يؤكد الكاتب الصحفي خالد بن علي المطرفي، أنه في الوقت الذي يحاول فيه بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة، الفرار من الاستحقاقات السياسية والدبلوماسية التي تلاحقه داخليًا وخارجيًا، أتى بيان وزارة الخارجية السعودية ليعيد ترتيب الأوراق، ويضع حداً لمزايدات نتنياهو السياسية التي يحاول الهروب من مأزق غزة بالتصعيد السياسي، ويرفض الكاتب كل تصريحات نتنياهو بشأن التطبيع، ومؤكدًا على ما جاء حاسمًا وقاطعًا وواقعيًا في البيان السعودي: "لا تطبيع بلا دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي مقاله "نتنياهو يهرب إلى الأمام.. والسعودية تعيد ضبط البوصلة السياسية" بصحيفة "الرياض" يقول "المطرفي": "منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، أمعنت الحكومة المُتطرفة في سياسات التدمير الممنهج والتصفية الجسدية للمدنيين، في مشهد يعكس فشلًا عسكريًا لا يقل عن الفشل السياسي الذي يواجهه نتنياهو داخليًا، وبينما يتصاعد الضغط الدولي على إسرائيل، كان لا بد لهذا "الشخص الهستيري"، من إعادة توجيه البوصلة نحو محاولة افتعال معارك جانبية، متوهمًا أن بإمكانه فرض واقع جديد في المنطقة عبر التصعيد السياسي.. لجأ رئيس وزراء الاحتلال إلى التلويح بأحد أكثر الملفات حساسية، وهو ملف التطبيع، ظنًا منه أن بإمكانه التلاعب بالأولويات السياسية الإقليمية، لكن الرد السعودي جاء حاسمًا وقاطعًا وواقعيًا: "لا تطبيع بلا دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، وهي الرسالة، التي حملها بيان الخارجية السعودية (الأحد)، وهي ليست موقفًا مستجدًا، بل تأكيد جديد على سياسة راسخة لم ولن تخضع للمساومة أو الابتزاز السياسي الذي يحاول نتنياهو ممارسته للهروب من أزماته المتلاحقة".
ويضيف "المطرفي " قائلاً: "حاول نتنياهو في مقابلته الأخيرة التلاعب بالمفاهيم السياسية، مستخدمًا أسلوب "التضليل الاستراتيجي" في حديثه عن فرص السلام والتطبيع، متناسيًا أنه يقود حكومة هي الأكثر تطرفًا في تاريخ هذا الكيان المزعوم، وأنه المسؤول الأول عن المجازر المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.. في أكثر من مقال كتبته العام الماضي، أكدت فيه أن الموقف السعودي في القضية الفلسطينية لا يقبل المساومات، أو الضغوط مهما كان حجمها، ووُضِعَت النقاط على الحروف بجلاء تام، فأي حديث عن التطبيع لا يمكن أن يكون بمعزل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأي محاولات للالتفاف على عملية السلام لن تجد سوى الرفض القاطع من الرياض، ومن العالم العربي والإسلامي برمّته".
ويحذر "المطرفي" نتنياهو من الظن بأن الموقف السعودي دبلوماسي ظرفي، ويقول: "إن موقف السعودية ليس موقفًا دبلوماسيًا ظرفيًا، بل هو موقف مبدئي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وإلى الثوابت التي لطالما كانت محور السياسة الخارجية للمملكة تجاه القضية الفلسطينية، ولعل التصريحات والإدانات العربية والإسلامية الجارفة التي أيدت موقف الرياض جاءت لتؤكد أن العالم العربي والإسلامي يقف خلف بلادنا، باعتبارها حجر الأساس في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وليس كما يتوهم نتنياهو أن بمقدوره خلق فجوات داخل الصف العربي أو الترويج لروايات مضللة حول مسارات السلام.
ويضيف الكاتب: "لم يكتفِ نتنياهو بمحاولة التلاعب بملف التطبيع، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عبر تصريحاته التي تروج لفكرة التهجير القسري للشعب الفلسطيني، في خطوة تعكس ذهنية التطرف التي تحكم تفكيره السياسي، وهذه التصريحات، التي استدعت إدانة عربية وإسلامية واسعة، لم تكن سوى محاولة أخرى منه لصرف الأنظار عن جرائمه المستمرة في غزة، حيث تجاوز عدد القتلى والجرحى 160 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، في إحدى أبشع المجازر الجماعية في التاريخ الحديث.. لكن هل يعتقد نتنياهو أن مثل هذه التصريحات يمكن أن تمر دون رد؟ بيان الخارجية السعودية جاء ليؤكد أن المملكة لا تقبل المساس بحقوق الفلسطينيين، ولا تسمح أن تتحول هذه القضية إلى ورقة تفاوضية في حسابات ضيقة، ولن تتهاون مع أي محاولات تهدف إلى تصفيتها القضية أو الانتقاص من حقوق الفلسطينيين في أرضهم.
ويؤكد "المطرفي" أنه: "وبينما يواصل نتنياهو هروبه من الاستحقاقات، ويبحث عن مخارج سياسية عبر تصريحات جوفاء، فإن الرياض تثبت مجددًا أنها الطرف الأكثر قدرة على فرض إيقاع منطقي وعادل لملف السلام في المنطقة، فسياسة دولتنا ليست سياسة انفعالات أو تكتيكات مؤقتة، بل هي سياسة تستند إلى ثوابت واضحة".
وينهي "المطرفي" مؤكدًا: "لن تغير تصريحات نتنياهو شيئًا من الواقع، ولن تمنحه طريقًا للهروب من فشله السياسي والعسكري، فالمعادلة واضحة، وهي أن السعودية لا تتعامل مع التطبيع كورقة مساومة، ولا تقبل أن يكون السلام مسارًا أحاديًا يخدم أجندة الاحتلال، ومن أراد الحديث عن المستقبل السياسي للمنطقة، فعليه أن يبدأ بالاعتراف الكامل بحقوق الفلسطينيين، وإلا فإن كل محاولات الالتفاف والمراوغة ستظل مجرد سراب سياسي لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة لحكومة الاحتلال".