا الدبلوماسي بتركيا، تبادل وزيرا خارجية روسيا وأوكرانيا الاتهامات بانتهاك اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بوساطة أمريكية. وقال سيرغي لافروف: "أوكرانيا تهاجمنا يومياً"، بينما كذَّب نظيره الأوكراني أندري سيبيها؛ الادعاءات، مُعلناً أن روسيا أطلقت 70 صاروخاً و2200 طائرة مسيّرة خلال 3 أسابيع.
وعلى الرغم من تأييد أوكرانيا لاقتراح هدنة أمريكي، تشترط روسيا شروطاً تعدها كييف "غير واقعية"، ما يُعقّد المشهد. وفي بروكسل، تعهدت دولٌ أوروبية بضخ مليارات الدولارات لدعم الجيش الأوكراني، بينما حذّر مسؤولون من أن الوقت "ليس في مصلحة كييف".
وبينما تستمر الأنباء عن ضحايا جدد في سومي، تُعيد المذبحة تسليط الضوء على ثمن الحرب البشري المُرتفع، وتُذكّر العالم بأن الصواريخ لا تُفرّق بين مدني وعسكري، ولا بين احتفال ديني وساحة قتال.
السؤال الآن: هل ستتحوّل الإدانات الدولية إلى ضغوطٍ فعليّة لوقف إطلاق النار، أم ستظل الأرواحُ الأوكرانية رهينة الصراعات الجيوسياسية؟