عرضت صحيفة إلباييس الإسبانية جوانب من قصة وتجربة مراسلة الجزيرة الإنجليزية في قطاع غزة يُمنى السيد، خلال تغطيتها حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وغادرت السيد غزة مع أطفالها بعد تعرضها للتهديدات الإسرائيلية، إذ تقيم حاليا في مسقط رأسها القاهرة ، لكنها تسافر في العالم وتواصل تغطية الحرب، وتنادي بعدم نسيان محنة القطاع.
وكانت يمنى السيد تعيش في مدينة غزة مع زوجها وأطفالها الأربعة عندما اندلعت الحرب، ومع حظر إسرائيل دخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع، اكتسب عملها إلى جانب زملائها الصحفيين المحليين أهمية قصوى، فبفضله تمكن العالم من معرفة ما كان يحدث.
وعندما أتيحت للصحفية فرصة مغادرة غزة مع نهاية عام 2023، ترددت، وقالت: "كانت لحظة حاسمة، عندما قالت لي أمي: عليك أن تختاري بين أن تكوني صحفية أو أما، لأنك لم تعودي تستطيعين القيام بهما معا".
واختارت السيد (35 عاما)، أن تذهب بأطفالها إلى مكان آمن، لكنها تعاني من "ذنب الناجين"، إذ تقول: "أنا سعيدة لأن أطفالي الآن في أمان، لكن زملائي لا يزالون هناك والإبادة الجماعية مستمرة".
وخلال الفترة التي غطت فيها الحرب، عاشت وأطفالها، الذين تراوحت أعمارهم بين 5 و12 عاما في ذلك الوقت، القصف والتشريد القسري والجوع، وتقول السيد: "في 3 أشهر، اضطررنا إلى الفرار 6 مرات"، وكانت تبحث عن طريقة لإطعام أسرتها، بالتزامن مع تغطيتها على الهواء مباشرة.
وانتشر أحد تقارير الصحفية على نحو واسع عندما شنت إسرائيل هجوما على المبنى المجاور أثناء حديثها مباشرة للكاميرا، ووفق صحيفة إلباييس كانت السيد معروفة لدى الإسرائيليين بسبب عملها في قناة الجزيرة، ونقلت عن الصحفية: "هددني الجيش الإسرائيلي مرتين، مما جعلني أشعر أنني أكبر تهديد وخطر على حياة أطفالي".
وتنتقد الصحفية الغزية بشدة وسائل الإعلام الدولية، التي تتهمها بتبني الرواية الإسرائيلية، وتجريد الضحايا الفلسطينيين من إنسانيتهم، وعدم بذل ما يكفي من الجهد للتحقق بشكل مستقل من المعلومات التي يقدمها الجيش الإسرائيلي.
وتقول السيد إن الإعلام الدولي فقد مصداقيته، ودفع الناس إلى الحصول على المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر التعرض للمعلومات المضللة، مضيفة "لماذا يتحدثون عن وزارة الصحة التابعة لحماس عند الإعلان عن أرقام القتلى والجرحى؟ إنها طريقة للتلاعب، وللإيحاء للناس بأن عليهم أن يكونوا متشككين، إنها وزارة الصحة الفلسطينية".
وتبدي الصحفية تشاؤمها بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطاع غزة، وترى أنها استمرار للخطة الأولية، وهي الاستيلاء على غزة وتحويلها إلى ريفيرا، وتضيف "الآن هي مدمرة وغير صالحة للسكن، لكن عندما يستولون عليها، سيأخذون مواردها، الجميع يريد حصة من الكعكة".
وتشدد السيد على أن الخطة لن تعود بالفائدة على الغزيين، وتقول: "لو كانوا يريدون فعل شيء للفلسطينيين، لكانوا بدأوا على الأقل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار "، مؤكدة أن ذلك لا يحدث.
وتقول: "جرى الاتفاق على دخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميا، تحمل الوقود وغاز الطهي والأدوية، لكن لا يدخل سوى 100 إلى 160 شاحنة فقط، ولم يدخل أي وقود أو أدوية، والأغذية التي تصل هي الحلوى والشوكولاتة والمشروبات الغازية والمعكرونة الجاهزة، فلا تدخل الأغذية الحقيقية والبروتينات والخضروات التي يحتاجها سكان يعانون من سوء التغذية منذ عامين، إنها إستراتيجية لتعميق الأمراض عند الناس".
ودرست الصحفية اللغات والترجمة في جامعة القاهرة، ولا يزال جميع أفراد عائلتها الممتدة يعيشون في غزة، إذ يرسلون في بعض الأحيان صورا، وتعلق السيد "لا أتعرف إلى أي شيء لأنها ليست سوى صحراء مليئة بالأنقاض".
وكلفت رحلة يمنى السيد إلى مصر والدها كثيرا من المال، وفي الأسابيع الأخيرة، كُشف عن رحلات من غزة إلى جنوب أفريقيا مقابل ما بين 2500 و5 آلاف دولار، وبشأن ذلك علقت السيد: "تسهل إسرائيل سفر العائلات من غزة لأنها تمضي قدما في خطتها، تريدهم أن يرحلوا، حتى تتمكن من مواصلة التطهير العرقي للفلسطينيين".
المصدر:
الجزيرة