ألقى الرئيس المنتخب دونالد ترامب خطابًا مطولًا خلال مؤتمر المحافظين في مدينة فينيكس، أمس، قدّم فيه رؤيته الشاملة لفترة ولايته الثانية، ووصف خطابه بأنه "معاينة صغيرة للثورة المنطقية" التي سيقودها، مؤكدًا عزمه على إغلاق الحدود، تقليص اللوائح الفيدرالية، خفض الضرائب، ومقاضاة خصومه. وأضاف ترامب أنه سيعمل على "إيقاف الصحوة" و"إنهاء جنون المتحولين جنسيًا"، في تصريحات أثارت تفاعلًا واسعًا.
وخلال الخطاب الذي استمر 90 دقيقة ضمن فعاليات مهرجان أمريكا، وهو مؤتمر سنوي تنظمه مجموعة نقطة تحول الولايات المتحدة المحافظة، وصف ترامب فوزه الانتخابي بأنه بداية "عصر ذهبي جديد لأمريكا". قال ترامب: "سننهي الاحتلال، وسيكون يوم 20 يناير يوم تحرير لأمريكا"، وسط هتافات حماسية من الحضور. وتخللت الخطاب وعود حملت نبرة انتصار ورفضًا حاسمًا لخصومه الليبراليين، الذين وصفهم بـ"المتحيرين".
وعاد ترامب للتأكيد على سياساته المتشددة في ملف الهجرة، التي طالما كانت محور حملاته الانتخابية. وكرر مزاعمه بأن بعض الدول تُرسل سجناءها ومصحاتها النفسية إلى الولايات المتحدة، متعهدًا ببدء "أكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد" فور توليه منصبه. وأضاف: "في يومي الأول سأوقع مجموعة تاريخية من الأوامر التنفيذية لإغلاق حدودنا."
إلى جانب قضايا الهجرة، خصص ترامب جزءًا كبيرًا من خطابه لمهاجمة سياسات التنوع، واصفًا إياها بأنها "خدعة". وأكد عزمه "إنهاء جنون المتحولين جنسيًا" وإلغاء القوانين التي تحمي حقوقهم، مما أثار موجة من الانتقادات من منظمات حقوق الإنسان.
وفي ملف الاقتصاد، أشاد ترامب بما أسماه إنجازات أمريكا الكبرى، مستشهدًا بقناة بنما كمثال على الابتكار. وأعلن عزمه إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية وبناء بنية تحتية حديثة، بالإضافة إلى خفض الضرائب لتحفيز النمو الاقتصادي.
كما هاجم ترامب الإعلام، متهمًا إياه بنشر "الأخبار المزيفة" و"التضليل"، معتبرًا أن الإعلام هو خصمه الأكبر في رحلته نحو استعادة أمريكا. واختتم ترامب الخطاب بقوله: "هذه ليست ثورتي وحدي؛ إنها ثورة الشعب الأمريكي بأكمله."
وأثار خطاب ترامب تفاعلاً واسعًا بين مؤيديه وخصومه. رحب المحافظون بخطابه، مشيدين بتركيزه على حماية القيم التقليدية والأمن القومي. وأثنت بعض الجماعات على خططه لمكافحة الهجرة غير الشرعية، معتبرة إياها خطوة ضرورية للحفاظ على سيادة البلاد.
وعلى النقيض، أعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها الشديد من سياسات ترامب المعلنة. ووصفت تصريحاته حول المتحولين جنسيًا بأنها "تمييزية"، محذرة من تداعياتها على الفئات المهمشة في المجتمع. وأكدت أن خططه لترحيل المهاجرين قد تؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأثارت تصريحات ترامب حول "إنهاء جنون المتحولين جنسيًا" استياءً واسعًا من جماعات حقوق الإنسان، التي اعتبرت خطابه معاديًا للمجتمع ومثيرًا للانقسامات. ودعت تلك الجماعات إلى احترام التنوع وتعزيز حقوق الإنسان للجميع.
وفي سياق آخر، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مناقشات محتدمة حول خطاب ترامب. فبينما وصفه البعض بأنه يعكس تطلعات شريحة واسعة من الأمريكيين، رأى آخرون أنه يزيد من الانقسامات السياسية والاجتماعية في البلاد.
ولقي خطاب ترامب اهتمامًا عالميًا، حيث أعرب عدد من القادة الدوليين عن قلقهم من لهجته الحادة. وأدانت بعض الحكومات تركيزه على السياسات الانعزالية، بينما أعربت أخرى عن دعمها لتعزيز السيادة الوطنية.
وتوقع مراقبون أن تثير خطط ترامب جدلاً مستمرًا في الأوساط السياسية والاجتماعية، ما يزيد من الاستقطاب داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو أن ترامب مصمم على استكمال مسيرته نحو تنفيذ رؤيته المثيرة للجدل.
ويظل التساؤل مطروحًا حول تأثير سياسات ترامب على مستقبل البلاد، هل ستساهم في توحيد الصفوف أم تزيد من الانقسامات؟