آخر الأخبار

ما الجديد في إعلان تولي نائب الرئيس الفلسطيني رئاسة السلطة حال شغور المنصب؟

شارك





رام الله- مع إصداره إعلانا دستوريا جديدا، يقضي بتولي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مهام رئيس السلطة الفلسطينية حال شغور المنصب، يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد استكمل -وفق محلل سياسي وخبير قانوني تحدثا للجزيرة نت- إجراءات وإعلانات سابقة لهندسة دستورية لخلافته وتحديدا في سياق يصب في مصلحة الرجل الأبرز على الساحة السياسية الفلسطينية حسين الشيخ، فهذا الإعلان قطع أي طريق إلا أن يكون هو الرئيس القادم.

ويقضي الإعلان -بحسب وكالة "وفا" الرسمية- بأنه "إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نائب رئيس دولة فلسطين، مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا، لمدة لا تزيد على تسعين يوما، تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد، وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني، وفي حال تعذَّر إجراؤها خلال تلك المدة لقوة قاهرة تمدد بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني لفترة أخرى، ولمرة واحدة فقط".

وفق الكاتب عمر حلمي الغول، في مقال له بجريدة الحياة الجديدة الرسمية، فإن الإعلان يأتي "في إطار عملية الإصلاح المتواترة في منظمة التحرير والدولة الفلسطينية، وحرصا من الرئيس محمود عباس على تصويب العمل، وتطوير الأداء الداخلي، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني". معتبرا أنه "ينسجم مع المتطلبات القانونية والدستورية الناظمة للمؤسسات في البناء الفوقي".

وبرأيه فإن الإعلان الدستوري كان قرارا صائبا ومهما، وسهّل مهمة حسين الشيخ وفتح الطريق أمامه وأمام المؤسسات الرسمية الفلسطينية للانتقال السلمي للسلطة.

مصدر الصورة إعلان عباس الدستوري يمهد الطريق لحسين الشيخ لرئاسة السلطة الفلسطينية (مواقع التواصل)

مطالب الإصلاح

ومنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي تم استحداثه في أبريل/نيسان الفائت ويتولاه الشيخ، وكان المرحلة السابقة من هذه الإجراءات، هو ما قرأه المحللون أيضا على أنه تمهيد الطريق لوصول الرجل لمنصب الرئاسة، مؤكدين على فرضية أن هذه الإجراءات ليست بالجديدة، وإنما عملية منظمة عمل عليها الرئيس الفلسطيني والدائرة السياسية المحيطة به، للسيطرة على النظام السياسي الفلسطيني.

إعلان

أيضا، يتزامن هذا الإعلان مع مطالبات أميركية ودولية مُلحة للسلطة بإجراء الإصلاحات الداخلية، كان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قد حددها سابقا بخمس قضايا على رأسها "ترتيب عملية خلافة" لمنع انهيار السلطة في حال الاختلاف الفتحاوي الداخلي على الخلافة، و"تحسين كفاءة ومهنية المؤسسات المدنية وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وتعزيز شرعية فتح ودعمها الشعبي كوسيلة لموازنة حماس، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الممارسات المالية للسلطة الفلسطينية".

هندسة القيادة

مدير البحوث والسياسات في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) خليل شاهين يوافق على ذلك قائلا إن هذه الخطوة تأتي في سياق استكمال الرئيس الفلسطيني لهندسة كل المستويات القيادية والتي بدأها قبل سنوات، على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحركة فتح ذاتها.

وبحسب شاهين -في حديثه للجزيرة نت- فإن الأساس لكل ذلك هو "الموالاة السياسية للرئيس عباس نفسه" تكريسا لسياسة التفرد التي انتهجها الرئيس في السنوات الأخيرة، مضيفا أن "الرئيس بهذا الإعلان قام بالمناورة لتخفيف الضغوط الخارجية وترتيب مؤسسة الرئاسة لليوم الثاني لغيابه".

لكن هل هذه الخطوة ستكون استجابة لهذه المطالب وترتيب انتقال المنصب في ظل الظروف الفلسطينية المعقدة بعدم وجود مجلس تشريعي ولا إرادة سياسية لإجراء انتخابات؟ يجيب شاهين بـ"لا" إنما على العكس، "الخطوة تبدو أنها حل ولكنها ستثير الكثير من الإشكاليات بتعيين شخص بعينه".

وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني سبق أن حلّ المجلس التشريعي بموجب قرار من المحكمة الدستورية في عام 2018، وبعدها أصدر قرارا رئاسيا بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في مايو/أيار 2021.

ويأتي هذا المرسوم أيضا في ظل الحديث عن الإفراج عن مروان البرغوثي ، الفتحاوي الأكثر حظا للفوز بالانتخابات في حال تنظيمها، ليخوض هذا المسار السياسي. إلا أن شاهين لا يرى ارتباطا بين الأمرين؛ "الإعلان لا يضع قيودا على ترشح أي إنسان في حال حدثت الانتخابات، ولكن المشكلة أنه يقطع الطريق أمام إجراء الانتخابات، وكان الأولى إصدار مرسوم لإجرائها".

إنها "عملية توريث صلاحيات الرئيس المركبة بمناصبه المتعددة" رئيسا للسلطة ولمنظمة التحرير وقائد حركة فتح، والأخطر من ذلك، كما يقول شاهين "هو تقنين وشرعنة سياسة الإقصاء" وعدم السماح لدخول قوى سياسية إلى النظام السياسي الفلسطيني ما لم تكن موالية للرئيس، وتوافق على التزامات السلطة الفلسطينية بما في ذلك اتفاقية أوسلو .

مصدر الصورة شاهين يتحدث عن عملية توريث صلاحيات الرئيس المركبة بمناصبه المتعددة (الجزيرة)

انتهاكات دستورية

من ناحية قانونية وحقوقية يحمل الإعلان الدستوري الكثير من الإشكاليات، وفق الخبير في القانون الدستوري عصام عابدين والتي يصفها في حديثه للجزيرة نت بقوله "انتهاكات دستورية متتالية تحت شعار الإصلاح".

إعلان

ويرجع عابدين بداية هذه الانتهاكات إلى عام 2003 حين تم تعديل الدستور الفلسطيني وحُوِّل النظام السياسي من نظام شبه رئاسي إلى برلماني، قُلصت خلاله صلاحيات الرئيس وتحولت لهامشية بقوة الدستور، وحددت جميعها ضمن صلاحيات حكومة منتخبة ومراقبة من البرلمان. هذه التعديلات منعت هيمنة فرد على النظام السياسي.

في عام 2005، وبعد انتخاب الرئيس الثاني للسلطة الفلسطينية – محمود عباس الرئيس الحالي- قدم للمجلس التشريعي مشروع قرار رقم 192/2005/L لتعديل الدستور بحيث تعود صلاحيات الرئيس إلى ما كانت عليه قبل التعديل، ومنحه أيضا صلاحية حل البرلمان، والأهم استحداث منصب نائب الرئيس ولكن لم يتم تمرير المشروع في حينه، وفق الخبير القانوني.



تفرد بالسلطة

عابدين، الذي كان في حينه قد شغل منصب المستشار القانوني للرئاسة، يرى أن المحاولات في التفرد بالسلطة كانت مبكرة، وكانت فترة الانقسام فرصة للعمل عليها، حيث بدأت مرحلة جديدة بسن القوانين بقرارات، مبينا أنه منذ 2007 وحتى الآن أصدر الرئيس الفلسطيني 500 قرار بقانون (قرارات لها قوة القوانين)، في حين أن المجلس التشريعي الأول على مدار 10 سنوات لم يُقر سوى 87 قانونا فقط، أي أنها تعادل 60 عاما من التشريع.

المرحلة الثانية، وفق عابدين، كانت في عام 2018 عندما قامت المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي بقرار غير قانوني. وفي 2019 وتحت عنوان الإصلاح القضائي تم تشكيل "المجلس الأعلى للقضاء" رغم اعتراض القانونيين على الخطوة. ويعلق عابدين: "هنا بدأ المسار واضحا نحو التفرد بالسلطات من قبل الرئيس".

وبرأي الخبير الفلسطيني فإن هذه القرارات "منعدمة دستوريا" وهو مصطلح يدل على أنها ولدت ميتة دستوريا، وأنها تأتي ضمن خطة ممنهجة وليست وليدة مطالبات الإصلاح.

وتابع "الإعلان الدستوري يجب أن يخرج بالوسائل الديمقراطية ومن خلال هيئة تأسيسية واستفتاء شعبي، أو أن تكون هناك ثورة شعبية، وبالحالتين الشعب هو الذي يقرر بشأنها فقط، ولكن أن تخرج من الرئيس فهذا ما يحدث في الأنظمة الدكتاتورية فقط".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا