مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ تبقى الذكريات التي خلفها محل جدلٍ وانقسامٍ بين الأمريكيين؛ بين مَن يرون في رئاسته عودة إلى الاستقرار واللياقة السياسية، ومن يعدّونها فترة مليئة بالأزمات الاقتصادية والسياسية، يكشف استطلاعٌ حديثٌ النقاب عن أبرز ما عَلِقَ بأذهان المواطنين عن فترة حكم بايدن؛ فما أبرز الذكريات التي شكّلت إرثه؟ وكيف انقسمت الآراء بين مؤيديه ومعارضيه؟
أظهر استطلاعٌ أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، بالتعاون مع شركة "إيبسوس"، أن ذكريات الأمريكيين عن رئاسة بايدن؛ انقسمت بشكلٍ حادٍ على أسس حزبية. الناخبون الجمهوريون، وخصوصاً مؤيدي ترامب؛ كانوا الأكثر انتقاداً لبايدن؛ حيث ركّزوا على قضايا، مثل: الهجرة، والاقتصاد، وتدهور الحالة الصحية للرئيس. في المقابل، أبرز الناخبون الديمقراطيون إيجابيات عهد بايدن؛ مثل تعاطفه مع المواطنين، ومحاولاته لتحسين الاقتصاد بعد جائحة كوفيد-19.
وأشار 14% من المشاركين في الاستطلاع إلى عمر بايدن؛ وتراجعه الإدراكي كأبرز ما يتذكرونه عنه. عديدٌ من الجمهوريين وصفوه بأنه "غير قادر على فهم ما يحدث حوله"، بينما أعرب بعض الديمقراطيين عن قلقهم من أن عمره قد أثّر في فعّاليته كرئيس. كما تذكر كثيرون أداءه الضعيف في المناظرات الرئاسية، الذي اعتبره بعضهم نقطة تحوُّل في تقييمهم لقيادته.
الاقتصاد كان إحدى أبرز القضايا التي شغلت بال الأمريكيين خلال رئاسة بايدن، بينما أشاد بعض الديمقراطيين بتحسُّن الاقتصاد بعد الجائحة، انتقد الجمهوريون ارتفاع التضخم وأسعار الوقود. وقال أحد الناخبين: "التضخم، التضخم، التضخم"، بينما ذكر آخر: "عمل بجد لمصلحة الطبقة المتوسطة". هذه الانقسامات تعكس التحديات الاقتصادية التي واجهتها إدارة بايدن؛ التي تركت آثاراً واضحة على تقييم المواطنين لفترة ولايته.
وتصدّرت قضية الهجرة ذكريات عديدٍ من الأمريكيين، وخصوصاً الجمهوريين، حيث انتقدوا سياسات بايدن التي أدت، وفقًا لهم، إلى "حدود مفتوحة" وارتفاع كبير في أعداد المهاجرين غير الشرعيين. أحد الناخبين وصف الوضع، بأنه "خرج عن السيطرة"، بينما أعرب آخر عن قلقه من "ارتفاع الهجرة غير الشرعية". هذه الانتقادات تعكس التوترات المستمرة حول سياسات الهجرة في الولايات المتحدة.
تذكّر عديدٌ من الأمريكيين سياسات بايدن الخارجية، خصوصًا انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، ودعم أوكرانيا وإسرائيل. البعض وصف الانسحاب من أفغانستان بأنه "مروّع"، بينما انتقد آخرون إنفاق مليارات الدولارات على الحروب الخارجية بدلاً من حل المشكلات الداخلية. كما أثارت الحرب في غزة قلقاً لدى بعض الديمقراطيين، الذين انتقدوا دعم بايدن لإسرائيل خلال الصراع.
وعلى الرغم من أن قلة من الأمريكيين تذكروا جهود بايدن في التعافي من جائحة كوفيد-19، إلا أن أولئك الذين فعلوا أشادوا بجهوده لإنقاذ الاقتصاد وتجنب الركود. كما ذكر البعض إنجازات تشريعية، مثل قانون البنية التحتية وإلغاء ديون الطلاب، التي تركت أثرًا إيجابيًا لدى بعض المواطنين.
لم يغب موضوع الفساد عن ذكريات بعض الأمريكيين، حيث اتهمه البعض بالفساد وإثراء عائلته. أحد الناخبين وصفه بأنه "مجرم"، بينما انتقد آخرون العفو الذي منحه لابنه. هذه الاتهامات، وإن كانت غير مثبتة، تركت أثرًا سلبيًا في صورة بايدن لدى بعض الناخبين.
وترك جو بايدن إرثًا معقدًا يتشكّل من ذكريات متناقضة بين مؤيديه ومعارضيه. وبينما يرى البعض في رئاسته عودة إلى الاستقرار والمسؤولية، يرى آخرون أنها كانت فترة مليئة بالتحديات والأزمات، مع مرور الوقت، قد تتغيّر هذه الذكريات، لكنها تظل شاهدة على انقساماتٍ عميقة في المجتمع الأمريكي.