آخر الأخبار

الجزيرة نت ترصد عمليات ترحيل الأفغان عبر الحدود الإيرانية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

سيستان وبلوشستان- تتواصل عمليات عودة الأفغان من إيران عبر المنافذ الحدودية الشرقية، في إطار سياسة حكومية تقول طهران إنها تهدف إلى تنظيم الوجود الأجنبي غير النظامي وضبط سوق العمل وتخفيف الأعباء عن البنى التحتية والخدمات العامة، خصوصا في المحافظات الحدودية التي تُمنع فيها إقامة اللاجئين.

وتقوم الجزيرة نت بزيارة إلى مخيمات العبور في محافظة سيستان وبلوشستان ، وتلتقي مسؤولين محليين وممثلين عن منظمات مدنية عاملة في الميدان، لتسلط الضوء على الخلفيات الرسمية لعملية الترحيل، مع تقديم صورة أوضح عن الأرقام وآليات التنفيذ والتحديات المصاحبة.

من جانبه، يؤكد هوشنك بامري مدير عام دائرة شؤون الأتباع والأجانب في سيستان وبلوشستان أن ما يجري لا يمكن توصيفه بـ"الإخراج القسري"، بل هو "عودة" في إطار خطة وطنية أُقرت مسبقا. وأضاف للجزيرة نت أن الحكومة الإيرانية لا تعتمد مصطلح الترحيل أو الطرد، بل تتحدث عن عودة مواطنين أجانب دخلوا البلاد أو أقاموا فيها خارج الأطر القانونية.

مصدر الصورة طهران تؤكد أن ما يجري هو عودة في إطار خطة وطنية أُقرت مسبقا (الجزيرة)

سياسة حكومية

وأوضح بامري أن السياسة الحكومية الحالية تستهدف فئتين رئيسيتين:


* الأجانب الذين لا يحملون أي وثائق قانونية.
* حاملو أوراق الإحصاء أو التسجيل المؤقت التي انتهت صلاحيتها بنهاية العام الإيراني 1403 (مارس/آذار 2025).

ووفقا له، فإن هؤلاء مُنحوا مهلة زمنية محددة لمغادرة البلاد طوعا، على أن تتاح لهم لاحقا إمكانية العودة إلى إيران بطرق قانونية، إذا استوفوا الشروط المطلوبة مثل الحصول على جواز سفر وتأشيرة عمل أو إقامة.

وحسب الأرقام التي قدمها مدير دائرة شؤون الأتباع، فإن عدد الأفغان الذين غادروا البلاد منذ بداية العام الإيراني الحالي بلغ نحو 513 ألف شخص، عبر قنوات مختلفة.

وتشمل هذه الأرقام وفق المصدر ذاته:

إعلان

* أشخاصا راجعوا مراكز العودة طوعا.
* آخرين جرى ضبطهم بسبب الإقامة غير النظامية.
* فئة ثالثة توجهت مباشرة إلى المنافذ الحدودية، لا سيما معبر ميلك، دون المرور بمخيمات الإيواء.

وأضاف بامري أن نحو نصف هذا العدد تقريبا مر عبر مراكز العودة المنظمة في المحافظة، في حين توزع الباقون على مسارات أخرى.

مصدر الصورة طهران تفرّق بين من يغادر البلاد خلال المهلة المحددة طوعا ومن يُضبط بعد انتهائها (الجزيرة)

أسباب الترحيل

حسب الرواية الرسمية، تفرّق السلطات الإيرانية بين من يغادر البلاد خلال المهلة المحددة طوعا ومن يُضبط بعد انتهاء هذه المهلة. ويشرح المسؤول أن الأوّل يسجَّل في النظام بوصفه "عائدا"، وقد يستفيد لاحقا من تسهيلات للعودة القانونية، أما الثاني فيسجَّل بصفته مخالفا للقانون، مما قد يقيد فرص عودته المستقبلية.

وأكد أن هذا الإجراء "معمول به في معظم دول العالم"، ويهدف إلى ردع الهجرة غير النظامية.

وتعدد السلطات الإيرانية مجموعة من الأسباب التي تقف خلف تسريع تنفيذ خطة العودة، من أبرزها:


* الضغط على البنى التحتية والخدمات العامة: يشير المسؤولون إلى أن المحافظات الحدودية، مثل سيستان وبلوشستان، تتحمل عبئا كبيرا في مجالات الصحة والتعليم والمياه نتيجة الكثافة السكانية المتزايدة.
* تنظيم سوق العمل: تقول الحكومة إن وجود أعداد كبيرة من العمال غير النظاميين يؤثر على سوق العمل المحلي، ويخلق منافسة غير متكافئة.
* الاعتبارات القانونية والأمنية: تؤكد الجهات الرسمية أن أي وجود أجنبي خارج الإطار القانوني يعد مخالفة، بغض النظر عن الجنسية.
* تراكم ملفات الإقامة المؤقتة: حاملو أوراق الإحصاء أو العد السكاني المؤقتة كانوا يشكلون كتلة كبيرة، ومع انتهاء صلاحية هذه الأوراق، تقرر إغلاق هذا الملف.

ونفى مدير عام دائرة شؤون الأتباع والأجانب في سيستان وبلوشستان أن تكون التطورات الإقليمية، بما فيها الحرب الأخيرة، سببا مباشرا لعمليات العودة، لكنه أقر بأنها سرعت من وتيرة المغادرة، مشيرا إلى أن بعض الأفغان فضلوا المغادرة سريعا خلال تلك الفترة.

في المقابل، أكدت منار رحماني المديرة التنفيذية لمؤسسة مدنية تعمل في المجال الإنساني أن وجود المنظمات غير الحكومية في المخيمات جاء لضمان الالتزام بالمعايير الإنسانية خلال عملية العودة. وأوضحت أن منظمتها تعمل منذ أكثر من 12 عاما في مجالات التعليم والصحة والدعم النفسي، سواء داخل إيران أو في دول الجوار.

وقالت للجزيرة نت إن "الدولة قد تؤدي دورها القانوني، لكن دورنا هو ضمان أن تتم العودة بكرامة، خصوصا للنساء والأطفال". وأشارت إلى أن غالبية الموجودين في مخيمات العبور هم من هاتين الفئتين، موضحة أن كثيرا من العائلات كانت قد جاءت إلى إيران خلال موجات الهجرة السابقة، خصوصا بعد عام 2021.

مصدر الصورة منظمات إنسانية حذرت من تداعيات الترحيل على الأطفال والنساء (الجزيرة)

تحديات

ولفتت رحماني إلى أن بعض الأطفال لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس في إيران بسبب غياب الوثائق القانونية، وأن آخرين نشؤوا في بيئة غير مستقرة، مما جعل العودة أكثر صعوبة نفسيا.

إعلان

وحسب المنظمة المدنية، تم نشر فرق طبية ومستشارين نفسيين في المخيمات لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، ولمتابعة الحوامل، وتوفير الدعم النفسي للأطفال المتأثرين بالانتقال المفاجئ. وأكدت رحماني أن بعض الحالات الصحية تحال إلى مستشفيات قريبة بالتنسيق مع الهلال الأحمر الإيراني.

من الجانب الرسمي، أوضح بامري أن إدارة مراكز العودة والمخيمات تفرض كلفة مالية وبشرية كبيرة على الدولة. وقال إن هذه التكاليف تشمل البنية التحتية للمخيمات والموارد البشرية العاملة على مدار الساعة والنقل والتنسيق الحدودي، وإن هذه العمليات ليست جديدة، لكنها بلغت ذروتها هذا العام.

وفي حين تصر السلطات الإيرانية على أن ما يجري هو تطبيق للقانون، ترى المنظمات الإنسانية أن التحدي الحقيقي يكمن في تقليل آثار القرار على الفئات الهشة. واعتبرت رحماني أن قضية الهجرة الأفغانية لن تُحل بإجراءات حدودية فقط، وأن استقرار أفغانستان يظل العامل الحاسم في تقليصها مستقبلا.

وتكشف التصريحات الرسمية والإحصاءات الحكومية الإيرانية عن أن عمليات عودة الأفغان تأتي في إطار سياسة تنظيمية واضحة، مدفوعة باعتبارات قانونية واقتصادية وأمنية. في المقابل، تُظهر المشاهد الميدانية أن تطبيقها يرافقه واقع إنساني معقد، يتطلب حضورا مدنيا وإنسانيا دائما.

وبين الروايتين، تبقى الحدود الشرقية لإيران مساحة تتقاطع فيها القوانين مع مصائر بشرية، لا تختصرها الأرقام وحدها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا