في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي -في تصريح لوكالة أسوشيتد برس- التزامه بدمج قواته ضمن الجيش السوري ، وقال إن خبراتهم في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ستُعزز قدرات الدولة السورية، وألمح إلى مرونة تركية محتملة تجاه هذا الاندماج.
ويأتي هذا التصريح في سياق تطبيق اتفاق 10 مارس/آذار 2025 بين قسد والحكومة السورية، والذي حمل في طياته طموحات لتوحيد سوريا عسكريا وسياسيا لكنه يواجه عقبات أيديولوجية وسياسية قد تعيق تحقيق هذا الهدف.
وشكّل توقيع اتفاق 10 مارس/آذار 2025 بقصر الشعب في دمشق -بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي ، بحضور مبعوثين أميركيين- نقطة تحول في مسار إعادة بناء الدولة، كما يرى محللون.
يتضمن الاتفاق 8 بنود رئيسية، أبرزها:
وبداية الشهر الجاري، عادت التوترات بين قسد والجيش السوري بمدينة حلب ، لا سيما حييْ الشيخ مقصود والأشرفية، ودار اشتباك لعدة ساعات انتهى بسقوط قتلى وجرحى، وعلى إثره تم توقيع وقف إطلاق نار جديد في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2025 بين وزير الدفاع مرهف أبو قصرة وعبدي.
وقال مصدر عسكري سوري -للجزيرة نت- إن تصريحات عبدي حول وجود اندماج فعلي داخل الجيش "غير دقيقة" مؤكدا أن ما تم حتى الآن هو تفاهم مبدئي على تشكيل لجان عسكرية لمتابعة عملية الدمج، والتي ستعمل حسب المصدر- على تقييم أعداد المقاتلين وتسليحهم وجاهزيتهم العسكرية تمهيدا لترتيب عملية الانضمام.
وأشار إلى أن الانضمام سيكون مقتصرا على العناصر السوريين فقط، وأن الحديث عن تقاسم موارد النفط مع قسد "غير صحيح" إذ إن الموارد ستؤول بالكامل للدولة التي ستوزعها على كل المناطق، بما فيها الشرقية.
كما لفت المصدر إلى أن لجان المشاهدة والتقييم التي يعتمدها الجيش ليست جديدة، بل هي آلية سبق استخدامها في دمج فصائل أخرى، مضيفا أن جهات داخل قسد تعارض الاتفاق وتقوم بخروقات متكررة خاصة منطقتي سد تشرين والشيخ مقصود، مما يدفع الجيش للرد على مصادر النيران.
وفي تصريحه الأخير، قال عبدي إن "قادة وعناصر قسد سيحصلون على مناصب جيدة بوزارة الدفاع وقيادة الجيش" مشيرا إلى أن خبرة قواته التي اكتسبتها خلال قتال تنظيم الدولة ستساهم بتعزيز قدرات الجيش السوري، وأن "الشرطة شمال شرق سوريا ستندمج أيضا بأجهزة الأمن الوطنية". وأوضح أن "أحداث السويداء و الساحل السوري ساهمت في تأخير تنفيذ الاتفاق مع دمشق".
وأضاف "إذا اتفقنا نحن السوريين فلن يكون ل تركيا أي مبرر للتدخل، وهناك بعض المرونة في الموقف التركي تجاه انضمام قواتنا إلى الجيش السوري".
ومن جانب آخر، أوضح مصدر عسكري خاص في قسد -للجزيرة نت- أن الاتفاق تضمّن تسلم الدولة السورية السيطرة الكاملة على المعابر وحقول النفط والدوائر المدنية من خلال موظفين يتبعون للحكومة، وربما يكون بعضهم من الكوادر السابقة نفسها.
مصدر خاص لسوريا الآن:
هاجم مسلحون مجهولون حاجزا تابعا لقوات سوريا الديمقراطية في بلدة السوسة بريف دير الزور الشرقي، دون تأكيدات حتى الآن حول وقوع إصابات بين عناصر الحاجز pic.twitter.com/vT7FNuPk6y
— سوريا الآن - أخبار (@AJSyriaNowN) October 17, 2025
وبيّن أن قسد ستبقى كتلة موحدة تتألف من 3 فرق رئيسية تغطي مناطق الرقة و دير الزور و الحسكة ، إلى جانب ألوية أخرى، كما ستتبع قوات الأسايش (الأمن الداخلي الكردي) وقوات حماية المرأة وزارة الداخلية ضمن قوات الأمن العام السوري، لتتولى مهام حفظ الأمن شرق البلاد.
وبحسب المصدر، ستحصل الدولة السورية على 80% من عائدات النفط، بينما ستحصل قسد على 20% لدعم المناطق الشرقية التي تعاني من ظروف إنسانية صعبة، وأضاف أن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) سيُحل ليُعاد تشكيله كحزب سياسي يُمثِّل أبناء شرق سوريا بالعملية السياسية المقبلة.
وأشار إلى أن الاتفاق يتضمن ترتيبات خاصة في منطقة القامشلي وريفها ذي الغالبية الكردية، وستمنح بعض القيادات المحلية خصوصية إدارية.
ويتوقع تنفيذ الاتفاق خلال العام الحالي، كما ستتبع الفرق العسكرية العاملة بالمنطقة أوامر القيادات الميدانية هناك، على أن يشرف عليها ضباط من وزارة الدفاع مع الحفاظ على الرتب الحالية.
ويرى مراقبون أن أحداث السويداء والساحل السوري، إلى جانب زيارة الرئيس الشرع إلى نيويورك ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ساهمت بتسريع الضغوط الدولية على الطرفين لتنفيذ الاتفاق بشكل عاجل.
وفي المقابل، اعتبر الخبير بالشأن التركي قتيبة فرحات -في حديثه للجزيرة نت- أن وصف السياسة التركية تجاه قسد بالمرنة "غير دقيق" موضحا أن أنقرة تنظر إلى الملف من زاوية الأمن القومي.
ومع ذلك، فإن قبولها بدمج "قسد" ضمن الجيش السوري يعكس نشاطا دبلوماسيا مكثفا يهدف لضمان عدم بقاء أي كيان عسكري مستقل خارج سيطرة الدولة السورية، حسب فرحات الذي بيّن أن القبول التركي مشروط بعدم منح قسد استقلالية، وهو ما يتماشى مع مصالح أنقرة في الحفاظ على استقرار الحدود.
وأضاف أن تراجع التصعيد التركي مؤخرا قد يعود لتفاهمات أميركية تركية، أو وعود من واشنطن بحل ملف قسد تدريجيا، مؤكدا أن تركيا تفضّل التحرك السياسي المنسق مع دمشق وواشنطن على أي تدخل عسكري منفرد.
وأشار فرحات إلى أن دمج قسد لن ينعكس سلبا على نفوذها في مناطق الشمال مثل عفرين و إدلب التي تعتبرها جزءا من عمقها الأمني والإقليمي.
من جانبه، رأى الكاتب والصحفي السوري قحطان الشرقي أن أمام عملية دمج قسد في الجيش السوري عقبات كبيرة، أهمها الخلافات الأيديولوجية والفوارق في العقيدة العسكرية بين الجانبين.
وأوضح أن الجيش السوري يقوم على عقيدة وطنية موحدة أساسها الدفاع عن الأرض، في حين تعتمد قسد على رؤية مغايرة ذات طابع إثني ومحلي، مما يجعل التنسيق بينهما صعبا حاليا.
وأضاف الكاتب أن الدولة السورية سعت منذ توقيع اتفاق 10 مارس/آذار إلى حل سلمي لتجنب الصدام، لكنها لم تلمس تقدما من جانب قسد خلال الأشهر السبعة الماضية.
وأشار إلى أن دمشق منحت قسد الوقت الكافي للالتزام بالاتفاق بالتنسيق مع تركيا و الولايات المتحدة ، إلا أن التأخير المستمر قد يدفعها للتعاون مع أنقرة لإيجاد مسار بديل.
واعتبر أن قسد تحاول المماطلة عبر تصريحات إعلامية دون خطوات عملية، معوّلة على تحركات داخلية في السويداء والساحل لم تؤت ثمارها بعد لقاء الرئيس الشرع مع ترامب في نيويورك، والذي حسم كثيرا من الملفات الدولية العالقة.
متحدثا عن أحداث الساحل والسويداء.. مظلوم عبدي يكشف سبب تأخر تطبيق اتفاق آذار خلال حديثه لوكالة أسوشيتد برس pic.twitter.com/0d1pSveuMa
— سوريا الآن - أخبار (@AJSyriaNowN) October 16, 2025
كما أوضح الشرقي أن قسد ما تزال تسيطر على غالبية الموارد النفطية والزراعية بالجزيرة السورية شمال شرق البلاد، معتبرة إياها خزّانا ماليا يصعب التخلي عنه دون ضغوط دولية حقيقية. وأضاف أن الخلافات الداخلية داخل قسد، خصوصا بين جماعة قنديل (القيادة التي تتخذ من جبال قنديل الحدودية بين العراق وإيران وتركيا معقلا) وجناح عبدي قد تُعقّد تنفيذ الاتفاق.
ورغم تأكيده تفضيله للحل السياسي، لم يستبعد الشرقي اللجوء للخيار العسكري إذا استمرت قسد في المماطلة، مشيرا إلى أن تجاربها السابقة في التنصل من الاتفاقيات دفعت تركيا سابقا إلى شن عمليات عسكرية في عفرين و منبج والرقة وتل أبيض.
واعتبر أن استمرار التأخير -مع الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية- قد يعيد السيناريو نفسه، خاصة في ظل تزايد التنسيق بين دمشق وأنقرة.