تناول موقعان فرنسيان الواقع الجديد في منطقة القنيطرة جنوبي سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ، وانهيار اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 بين إسرائيل وسوريا ، وما تلا ذلك من احتلال غير قانوني للمنطقة العازلة وتزايد التوغلات العسكرية الإسرائيلية داخل القرى السورية.
وانطلق الموقعان من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اتفاق عام 1974 "انهار"، وأمره الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على "مواقع النظام السابق" في الجولان ، وما تلا ذلك من احتلال غير قانوني للمنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل هضبة الجولان المحتلة عن باقي الأراضي السورية.
وبينما ركز موقع "مديا بارت" على السكان وما يواجهونه من اعتقال واحتلال وقتل خارج أي إطار قانوني من قبل إسرائيل مقابل عجز الحكومة السورية الجديدة عن التدخل، ركز موقع "أوريان 21" على خرق القوات الإسرائيلية اتفاق فض الاشتباك، واحتلالها المنطقة المنزوعة السلاح.
وأشار موقع ميديا بارت -في مقال بقلم مرلين فيري- إلى أنه بمجرد إعلان نتنياهو انهيار اتفاق عام 1974، بدأ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على "مواقع النظام السوري السابق" في الجولان خوفا من "انفراط الاتفاق"، واحتل المنطقة المنزوعة السلاح بشكل غير قانوني.
وأنشأت القوات الإسرائيلية بسرعة ما لا يقل عن 8 قواعد عسكرية جديدة في المنطقة، شملت مواقع إستراتيجية مثل جبل الشيخ ، لترسيخ وجود عسكري دائم وفرض أمر واقع، مبررة ذلك -حسب الموقع- بمخاوف أمنية، وبرغبتها في التحكم فيما يسمى " ممر داود ".
وأشار الموقع إلى أن جنودا تحدثوا عن "تحرير ممر داود" وهو شريط على طول خط الفصل، ومشروع إسرائيلي يهدف إلى ربط الجولان المحتل بإقليم كردستان العراق ، بما يتيح لتل أبيب ممرا بريا نحو شمالي سوريا والعراق.
وأشار الكاتب إلى أن سكان القنيطرة ، الذين تركوا دون حماية من قبل الحكومة السورية الجديدة، يواجهون تصاعدا في العنف والعسكرة مثل إطلاق النار والاغتيالات، حيث أصيب الشاب محمد مكية (23 عاما) قرب جباتا الخشب برصاص قناص إسرائيلي عندما كان يجمع الحطب.
وقال خالد عم مكية إن إسرائيل تتصرف كقوة احتلال، وهو يعرف أن مقاومتها عبثية بعد أن عاش حروبا سابقة ورأى ما فعلته بجيرانه، مشيرا إلى أنها بدأت تفرض حظر تجوال في الغابة بعد الظهر، في الوقت الذي يذهب فيه السكان عادة لجمع الحطب وبيعه.
وأشار تقرير ميديا بارت إلى أن منزلا كبيرا لا يزال قائما على مرتفعات ترنيجة، رغم الأضرار التي لحقت به، بعد أن استهدفته مسيرة إسرائيلية قبل أسابيع، وقتلت رجلا يدعى رامي حوالي الساعة الواحدة صباحا، ولكن أسباب اغتياله لا تزال غامضة ولم يفتح أي تحقيق بشأنه حتى الآن.
وفي الحميدية، طردت القوات الإسرائيلية 30 عائلة يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2024 وهدمت منازلهم بعد أسابيع، تقول صبحة فرج، وهي من المهجرين، "كانوا يصرخون. هذه أرضنا، لا يحق لكم البقاء هنا".
إضافة إلى ذلك، تقوم الدوريات الإسرائيلية -حسب الموقع- بعمليات تفتيش ليلية متكررة، وتنصب حواجز مؤقتة وتطوّق القرى، وتفصل الرجال عن النساء للتحقيق في الأسلحة أو الانتماء ل حزب الله ، في عمليات تستمر ساعتين، ويجبر خلالها الرجال على الجثو وأيديهم على رؤوسهم.
أوريان 21: المشهد في القنيطرة، التي تحولت من منطقة كانت رمزا للهدوء النسبي إلى ساحة احتلال عسكري معلن، يحرم فيه المدنيون من أراضيهم، والمنظمات الدولية صامتة، والسلطات السورية عاجزة، وآمال الأهالي تتضاءل يوما بعد يوم
وفي تقرير بقلم بولين فاشيه وشارل كواو، قال موقع أوريان 21 إن الجيش الإسرائيلي منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الحدود، مما أثر على نحو 200 عائلة، وبالفعل خسر المزارع ناصر أحمد 75 رأسا من مواشيه برصاص إسرائيلي، واعتبر الحادث "رسالة تهديد" لمنع المزارعين من دخول المنطقة.
كما استولت إسرائيل على مصادر المياه بعد أن سيطرت القاعدة الإسرائيلية قرب القطنية على سد المنطرة، وهو أكبر خزان مياه في جنوبي سوريا.
وذكر تقرير أوريان 21 أن السائد بين السكان هو الشعور بالخذلان والعزلة والعجز الدولي، إذ يعتبر كثيرون أن الحكومة السورية الجديدة عاجزة عن مواجهة الاحتلال، وقال حسن، وهو مقاتل سابق في الجيش السوري الحر ، "نحن مع الحكومة الجديدة، لكننا نعلم أنها لا تستطيع فعل شيء ضد الاحتلال الإسرائيلي".
أما خالد الكريان، وهو موظف بلدي، فقال إن "الحكومة لا تهتم بنا. لا خدمات ولا مساعدات"، وأضاف أحد السكان أن "الحكومة تخاف من إسرائيل، لا أكثر".
أما قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك الموجودة منذ عام 1974، فصلاحياتها محدودة جدا، حسب تقرير أوريان 21، وقد تقلصت قدرتها على تسيير دورياتها بسبب الحواجز التي أقامها الجيش الإسرائيلي على الطرق المؤدية إلى المناطق الجديدة التي احتلتها إسرائيل في الجولان.
وقال والد أحد المختطفين بعد اتصاله بقوة الأمم المتحدة، "قالوا لي إنهم لا يستطيعون التدخل، لكنهم سيحاولون تحديد موعد مع الإسرائيليين".
وختم الموقع بأن عاما واحدا كان كافيا لتبدل المشهد في القنيطرة، التي تحولت من منطقة كانت رمزا للهدوء النسبي إلى ساحة احتلال عسكري معلن، يحرم فيه المدنيون من أراضيهم، والمنظمات الدولية صامتة، والسلطات السورية عاجزة، وآمال الأهالي تتضاءل يوما بعد يوم.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة