يشهد قطاع الابتكار في المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا في إطار رؤية 2030، حيث ازدهرت المبادرات والمسابقات والهاكاثونات، إلى جانب تأسيس العديد من المراكز والشركات الداعمة للمبتكرين، ومع هذا التطور، يبرز غياب إطار تنظيمي واضح يمنح تراخيص لمزاولة النشاط، ويحدد الضوابط اللازمة، مما يشكل تحديًا رئيسيًا قد يهدد حقوق المبتكرين، فبدون تنظيم واضح، تنشط جهات غير مؤهلة أو غير ملتزمة بحماية حقوق الملكية الفكرية، مما يعرض المبتكرين لمخاطر العقود المجحفة والاستغلال.
وفي هذا السياق، أوضح جابر بن علي المالكي، المهتم بمجال الابتكار، في حديثه لـ"سبق" أن غياب التشريعات المنظمة لمراكز الابتكار والمسابقات الابتكارية قد يعرّض المبتكرين لمخاطر كبيرة، سواءً من خلال عقود غير عادلة أو انتهاكات مباشرة لحقوقهم الفكرية، خاصة في ظل ضعف الوعي القانوني لدى بعض الشباب الطموح.
وأكد "المالكي" أن هناك حاجة ملحّة إلى لوائح تنظيمية إلزامية تضمن الشفافية والعدالة، مع فرض رقابة مستمرة وفعالة من قبل الجهات المختصة، للحد من تضارب المصالح وضمان الالتزام بالمعايير والاشتراطات القانونية لممارسة النشاط.
وأضاف "المالكي": "الابتكارات في المملكة تشهد ازديادًا ملحوظًا، إلا أن نسبة قليله منها تتحول إلى منتجات تجارية، وهو ما يعكس تحديات كبيرة في استثمار العقول المبدعة بشكل فعّال، وأن أبرز هذه التحديات يتمثل في تردد رجال الأعمال والمستثمرين في تبني الاختراعات في مراحلها المبكرة، وتحويلها إلى مشاريع تجارية ناجحة، نتيجة لغياب منظومة متكاملة تربط الابتكار برأس المال. فالمخترعون والمبتكرون في الغالب ليسوا رجال أعمال، ويواجهون صعوبات في المراحل اللاحقة مثل إعداد دراسات الجدوى، والتسويق، وإدارة التنفيذ، مما يعيق تحويل أفكارهم إلى مشروعات ناجحة ومستدامة".
وأكد "المالكي" أن تحفيز الابتكار يتطلب تقديم حوافز استثمارية، تشمل الإعفاءات الضريبية والدعم المالي للمراكز التي تلتزم بالاشتراطات والضوابط اللازمة، مما يساهم في دعم المبتكرين على تحويل أفكارهم إلى مشاريع اقتصادية ذات أثر مستدام، مؤكداً على أن إقرار نظام لتراخيص مراكز دعم الابتكار والمسابقات ووضع معايير واضحة لمزاولة النشاط لن يشكل عائقًا لريادة الأعمال، بل سيسهم في تعزيز الثقة بالقطاع، وحماية المبتكرين من العشوائية، وتهيئة بيئة أكثر تنظيمًا واحترافية، وأن المملكة يمكنها الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال .
ودعا "المالكي" الجامعات السعودية إلى تأسيس شركات متخصصة تستثمر في أبحاث وابتكارات طلابها، بحيث تتولى هذه الشركات دعم المراحل التالية للابتكار، من خلال توفير الموارد والخبرات اللازمة لتحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة، مضيفاً أن إبداعات الطلاب غالبًا ما تواجه صعوبات في التحول إلى منتجات تجارية بسبب غياب الدعم المؤسسي الفعّال في مراحل ما بعد الابتكار، كما ذكر أن السياسات الحالية لبعض الشركات المملوكة للجامعات، لا تزال متحفظة على الاستثمار في الابتكارات والاختراعات في مراحلها الأولية، مما يحرمها من الاستفادة من الأفكار الإبداعية لطلابها.
واختتم "المالكي" حديثه بالتأكيد على أن تطوير بيئة تشريعية واضحة لمراكز الابتكار، وربطها بمنظومة استثمارية داعمة، سيمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق اقتصاد قائم على المعرفة، وتعزيز مكانة السعودية كمركز عالمي للابتكار وريادة الأعمال.