آخر الأخبار

"إما تقود إلى السلام وإما إلى الهاوية".. ما أهداف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران في عُمان؟

شارك

في ظلّ صمتٍ مُطبقٍ وحراسة أمنية مشدّدة، يُعقَد في العاصمة العُمانية مسقط، اليوم (السبت)، أحد أخطر اللقاءات الدبلوماسية هذا العام، فبعد سنواتٍ من القطيعة والتصعيد، يجلس ممثلو واشنطن وطهران على طاولةٍ واحدة، يحمل كلٌّ منهما أجندته الخاصة ومخاوفه العميقة. هذا اللقاء ليس مجرد جولة تفاوضية عابرة؛ بل قد يكون الفرصة الأخيرة لمنع انزلاق المنطقة إلى هاوية صراعٍ لا تُحمد عقباه.

خلفية الأزمة

تعود جذور الأزمة الحالية إلى ذلك القرار المصيري الذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ في مايو 2018، عندما أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي التاريخي الموقع عام 2015. تبع ذلك فرض أقسى حزمة عقوبات اقتصادية على إيران، مما أدّى إلى شلّ قدراتها المالية وقطعها عن النظام المصرفي العالمي. من جانبها، ردت طهران بتجاوز الحدود المتفق عليها في تخصيب اليورانيوم، وبتقليص تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ولا يتوقع المراقبون السياسيون أن يخرج هذا اللقاء باتفاقٍ شاملٍ أو حتى بإعلان مفصّل. طموحات الجانبين في هذه المرحلة الأولية تتركز على وضع الأسس لمفاوضات مستقبلية أكثر جدية. الهدف المباشر هو الاتفاق على آلية اتصال واضحة، سواء عبر وساطة عُمانية أو عبر لقاءاتٍ مباشرة بين المندوبين. كما يسعى الطرفان إلى تحديد جدول زمني مبدئي للمفاوضات المقبلة، مع ترك التفاصيل الأكثر حساسية لجولات لاحقة، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

شكوك متبادلة

تتميّز الأجواء المحيطة بهذه المفاوضات بمستويات غير مسبوقة من الشكوك المتبادلة. من جهة، تريد الإدارة الأمريكية الحالية تحقيق تقدمٍ سريعٍ يمكّنها من رفع جزءٍ من العقوبات مقابل تجميد الأنشطة النووية الإيرانية. من جهة أخرى، تصرُّ طهران على ضرورة رفع العقوبات أولاً كشرطٍ مسبقٍ لأيّ تنازلات نووية. هذا الموقف يعكسه بوضوحٍ تصريح وزير الخارجية الإيراني الأخير الذي أكّد فيه أن بلاده "مستعدة للتفاوض بجدية"، لكن مع ضمانات أمريكية "واضحة وغير قابلة للتراجع".

وفي الخلفية، تقف إسرائيل كطرفٍ ثالثٍ يتابع التطورات بقلقٍ بالغ. فقد هدّد المسؤولون الإسرائيليون أكثر من مرة بأنهم لن يسمحوا لإيران بالحصول على سلاحٍ نووي تحت أي ظرفٍ. في المقابل، حذّرت طهران من أن أيّ عملٍ عسكري ضدّ منشآتها النووية سيواجه برد ٍسريعٍ وقاسٍ. هذا التوتر المتصاعد يزيد من أهمية اللقاء الحالي، حيث قد يمثل الفرصة الأخيرة لتهدئة الأوضاع قبل فوات الأوان.

سيناريوهات مستقبلية

تؤدي السلطنة دور الوسيط الأمثل في هذه الأزمة المعقدة، نظراً لعلاقاتها المتوازنة مع كل من واشنطن وطهران. تمتلك مسقط خبرة طويلة في الوساطة الناجحة بين الجانبين، كما حدث عام 2013 عندما سهّلت المحادثات السرية التي أدّت لاحقاً إلى الاتفاق النووي. اليوم، يعوّل كثيرون على عُمان في منع انهيار المحادثات، خاصة في ظلّ الأجواء المشحونة بين الطرفين الرئيسَيْن.

ويطرح الخبراء عدة احتمالات لمآلات هذه المفاوضات، تتراوح بين التفاؤل الحذر والتشاؤم الواقعي. السيناريو الأكثر ترجيحاً هو التوصل إلى بيانٍ ختامي غامض يتيح للطرفين المناورة، مع الاتفاق على موعدٍ لجولة تفاوضية ثانية. بينما يرى البعض إمكانية التوصل إلى اتفاقٍ مبدئي حول عودة المفتشين الدوليين، ويحذّر آخرون من أن الفشل في هذه الجولة قد يؤدي إلى تصعيدٍ نووي سريع في المنطقة.

وبينما تُغلق الأبواب على المفاوضين في قاعة مغلقة بمسقط، تظل الأسئلة الكبرى معلقة في الهواء. هل تملك واشنطن وطهران الإرادة السياسية الكافية لتجاوز سنوات من العداء؟ وهل يمكن للدبلوماسية أن تنتصر، حيث فشلت التهديدات والعقوبات؟ الإجابات قد لا تأتي اليوم أو غداً، لكن المؤكّد أن المنطقة تقف على مفترق طرقٍ تاريخي، حيث قد تقود المصافحة البسيطة إما إلى السلام وإما إلى الهاوية.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا