قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في افتتاحيتها إن أوروبا بدأت أخيرا تدرك حجم التهديدات الأمنية التي تواجهها، بعد سنوات من التردد والتقليل من مخاطر روسيا .
ولفتت الصحيفة إلى أن التحذيرات قد انتشرت عبر القارة الأوروبية، وتعكس تحولا في المزاج الرسمي، متساءلة: لماذا انتظرت أوروبا حتى الآن لتدق ناقوس الخطر وروسيا قد غزت أوكرانيا منذ أكثر من 3 سنوات، وسلطت مسيراتها عدة مرات على الدول الأوروبية؟
وتجيب الافتتاحية بأن المشكلة تكمن في ضعف أوروبا النسبي حاليا، فهي تعاني من ديون متراكمة، وشعوبها تشيخ، ونموها الاقتصادي ضعيف، وكل ذلك يجعل زيادة الإنفاق الدفاعي عبئا سياسيا ثقيلا عليها.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) مارك روته حذر الأسبوع الماضي الأوروبيين من حرب "على غرار ما لاقاه آباؤنا وأجدادنا".
وبدوره، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأحد إن عقود "السلام الأميركي" قد انتهت بالنسبة لألمانيا وأوروبا، مضيفا أن الأميركيين باتوا يسعون الآن وراء مصالحهم الخاصة.
ويرى أغلب الساسة في الولايات المتحدة أن قادة القارة لا يدركون مدى حجم الخطر الروسي، إلا أن الافتتاحية تؤكد أن هذا الأمر بدأ يتغير، مشيرة إلى أن قادة أوروبا الكبار لطالما كانوا يدركون الخطر الروسي على حدودهم.
وبرأي الصحيفة، التحدي الرئيسي الآن هو إقناع الناخبين بضرورة التضحية بأسلوب حياتهم المريح، إذ باتت الرفاهية ثمنا لا مفر منه لضمان الأمن القومي.
وقالت إن الحرب الروسية على أوكرانيا وعدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي دفعا العديد من الدول الأوروبية مؤخرا إلى إعادة فرض الخدمة العسكرية، في حين تدرس دول أخرى ذلك.
"اذهبوا أنتم إلى الجبهة" و"الانضمام إلى الجيش ليس من أولوياتي"
بواسطة لافتات رفعها طلاب ألمانيون احتجاجا على قانون الخدمة العسكرية
وفي ألمانيا، قوبل مشروع قانون الخدمة العسكرية الذي وافق عليه البرلمان الفدرالي ( بوندستاغ ) لزيادة عدد الجنود باحتجاجات طلابية في نحو 90 مدينة يوم 5 ديسمبر/كانون الأول.
ورفع المتظاهرون لافتات تضمنت عبارات من قبيل: "أماكن للتعليم المهني بدلا من الحرب"، و"اذهبوا أنتم إلى الجبهة"، و"الانضمام إلى الجيش ليس من أولوياتي"، ووافق الائتلاف الحاكم في نهاية المطاف على صيغة غير إلزامية للتجنيد.
وفي فرنسا، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون ، الشهر الماضي، إطلاق برنامج جديد للخدمة العسكرية يستهدف فئة الشباب لتلبية احتياجات القوات المسلحة في مواجهة التهديد الروسي وزيادة مخاطر الصراع.
ورغم الطابع التطوعي لل مبادرة الرئاسية ، فإنها لم تسلم من الانتقادات، إذ يرى فيها خصومها تجنيدا نائما قد يتحول إلى ضغط اجتماعي، خصوصا إذا رُبط بمستقبل التوظيف والامتيازات بالخدمة العسكرية.
وقال رئيس أركان الدفاع الفرنسي، فابيان ماندون، في مؤتمر لرؤساء البلديات الفرنسية الشهر الماضي: "إذا تعثرت بلادنا لأنها غير مستعدة لقبول فقدان أبنائها أو المعاناة الاقتصادية لأن الأولويات ستُعطى للإنتاج الدفاعي، فإننا في خطر".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة