آخر الأخبار

"حرب تجارية عالمية تشتعل".. تعريفات "ترامب" تدخل حيز التنفيذ وتثير موجة من الذعر والخسائر الفادحة

شارك

دخلت التعريفات الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ حيز التنفيذ اليوم، (الأربعاء)، معلنة فصلاً جديداً في الصراع التجاري العالمي، إذ تمثل هذه الإجراءات التي تتعارض مع قوانين منظمة التجارية العالمية، منعطفاً يمكن أن يُعيد تشكيل ملامح الاقتصاد الدولي وسط موجة من التقلبات والاضطرابات والذعر تهز أسواق المال وتثير مخاوف الركود في أرجاء العالم.

تأثير شامل

شهدت الأسواق العالمية تأثراً بالغاً مع تنفيذ التعريفات الجديدة التي فرضت رسوماً جمركية تصل نسبتها إلى 104% على سلع صينية، مما عزّز من حدّة الحرب التجارية التي يخوضها ترامب مع الصين والدول الأخرى. وفي إطار إستراتيجية "الرد بالمثل"، تتصاعد التوترات حيث تتخذ هذه الإجراءات طابع الرد الانتقامي على سياسات ما يُنظر إليها كـ "استغلال" للمصالح الأمريكية. قاد هذا القرار إلى تقويض النظام التجاري العالمي الذي ارتكز لعدة عقود على مبدأ الانفتاح والتنافسية، مما أثر سلباً في الثقة بين الموردين والمستوردين عالمياً، وفقاً لـ"رويترز".

وعلى خلفية هذه التغيرات، تراجعت أسواق الأسهم بشكلٍ دراماتيكي؛ فقد سجّل مؤشر S&P 500 انخفاضاً قياسياً يقارب 6 تريليونات دولار منذ الإعلان عن هذه الإجراءات، مما يجعل المؤشر على مشارف السوق الهابط المعروف بانخفاضه بنسبة 20% عن أعلى مستوياته. وفي آسيا، انطلقت موجة من الهبوط مع انخفاض مؤشر نيكي قرابة 3% وتعثر عملة كوريا الجنوبية لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال ستة عشر عاماً. كما شهدت سندات الحكومة خسائر فادحة؛ حيث لجأ المستثمرون إلى تحصين أوضاعهم بالنقد في مواجهة تبعات الضغوط الاقتصادية المتزايدة.

جدول الاستهداف

سمحت هذه الإجراءات المتخذة من قِبل الإدارة الأمريكية بتوجيه رسالة قوية إلى الدول الأخرى، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة الذين لم يكونوا في المرتبة الأولى على جدول الاستهداف. فقد شملت القائمة دولاً ذات صلة وثيقة بالاقتصاد الأمريكي، مثل الاتحاد الأوروبي، الذي فُرضت عليه رسومٌ بنسبة 20%، إضافة إلى تعريفات خاصة على بعض القطاعات. وفي سياق محاولات التفاوض، أعلن ترامب؛ جدوله لمحادثاتٍ مع كوريا الجنوبية واليابان؛ إضافة إلى زعمه بأنها ستجبر القوى التجارية الكبرى على الدخول إلى ميدان المفاوضات بهدف إعادة التوازن إلى العلاقات التجارية الأمريكية.

وتظهر الاستعدادات الآن للنقاشات التجارية مع الدول المستهدفة بوضوح؛ إذ يتجسّد ذلك في الزيارات الدولية المخطط لها، مثل رحلة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني؛ واللقاءات المرتقبة مع نواب الحكومات في آسيا، مثل نائب رئيس وزراء في فيتنام، المركز التصنيعي منخفض التكلفة الذي يصارع مع أعلى الرسوم العالمية. وزادت هذه التحركات من احتمالات حدوث مصالحات جديدة قد تُعيد رسم خرائط التجارة العالمية أو تضيف بُعداً جديداً لصراع الأسعار بين العملات، كما يتضح من تصريحات مسؤولين عالميين.

تداعيات واسعة

ويبرز أن الضغوط الناتجة من هذه التعريفات قد تحمل تبعات جسيمة؛ ليس فقط على الأسواق المالية، بل على المستهلكين الأمريكيين أيضاً، الذين من المرجح أن يتحمّلوا ارتفاع الأسعار على مختلف السلع بدءاً من الأحذية الرياضية وصولاً إلى النبيذ. وفي الوقت نفسه، سعت بعض البنوك المركزية مثل تلك في نيوزيلندا والهند إلى تخفيف وقع هذه السياسات برفع مستويات السيولة عبر تخفيض أسعار الفائدة، في خطوة قد تمهّد لردود فعل نقدية أكثر شمولاً من قِبل الجهات التنظيمية والسياسية العالمية.

ولم تقتصر التداعيات على الجانب المالي وحسب؛ بل اجتاحت موجة من إعادة ترتيب الأولويات السوقية الشركات الكبرى المتأثرة، إذ حرصت المؤسسات المالية على تعزيز الإجراءات الاحترازية وحماية مصالحها في مواجهة الظروف غير المستقرة.

كما جاءت الخطوات الطارئة من حلفاء الولايات المتحدة، مثل كوريا الجنوبية، التي أعلنت حزمة من الإجراءات العاجلة لصانعي السيارات تضمن تخفيضات ضريبية وإعانات فورية، مغامِرةً في إعادة تأهيل القطاعات المتضرّرة من التصعيد التجاري.

وتستلزم التطورات الراهنة مراقبة دقيقة لمدى استمرار ضغوط الحرب التجارية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، حيث يظل كثيرٌ من السلع في طور النقل معفاة من الرسوم الجديدة حتى موعدٍ محدّدٍ، مما قد يؤدي إلى تأخير التأثير الكامل لهذه السياسات. وبينما يخيم ضوء الشك على الاستقرار الاقتصادي، يبقى التساؤل الأبرز قائماً: هل ستؤثر هذه الإجراءات بشكلٍ حاسمٍ في إعادة الموازين التجارية أم ستظل محط جدلٍ ونزاعٍ بين القوى الاقتصادية العظمى؟

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا