في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
من قلب السويداء، الجبل الذي طالما عُرف بثباته وابتعاده عن أتون الحرب السورية، خرج صوت الشيخ فادي بدرية في حديثه إلى "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، ليعلن بوضوح أن ما يجري في المحافظة لم يعد يحتمل الصمت، وأن أبناء الجبل قرروا مصيرهم بعد ما وصفه بـ"الهجمة الهمجية" التي تعرضوا لها، معلنين المطالبة بالاستقلال التام عن السلطة في دمشق.
الشيخ بدرية أكد أن ما عبّر عنه الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري يعكس إرادة جماعية نابعة من استفتاء داخلي، قائلاً إن "الهجري يتحدث بلسان الجبل كاملا"، مشيراً إلى أن الطائفة توصلت إلى موقف موحد بعد نقاشات واستشارات داخلية، وأن الدعوة للحكم الذاتي لم تأتِ بدافع الانقسام، بل كردٍّ على ما تعرض له أبناء السويداء من مجازر وانتهاكات وصمت دولي.
بين الانتهاكات والصمت الدولي
يروي بدرية تفاصيل ما وصفه بالمجزرة التي راح ضحيتها نحو 3 آلاف من أبناء السويداء، مشدداً على أن الاعتداءات التي شهدتها المحافظة كانت "عملية منظمة" اتخذت طابع الإبادة، ورافقها تعتيم إعلامي تام استمر 3 أيام، لم يكن العالم خلالها يعلم شيئاً عمّا يحدث في الجبل.
ويقول بدرية إن "ما جرى لم يرحم حجراً ولا شجراً ولا بشراً"، مشيراً إلى أن الهجمات استهدفت القرى الآمنة وانتهكت الحرمات والكرامات، في حين التزمت الأطراف الدولية الصمت.
وأضاف بنبرة غاضبة أن الطائفة "صرخت طلباً للنجدة"، لكن لم يستجب أحد سوى إسرائيل التي "لبّت النداء وضربت الدبابات" وفق تعبيره.
في سياق حديثه، شدد بدرية على أن قرار السويداء اليوم واضح: "نحن نطلب الاستقلال التام"، موضحاً أن الطائفة لم تعد ترى في السلطة المركزية شريكاً في الوطن بعد ما وصفه بـ"الاغتصاب السياسي لدمشق"، واعتبر أن ما تعرضت له السويداء هو نتيجة مباشرة لسياسات القمع والإقصاء المتبعة منذ سنوات.
وتابع بدرية قائلاً إن الجبل الذي احتضن السوريين ورفض الانخراط في الحرب أيام نظام بشار الأسد، دفع الثمن غالياً عندما تحوّل إلى ساحة تُمارَس فيها الانتهاكات تحت ذرائع الأمن والسيادة، مؤكداً أن الذاكرة الجماعية لأبناء السويداء لم تعد قادرة على تجاوز تلك الجراح أو العودة إلى ما قبلها.
رد على اتهامات التوجه نحو إسرائيل
نفى بدرية بشكل قاطع الاتهامات التي تتحدث عن سعي دروز سوريا للانخراط أو الاندماج في إسرائيل، مؤكداً أن هذه المزاعم "زور وكذب وبهتان".
وأوضح أن الطائفة الدرزية كانت ولا تزال جزءاً أصيلاً من النسيج السوري، مستشهداً بتاريخها الوطني وبقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش الذي "وحّد السوريين ولم يفرقهم".
وقال بدرية: "لو كنا نريد إسرائيل لطلبناها منذ البداية"، مذكراً بأن الموقف الدرزي في السويداء يستند إلى إرث وطني متجذر، وأن الحديث عن تقارب مع إسرائيل هدفه تشويه صورة الجبل وتبرير ما تتعرض له المحافظة من حصار واستهداف.
وأضاف أن الإشادة بإسرائيل في حديثه لا تتجاوز الاعتراف بواقعة ميدانية، حيث كانت — بحسب قوله — الجهة الوحيدة التي استجابت للصرخة الإنسانية أثناء الحصار، في حين لم يُبدِ أي بلد تضامناً أو حتى استنكاراً، بل شارك بعضهم في الصمت على ما جرى.
توحّد داخلي رغم الأصوات الناقدة
وحول ما يُثار عن وجود خلافات داخلية في صفوف الحرس الوطني، نفى بدرية وجود انقسامات حقيقية، موضحاً أن ما يجري لا يتعدى "بعض الأصوات الفردية" التي وصفها بأنها "ظواهر عابرة"، مؤكداً أن أبناء الجبل موحدون حول قيادتهم، وأن الحرس الوطني يمثل اليوم "الضامن الوحيد لأمن السويداء وحدودها".
وقال إن المحافظة، رغم الجراح، ما زالت قادرة على حماية نفسها، وأنها "تملك من الثروات والإمكانات ما يكفي لتعيش بكرامة" في حال تحقيق الاستقلال السياسي والإداري. وأكد أن الهدف ليس العزلة عن سوريا، بل بناء علاقة جديدة قائمة على الندية والاحترام المتبادل.
دعوة إلى العالم.. أوقفوا الإبادة وأعيدوا النساء
في ختام حديثه، وجّه بدرية نداءً مفتوحاً إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، داعياً إلى التحرك العاجل للكشف عن مصير النساء المختطفات اللواتي ما زلن في الأسر حتى اليوم، واصفاً استمرار احتجازهن بأنه "عار على الضمير الإنساني".
كما دعا الدول الضامنة للعملية السياسية في سوريا إلى "إثبات حسن النية" من خلال الضغط على الحكومة السورية للإفراج عن المختطفين ووقف الانتهاكات بحق المدنيين، مشيراً إلى أن أبناء السويداء ملتزمون بالهدنة لكنهم يتعرضون لهجمات متكررة بطائرات مسيّرة، في خروقات موثقة.
المصدر:
سكاي نيوز