لا تُذكر الطُرفة العربية دون أن يكون لأشعب نصيبٌ منها، فهو رمز الطمع الذي لا يشبع، والنُكتة التي لا تنتهي. ومن بين الحكايات الطريفة التي تُروى عنه، قصته مع صديقه الذي استضافه على مائدة متواضعة، لكن طمع أشعب قلب الطاولة على رأس صاحبها!
حلَّ أشعب ضيفاً على صديقٍ كريمٍ؛ رحّب به وقدّم له أربعة أرغفة، ثم تركه للحظات ليحضر له بعض اللحم. عاد المضيف بعد قليل، فلم يجد للأرغفة أثراً؛ لكن كرم الضيافة لم يمنعه من تقديم الطبق الثاني، فذهب ليحضر اللحم. غير أن المفاجأة الكبرى كانت في انتظاره، فعندما عاد وجد أن اللحم قد اختفى بدوره! لم يتبقَ سوى أشعب يربت على معدته الممتلئة بعلامات الرضا.
لم يستطع المضيف إخفاء دهشته، لكنه آثر الصمت، مكتفياً بمراقبة ضيفه الذي بدا كمَن أتمّ مهمته بنجاح. وبينما كان أشعب يتهيّأ للرحيل، سأله صديقه:
- إلى أين أنت ذاهبٌ؟
استغرب الصديق وسأله عن السبب، فقال أشعب: بلغني أن هناك طبيباً بارعاً في علاج المعدة، وقد بدأت أشعر بوجعٍ خفيفٍ بعد هذا الطعام.
ضحك المضيف ساخراً، وقال: إذا ذهبت وأصلحت معدتك، رجاءً لا تُكلّف نفسك عناء العودة إلينا!
لم تكن هذه القصة الوحيدة التي تعكس طمع أشعب، فقد عُرف عنه شراهته للمال والطعام، حتى بات مضرب المثل في الطمع. لم يكن مجرد شخصية فكاهية، بل تجسيدٌ للطبع البشري الذي لا يرضى بالقليل، ويسعى دائماً لمزيدٍ، حتى لو على حساب الآخرين.
في النهاية، لا أحد يعرف إن كان أشعب قد ذهب حقاً إلى الشام لعلاج معدته، لكن المؤكّد أنه لم يُشفَ من طمعه أبداً!