أكَّد نائب الرئيس للشؤون العامة في "أرامكو السعودية" خالد الزامل؛ أن الشركة على مدار تسعة عقود لم تقتصر أعمالها على التنقيب عن النفط وتحقيق العوائد الاقتصادية فحسب؛ بل تبنت نهجاً راسخاً في خدمة المجتمع، وتعزيز التنمية المستدامة.
وأوضح "الزامل"؛ في مقالٍ بعنوان ("أرامكو السعودية".. 9 عقود من خدمة المجتمع)، أن الشركة ركّزت منذ بداياتها في ثلاثينيات القرن الماضي، على تحقيق عائدٍ اجتماعي ملموسٍ من خلال ثلاثة محاور رئيسة، وهي: دعم التطور المعرفي والاقتصادي، حماية البيئة، وتنمية المجتمعات المحلية.
وجاء نص المقال، كالتالي:
عندما بدأت "أرامكو السعودية" أعمال الاستكشاف والتنقيب عن النفط في صحراء المملكة منذ بداية ثلاثينيات القرن الماضي، لم يكن ذلك مجرد بحثٍ عن القيمة الاقتصادية وحسب؛ إنما بحثٌ عن العائد الاجتماعي انطلاقاً من دورٍ محوري يرتكز على توظيف الاقتصاد لمصلحة المجتمع، وذلك ما جعل الشركة رائدةً في الخدمة المجتمعية قبل وقتٍ طويلٍ من ظهور مصطلح المسؤولية الاجتماعية في نظريات الإدارة وانتشاره في مختلف الأعمال التجارية حول العالم.
ابتكرت "أرامكو السعودية" نهجها المؤسسي الخاص في المسؤولية الاجتماعية عبر المواطنة التي تحمل بصمة الشركة ودورها الريادي في خدمة المجتمع بما يجعل ذلك النهج يُحدث الفارق ويعظم أثره وتأثيره من خلال ثلاثة محاور، أولها: دعم التطور المعرفي والإبداعي والاقتصادي للمملكة ومواطنيها، وثانيها: العمل على حماية البيئة والموائل المتنوّعة في المملكة، وثالثها: تنمية المجتمعات المحلية التي تعمل فيها الشركة، بالتزامن مع استمرارها في توسيع نطاق أعمالها.
ويُعد دعم التطور المعرفي والإبداعي والاقتصادي محركاً أساساً لنهضة الأجيال بما يُسهم في بناء الإنسان وتمكينه ونهضة المجتمعات وتنميتها، وفي هذا السياق، يأتي التعليم في أولوية نهج المسؤولية الاجتماعية للشركة، حيث بدأت في عام 1954 بناء أول مدرسة حكومية، ومعها انطلقت في رعاية العقول الشابة، حيث استفاد من بنية الشركة التحتية التعليمية أكثر من مليونَي طالب، وحالياً يتم دعم 160 مدرسة تخدم نحو 83 ألف طالب وطالبة، و8 آلاف موظف وموظفة.
وترسيخاً لمفهوم تطوير التعليم بوصفه اللبنة الأساس في إعداد القوى العاملة الوطنية، قدّمت "أرامكو السعودية" خلال عام 2023 الدعم لبرامج طلابية؛ استفادت منها 100 مدرسة، وأكثر من 10 آلاف طالب وطالبة. وتواصل مراكز التدريب الوطنية التابعة للشركة، التي تنتشر في مختلف أنحاء المملكة في 10 مدن مختلفة وتضم 16 مركزاً، العمل على إعداد شبابنا وشاباتنا للانضمام إلى قطاعات صناعية مختلفة. وقد تخرج في هذه المراكز أكثر من 48 ألف متدرب ومتدربة.
ونفّذت "أرامكو السعودية"، على مدى تسعة عقود، برامج للاستثمارات الاجتماعية في المملكة كان لها عظيم الأثر في حياة الملايين من أبناء وطننا، شملت أصولاً ثقافية رائدة، مثل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، الذي يُعد أحد أكثر المراكز العالمية المهمة في خدمة الثقافة والمجتمع والفن والمعرفة الإنسانية وتحفيز الابتكار والإبداع وتنمية المواهب. ومن خلال برامجه المتنوّعة، استضاف أكثر من مليون زائر، وقدّم آلاف المبادرات، مساهماً في التنمية الثقافية في المملكة.
وفيما يخص البيئة، فإن "أرامكو السعودية" تسعى لمواصلة الالتزام بأعلى المعايير البيئية، وبموازاة أهمية توسُّع أعمالها تولي البيئة أهمية قصوى، حيث وضعت الشركة سياسة بيئية منذ ستينيات القرن العشرين؛ إدراكاً منها للتوازن الدقيق للطبيعة، والتزاماً بتقليل الانبعاثات الكربونية. ومنذ عام 2012 استعانت الشركة في تنفيذ أعمالها بنظام الإدارة البيئية الذي يقدّم نهجاً منظماً ومدروساً للإسهام في العمل على تحقيق الالتزام بالضوابط البيئية المحلية، ودعم تطبيق الممارسات العالمية المُثلى.
وتستثمر "أرامكو السعودية" في الحلول المستمدة من الطبيعة لتنمية البيئة وحمايتها واستعادتها. ومن ذلك زراعة أشجار المانغروف التي توفر موئلاً لعديدٍ من كائنات الحياة البرية المختلفة، وتحتضن صغار الكائنات البحرية، وتُعَد خط دفاع طبيعياً ضرورياً ضدّ الكوارث الطبيعية، مثل تعرية السواحل والعواصف. وتعمل الشركة على زراعة أكثر من 30 مليون شجرة مانغروف، وأربعة ملايين شجرة برية محلية، إلى جانب حماية الموائل المختلفة والمحافظة على استدامتها.
وخلال عام 2023، تجاوزت الشركة أهدافها لعام 2025؛ أي قبل الموعد المحدّد بعامَيْن، لزيادة صافي الأثر الإيجابي للتنوُّع الحيوي بنسبة 30% مقارنة بسنة الأساس (2022)، حيث حقّقت الشركة صافي أثر إيجابي بنسبة 85.6%، ويُعزى ذلك إلى إدراج محمياتٍ إضافية للتنوُّع الحيوي في المملكة والتوسُّع الكبير في محمية التنوُّع الحيوي في الشيبة؛ بما يزيد على 700 كيلو متر مربع، وخصَّصت الشركة حتى الآن 14 منطقة لحماية التنوُّع الحيوي، تأوي هذه المناطق مجتمعةً أكثر من 560 نوعاً مسجلاً من النباتات والحيوانات.
تستثمر "أرامكو السعودية" أيضاً في التقنيات المتقدّمة والشركات الناشئة لإيجاد حلولٍ للتصدّي للتحديات المناخية المعقدة. لذلك ولضمان تحوُّلٍ مستقرٍ وشاملٍ في مجال الطاقة، أطلقت صندوق الاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار في عام 2022 من خلال شركة "أرامكو فنتشرز"؛ ذراعها العالمية لرأس المال الجريء.
وتشارك الشركة في الجهود التعاونية التي تدعم تطوير أنظمة الطاقة المستدامة وتقنيات الغازات المنخفضة المتعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري. وتُعد "أرامكو السعودية" عضواً مؤسساً في مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ، وعضواً في كل من الرابطة الدولية للمحافظة على البيئة في الصناعة النفطية، ومنتدى الأبحاث البيئية في قطاع البترول، ومبادرة البنك الدولي للتخلص من الحرق التقليدي للغاز نهائياً بحلول عام 2030.
وبالنسبة لتنمية المجتمعات المحلية، فإن التزام "أرامكو السعودية" بتمكينها يتجاوز نطاق أعمالها الأساسية، حيث تعمل بكل طاقتها على دفع التنوُّع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل مستدامة، ورعاية مواهب الأجيال القادمة، فهي ليست مجرد شركة طاقة؛ وإنما محفزٌ للتغيير الإيجابي، لذلك طوّرت على مدى عقودٍ برامج الاستثمارات الاجتماعية في المملكة، ومن ذلك برنامجا "اكتفاء" و"التنمية الوطنية". وبحلول نهاية عام 2023 بلغت إسهامات برنامج اكتفاء التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 202.9 مليار دولار أمريكي منذ تدشين البرنامج الذي شكّل عامل دعم أساس لمنظومة الطاقة في المملكة.
ومواصلة لجهود الخدمة المجتمعية والتمكين عقدت "أرامكو السعودية" شراكات وتعاوناً مع مختلف الجمعيات والمؤسسات والهيئات في مختلف مناطق المملكة، شملت: دعم نمو وتطوير صناعة البن في جازان، وصناعة العسل في الباحة، واستزراع شتلات الزيتون في الجوف، وتمكين صيادي الأسماك ذوي الدخل المحدود في بيش وينبع، وإنشاء مصنع (روزيار) في الطائف، ومصنع بصمة للزي الموحّد في جازان، وغيرها ....