آخر الأخبار

الجزيرة للدراسات ينظم مؤتمر "أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة" لنقل القارة من الهامش للمركزية

شارك

الدوحة- انطلقت في العاصمة القطرية اليوم السبت فعاليات مؤتمر "أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة"، والذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات، وتستمر جلساته على مدى يومين.

وأكد مدير مركز الجزيرة للدراسات محمد المختار الخليل في كلمته الافتتاحية أن المؤتمر يهدف إلى نقل أفريقيا "من هامش التناول إلى متنه، ومن الهامشية في التحليل إلى المركزية فيه"، مشددا على أن "أفريقيا بالنسبة لنا ليست جهة هامشية، وليست قارة المجاعات والحروب والصراعات الأهلية، وإنما هي مستقبل العالم".

ويناقش المؤتمر على مدار 7 جلسات عمل قضايا محورية تشمل النزاعات المسلحة في الساحل وشرق الكونغو والسودان ، والتدخلات العسكرية الأجنبية وتأثير القواعد الأجنبية على السيادة الوطنية، وعودة الانقلابات العسكرية ومستقبل الديمقراطية، إضافة إلى دور الوساطات الإقليمية والدولية، والسيادة الرقمية والأمن السيبراني ، وصولا إلى بناء سياسات أفريقية مستقلة ومستدامة.

كما يسعى المؤتمر إلى تفكيك المفهوم المغلوط السائد عن القارة السمراء، والذي يقدمها في صورتين متناقضتين: إما كموطن للثروات الطبيعية والبشرية تتصارع عليها القوى الكبرى، وإما كفضاء للفوضى والإرهاب والجماعات المسلحة، في حين أن الواقع يتطلب فهما أعمق ينطلق من رؤية الأفارقة أنفسهم لقضايا قارتهم.

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال مدير مركز الجزيرة للدراسات إن المؤتمر يشارك فيه نحو 30 باحثا، لافتا إلى أن المشاركين يمثلون طيفا واسعا من الباحثين المختصين في الشؤون الأفريقية.

مصدر الصورة مدير مركز الجزيرة للدراسات محمد المختار يلقي كلمة افتتاح المؤتمر (الجزيرة)

أهمية المؤتمر: رؤية أفريقية لقضايا القارة

ويكتسب المؤتمر أهميته من سعيه إلى "مواكبة النقاش العالمي والإقليمي حول القارة الأفريقية"، حسب ما أوضحه أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد عبد الله بالمغرب إسماعيل الحمودي.

إعلان

وأشار الحمودي -في تصريحات للجزيرة نت- إلى أن أهمية الحدث تكمن في "تسليط الضوء وتعرية الخطابين المتناقضين" اللذين يقدمان أفريقيا تارة "موطنا للثروات الطبيعية والبشرية"، وتارة أخرى "قارة خطرة ومنبعا للفوضى وعدم الاستقرار والعنف".

من جهته، أكد الباحث في الشؤون الأفريقية شمسان التميمي أن المؤتمر يسلط الضوء على "المشاكل والأزمات الأفريقية، وبالتالي إيجاد حلول لهذه الأزمات عبر إشراك باحثين وزملاء إعلاميين أفارقة وليس من دول أجنبية"، مشيرا إلى أن "هذا المؤتمر له أهمية كبيرة جدا"، خاصة في ظل الأزمات التي تعصف بالقارة كأزمتي الكونغو الشرقية والسودان.

وشدد المختار على ضرورة "فهم القارة من خلال باحثيها أنفسهم"، قائلا إن "أفريقيا تعيش لحظة فارقة لها ما بعدها"، موضحا أن "ما نشاهده في الساحل هو مقدمات نظام عالمي جديد: من يسيطر؟ ومن سيتحكم؟"، مشيرا إلى أن "الصراع على القارة وفي القارة هو من أجل السيطرة عليها أو من أجل التحكم فيها، لأنها أكبر محضن للثروات الطبيعية عالميا".

المفهوم المغلوط: تفكيك الخطاب الاستعماري

ويرى المتحدثون للجزيرة نت أن أفريقيا تقدَّم للعالم بصورتين متناقضتين ومغلوطتين في آن واحد، وأن هذا التناقض يعكس استمرار الخطاب الاستعماري الذي يحكم التعامل مع القارة.

وبينوا أن أفريقيا تصوَّر على أنها قارة غنية بالموارد الطبيعية والبشرية تتنافس عليها القوى العالمية والإقليمية في "تنافس شرس" من جهة، ومع ذلك تصور من جهة أخرى كفضاء للفوضى والإرهاب والجماعات المسلحة، مما يستدعي تدخّل "الأمم المتحضرة" لإعادة تنظيمها وضبطها.

ودعا الباحث الحمودي إلى "تفكيك الخطاب الكولونيالي" الذي يحكم الحلول المقدمة للقارة، سواء الأمنية أو التنموية، مؤكدا ضرورة "الإنصات أكثر للأفارقة وللحلول النابعة من مجتمعات القارة الأفريقية" بدلا من الاستماع للحلول القادمة من خارجها.

وفي هذا السياق، شدد مدير مركز الجزيرة للدراسات على أن "الصواب هو أن من يتحدث عن أفريقيا يجب أن يكون أفريقيًا، وعلى العالم أن يفهم أفريقيا من خلال الأفارقة"، موضحا أن "الحديث الذي يكون للإفهام والتوضيح والتحليل يجب أن يكون من الأفارقة أنفسهم، وليس من خلال أحاديث المستشرقين أو المتأفرقين".

وأكد أن المؤتمر يتناول أفريقيا "باعتبارها مركز الصراعات وليست هامشا فيه وليست ملحقا فيه، وإنما هي أساس اليوم في الصراعات"، مشيرا إلى أن "الصراع الروسي الغربي ينعكس في أفريقيا، والتنافس الاقتصادي العالمي يتمركز في أفريقيا، وحضور العالم يقاس بحضوره في أفريقيا".

مصدر الصورة إحدى جلسات المؤتمر وتناقش إشكالية الصراع على الموارد في أفريقيا والتدخلات العسكرية الأجنبية (الجزيرة)

أوراق العمل: من الساحل إلى السيادة الرقمية

ويناقش المؤتمر على مدار 7 جلسات عمل مجموعة واسعة من القضايا المحورية التي تواجه القارة الأفريقية، ومن بينها:

النزاعات المسلحة بالتركيز على ديناميات القوة في الساحل الأفريقي من "سيولة الفضاء الأمني إلى أنماط السيطرة"، والأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية والصراع على الموارد ودور القوى الإقليمية والدولية، والتدخلات العسكرية الأجنبية.. بين المصالح الإستراتيجية ومزاعم حفظ الأمن.

إعلان

السيادة والتدخلات الخارجية وتأثير القواعد العسكرية الأجنبية على الاستقلال الوطني، وإعادة تشكيل موازين القوى عبر النفوذ الروسي والصيني والأميركي والأوروبي، وما إذا كانت الاستثمارات الأجنبية تعزز التنمية أم تفرض أشكالا جديدة من التبعية.

الحكومات العسكرية، وتحليل عودة الانقلابات العسكرية ومستقبل الديمقراطية في أفريقيا، إضافة إلى إستراتيجيات مكافحة الجماعات المسلحة بين الحلول الأمنية والتنموية.

الوساطات الإقليمية والدولية وإدارة النزاعات وتسويتها، بما في ذلك جهود المنظمات الإقليمية والقارية وإشكالية الإرادة السياسية، وتقاطع دور الأمم المتحدة مع القوى الكبرى، والدور القُطري في تسوية الأزمات.

الحرب في السودان وتحليل الوضع السوداني كمرآة لانهيار الدولة المركزية، حيث تناقش ديناميات القوة في السودان على "مفترق الصراعات"، وشبح التقسيم وتفكك السلطة المركزية وصعود الفواعل غير الرسمية، والتداعيات الإقليمية من الساحل إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي، والاقتصاد في زمن الحرب وإعادة تشكيل شبكات النفوذ والموارد.

البعد الرقمي للنزاعات الأفريقية ودور التكنولوجيا في إدارة الأزمات الإنسانية والنزاعات المسلحة، وسياسات ومعايير الأمن السيبراني ونحو "أجندة أفريقية للسيادة الرقمية"، والحركات الشبكية بين المقاومة الرقمية والاختطاف السياسي، والوجود الرقمي للتنظيمات المسلحة في "عصر ما بعد المنع".

بناء سياسات مستقلة ونقاش استشرافي حول "تجاوز التبعية السياسية والاقتصادية"، و"تطوير إستراتيجيات إقليمية لتعزيز الاستقرار والتكامل"، و"نحو سياسات أفريقية موحدة لمواجهة التدخلات الأجنبية".

مصدر الصورة الأوراق المقدمة في المؤتمر ستُنشر تباعا ضمن منشورات مركز الجزيرة للدراسات (الجزيرة)

مخرجات المؤتمر: وعي متجدد ومنصة مستمرة

وكشف مدير مركز الجزيرة للدراسات في تصريحات للجزيرة نت عن أن مخرجات المؤتمر ستكون "أولا في البث الحي على الجزيرة المباشر وعلى منصات التواصل الاجتماعي"، مضيفا أنه "ستكون هناك أوراق تُضمَّن في منشورات المركز، وأغلبها سينشر في مجلة لباب أو في الأوراق المنشورة على الموقع".

وأكد أن الهدف الرئيسي من المؤتمر هو ألا "يتفاجأ المتابع بأي حدث في أفريقيا"، بل أن "يفهم الأحداث في سياقها وفي طبيعتها"، مشددا على أن "دور المؤتمرات البحثية أن تؤسس للوعي وأن تعود بالناس إلى المعطيات الثابتة".

وختم المختار تصريحاته بالتأكيد على أن "المعطيات التي لا تتغير هي أن أفريقيا قارة للأفارقة، وأن الأفارقة أمة، وأنهم سيحققون لأنفسهم ما يريدون، وأن الصراع حولهم أو عليهم يجب أن ينتهي، وأن يُسمح لهذه القارة بأن تنطلق".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا