بين رئاسة أقوى دولة في العالم وقضبان السجن يقف دونالد ترامب على مفترق طرق مصيري مع اقتراب يوم الانتخابات الأمريكية؛ فخسارة انتخابات الرئاسة ضربة موجعة لأي مرشح، لكنها بالنسبة لـ"ترامب" قد تكون بداية نهاية حياته خارج السجن.
وإذا فاز "ترامب" سيكون أول مجرم مدان يصل إلى البيت الأبيض ويحصل على الرموز النووية، وإذا خسر سيواجه الرجل البالغ 78 عامًا المزيد من المحاكمات المهينة، واحتمال السجن، وستكون نهاية لحياة محظوظة، تمكَّن خلالها دائمًا من الإفلات من القانون، والتهرب من المساءلة.
تقول غويندا بلير، كاتبة سيرة "ترامب": "جعل من نفسه رمزًا للشخص الذي يفلت دائمًا، وفي حال خسارته سيواجه لحظات كثيرة من الحساب. قد يدخل السجن، قد ينتهي به الأمر أقل ثراء مما هو عليه. ومهما حدث، وسواء فاز أو خسر، سيواجه حسابًا يتعلق بصحته: الموت، المرض والخرف.. وهذه أمور لا يمكن له الهرب منها".
عبر مسيرته المهنية دفع مطور العقارات ونجم تلفزيون الواقع الحدود الأخلاقية والقانونية إلى أقصاها مواجهًا تحقيقات وقضايا وغرامات لا حصر لها.
في السبعينيات قاضته وزارة العدل بتهمة التمييز العنصري؛ لرفضه تأجير شقق للسود في المباني ذات الأغلبية البيضاء.
وتعرضت أعماله العقارية والكازينوهات، بما فيها تاج محل وترامب بلازا، للإفلاس مرات عدة في التسعينيات وأوائل الألفية. كما واجهت "ترامب" دعاوى متعددة بتهم الاحتيال والتسويق المضلل، وانتهت بتسوية قيمتها 25 مليون دولار.
وفي حياته الشخصية خان "ترامب" زوجاته الثلاث، بحسب التقارير. وتقدمت أكثر من 24 امرأة باتهامات بسوء السلوك الجنسي ضده.
ففي عام 2016 ظهر تسجيل صوتي له وهو يتباهى بالتحرش بالنساء قائلاً: "عندما تكون نجمًا يدعونك تفعل ذلك"، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
يواجه "ترامب" حاليًا أربع قضايا جنائية، أي منها كانت كفيلة بإنهاء طموحات أي مرشح آخر للرئاسة.
أُدين في مايو بـ34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية؛ ليصبح أول رئيس سابق يدان بجرائم جنائية.
ويرى المحللون أن "ترامب" نجح في تحويل قضاياه القانونية إلى مكاسب سياسية مُصورًا نفسه كضحية للاضطهاد.. لكن إذا خسر الانتخابات قد تنتهي قدرته على المناورة والإفلات من العقاب، وسيكون الثامن من نوفمبر يوم الحساب لـ"ترامب"، إما بعودة ظافرة إلى البيت الأبيض، أو بداية رحلة قد تنتهي خلف القضبان.
وبالرغم من كل التهم والفضائح يحتفظ "ترامب" بقاعدة مؤيدين متحمسة ومخلصة، يرون في ملاحقته القضائية مؤامرة من "الدولة العميقة"؛ لإسكات صوت مَن يُمثِّلهم، ويعتقدون أن نظام العدالة يستهدفه لأسباب سياسية، وأن الديمقراطيين يحاولون منعه من العودة إلى السلطة.
ويواجه "ترامب" أيضًا تحديات مالية كبيرة؛ فقد أمر القاضي آرثر إنغورون بتغريمه 355 مليون دولار في قضية الاحتيال المدني في نيويورك، ومع الفوائد ارتفع المبلغ إلى أكثر من 450 مليون دولار. وقد منعه القاضي من إدارة أي شركة في نيويورك لمدة ثلاث سنوات.
يخطط "ترامب" إذا فاز لاستخدام سلطات الرئاسة لوقف الملاحقات القضائية ضده. كما يَعِدُ بالانتقام من خصومه السياسيين والقضائيين.. وقد وعد مؤيديه بأنه سيكون "ديكتاتورهم" في اليوم الأول من رئاسته الثانية.
ويرى خبراء قانونيون أن محاولات "ترامب" لاستخدام الرئاسة للهروب من العدالة قد تواجه تحديات دستورية، كما أن وعوده بالانتقام قد تزيد من احتمالات عزله مرة أخرى إذا فاز.
ويبدو أن مصير "ترامب" معلق بين قطبين: إما السلطة المطلقة، أو السقوط المدوي. وبين هذين المصيرين تقف الديمقراطية الأمريكية على المحك في اختبار قد يكون الأصعب في تاريخها.