آخر الأخبار

في ظل "حُمَّى التسوُّق" في بداية الشهر الكريم.. كيف غيَّرت التكنولوجيا عادات التسوُّق في السعودية؟

شارك

قبل سنوات كان مشهد الأسواق الرمضانية التقليدية في السعودية جزءًا لا يتجزأ من أجواء الشهر الكريم.

الأضواء المبهرة، حركة الزوار التي لا تهدأ وتنافس الباعة في عرض التمور والمستلزمات الرمضانية شكَّلت طقوسًا اعتادها السعوديون لعقود.

لكن عادات التسوق الآن تغيرت تمامًا.

فبلا شك نجحت رؤية السعودية 2030م في تحقيق تقدم خارق في (الحكومة الرقمية) بشكل عام.

لم يعد السعوديون بحاجة للتنقل بين الأسواق المزدحمة؛ فكل ما يحتاجون إليه بات متاحًا عبر تطبيقات التجارة الإلكترونية، من المواد الغذائية إلى الملابس، وحتى مستلزمات الزينة الرمضانية.. بل أصبح من الممكن الحصول حتى على اللوازم الضخمة بالتوصيل السريع.

هذا التغير الجذري في سلوك المستهلك السعودي نتيجة مباشرة للتحول الرقمي الذي تقوده رؤية 2030؛ إذ أطلقت مبادرات تدعم رقمنة القطاعات الحيوية، وتفوقت في الترتيب العالمي؛ وذلك ما جعل التسوق الإلكتروني الخيار الأول للكثيرين.

طفرة في التجارة الإلكترونية: الأرقام تتحدث

وفقًا لبيانات وزارة التجارة السعودية، شهد قطاع التجارة الإلكترونية نموًّا بنسبة 17.47% في 2024 مقارنة بالعام الماضي؛ ليرتفع عدد السجلات التجارية الرقمية إلى 40.697. كما ارتفعت معاملات الدفع الإلكتروني بنسبة 30% خلال شهر رمضان؛ ما يعكس إقبالاً غير مسبوق على المنصات الرقمية.

لكن هل أدى هذا التحول إلى تغيير جوهر عادات التسوق الرمضانية في السعودية؟

الأسواق التقليدية تفقد زخمها

لطالما كانت الأسواق الشعبية والتقليدية عمومًا تُمثل جزءًا من تجربة رمضان في السعودية؛ إذ اعتادت العائلات على التجول بين البسطات، وشراء مستلزماتها، والاستمتاع بالأجواء الرمضانية الروحانية.. لكن مع انتشار التجارة الإلكترونية تغيَّر المشهد تمامًا.

هذا التحول يعكس التغير الأوسع في العادات الاستهلاكية؛ إذ لم تعد الأسواق تعج بالمتسوقين كما في الماضي، بل أصبحت العروض الرقمية والخصومات عبر التطبيقات أكثر جذبًا للعائلات، خاصة مع توافُر خيارات التوصيل السريع.

وفي هذا السياق يرى خبراء الاجتماع أن التحول الرقمي لم يُغيِّر فقط أساليب التسوق، بل أثر أيضًا على العادات الرمضانية التقليدية.

ومع تزايُد سهولة الوصول إلى كل شيء عبر الإنترنت بدأت بعض الطقوس الرمضانية تتلاشى تدريجيًّا.

وهذا نتاج طبيعي؛ إذ أصبح التواصل عن بُعد بديلاً للزيارات المنزلية في أوقات كثيرة.

هل التكنولوجيا جعلت رمضان أكثر سهولة أم أفقدته نكهته؟

بالرغم من أن التجارة الإلكترونية والتطبيقات الذكية سهَّلت الحياة بشكل كبير إلا أن هذا التحول الرقمي يطرح تساؤلات حول تأثيره على روح رمضان الأصيلة.

هل أضافت التكنولوجيا بُعدًا إيجابيًّا من خلال توفير الوقت وتخفيف الأعباء، أم إنها سلبت رمضان شيئًا من خصوصيته وتقاليده؟

يبدو أن الإجابة تعتمد على منظور كل فرد.. فبينما يرى البعض أن التحول الرقمي جعل رمضان أكثر مرونة وسهولة يرى آخرون أن هذه التغييرات أدت إلى تراجع بعض الطقوس الرمضانية التي كانت جزءًا من هوية الشهر الكريم.

المستقبل: مزيد من الرقمنة أم عودة للأسواق التقليدية؟

مع استمرار تطوُّر التكنولوجيا، وزيادة الاعتماد على التجارة الإلكترونية، قد يصبح التسوق التقليدي مجرد ذكرى لماضٍ جميل. ومع ذلك، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستعود الأسواق الرمضانية لاستقطاب الزوار مع الوقت، أم إن الرقمنة ستواصل فرض نفسها كجزء من تجربة رمضان الحديثة؟

وكيف يجب على الأسواق التقليدية أن تجدد حضورها، أم ستتحول في أغلبها للتسوق الإلكتروني؟.. وهذا بالمناسبة أصبح توجهًا للكثير من البراندات الشهيرة.

وما هو مؤكد أن رمضان في السعودية لن يكون كما كان قبل عقد من الزمان؛ فالتحولات الرقمية التي يشهدها اليوم ترسم ملامح مستقبل مختلف؛ إذ يلتقي التراث بالتكنولوجيا في مزيج فريد، يواصل التطور عامًا بعد عام.

وفي النهاية يبقى رمضان روحانيًّا أكثر منه شكليًّا، وتبقى جوهرية "التواصل الاجتماعي" و"التسوق" أسلوبًا لتسهيل الحياة في الثانية، وسمة أصيلة في الأولى، تتميز بها السعودية بحكم التقاليد والعادات العريقة.

سبق المصدر: سبق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا