آخر الأخبار

عشرات آلاف السوريين عاجزون عن العودة لقراهم في السويداء

شارك

السويداء- لا تزال آثار الدمار منتشرة بقرى السويداء الغربية والشمالية، ولا يزال سكان تلك القرى عاجزين عن العودة إلى منازلهم، بعد مرور قرابة 3 أشهر على نزوحهم منها، حيث يقدر عددهم بما بين 170 ألفا و200 ألف شخص.

وكانت قوات حكومية تتبع لوزارة الدفاع السورية ووزارة الداخلية قد دخلت السويداء جنوب البلاد، من المحورين الغربي والشمالي يوم 13 يوليو/تموز الماضي، بغرض بسط سيطرة الدولة وفض الاشتباكات بين قوات من العشائر البدوية ومقاتلين دروز.

وأسفرت هذه الاشتباكات عن تهجير عشرات الآلاف من السكان المحليين، وحرق نحو 36 قرية، وارتكاب العديد من الانتهاكات بحق المدنيين الدروز والبدو على حد سواء.

من جهته، أطلق محافظ السويداء مصطفى البكور تطمينات تحثّ سكان تلك القرى على العودة إلى منازلهم، والإعلان عن رصد مبالغ نقدية كتعويضات لأعمال صيانة وترميم منازلهم، لكن دون أن تتمكن المحافظة من تنفيذ أي من هذه الوعود على الأرض في تلك القرى.

مخاوف أمنية

يرى الناشط السياسي مروان حمزة أن هناك مشكلة عسكرية تحول دون رجوع السكان إلى قراهم المتضررة، ويقول للجزيرة نت إن "استمرار تواجد حواجز للأمن العام في القرى الشمالية والغربية يعقّد العودة، الأمر الذي يتطلب قرارا سياسيا من قبل دمشق لإزالة تلك الحواجز وإتاحة المجال لعودة النازحين إلى بلداتهم".

كما أشار إلى استمرار عمليات السرقة والنهب للمنازل في القرى المحروقة بالرغم من انتشار الأمن العام فيها، متسائلا "هل هذا يعكس عجز جهاز الأمن العام عن بسط سلطته؟".

في حين يعتبر الخبير الأمني والسياسي والقريب من الحكومة السورية عصمت العبسي، أن الأخيرة قدمت للناس الأمان من خلال انتشار قوات الأمن العام في تلك القرى، الأمر الذي يطمئن سكان تلك القرى للعودة إلى منازلهم.

ويوضح للجزيرة نت أن "ما يحول دون تلك العودة هو الخوف، وما تسببه الشائعات التي تروجها القوات التابعة لشيخ العقل حكمت الهجري ، حول تجدد الاشتباكات في أي لحظة".

إعلان

وأضاف "يجب أن تعود مؤسسات الدولة لممارسة عملها المعتاد في السويداء كضمان حقيقي يحتاجه أبناء تلك القرى لعودتهم إلى بيوتهم، والتشديد على قضية السلم الأهلي وضرورتها".

وبعد تسلمها اقتصادا متهالكا من حقبة حكم الأسد، تعاني الحكومة السورية من أزمة تمويل عميقة. وهذا ما يوضحه العبسي للجزيرة نت قائلا إن "البنية التحتية في سوريا متهالكة، وليس فقط في تلك القرى الدرزية".

وأضاف أنه "بسبب العجز المالي الحكومي، تم اللجوء إلى حملات محلية وأهلية بهدف إعادة تأهيل البنية التحتية، وهذا أيضا هو صلب هدف صندوق التنمية الذي أنشأته الحكومة لهذه الغاية، ومن الصعوبة في الوقت الراهن أن يتم مشروع إعادة تأهيل البنية التحتية في مناطق لا تزال مصنفة على أنها مناطق توتر واشتباك، كقرى السويداء الشمالية والغربية".

ومن جهتها بدأت محافظة السويداء حملة ترويجية لمبادرة "السويداء منا وفينا"، التي من المقرر أن تنطلق يوم الأحد المقبل في قرية "الصورة الكبيرة" في ريف السويداء الشمالي، بهدف جمع التبرعات لأعمال الصيانة والترميم.

ووصف ناشطون دروز هذه المبادرة بأنها "متأخرة ولا تنصف دماءهم والانتهاكات التي وقعت بحقهم"، في حين ندد ناشطون من خارج السويداء بهذه المبادرة أيضا، معتبرين أن هدفها "إرسال الأموال إلى الهجري وفريقه الانفصالي"، وهو ما نفاه مؤيدون للحملة بأنها من تنظيم المحافظة، ويشرف عليها المحافظ نفسه، وستقام في قرية الصورة التي تقع تحت سيطرة الدولة.

مصدر الصورة شوارع القرى الجنوبية في السويداء تبدو خالية من سكانها (الجزيرة)

حال القرى

ولم تشهد قرى السويداء المنكوبة أي عودة جادة لقاطنيها، في ظل انعدام مقومات العودة الآمنة، باستثناء تسجيل بعض حالات العودة الفردية إلى قرية المزرعة في ريف السويداء الغربي، وهي المنطقة التي اتخذ منها المحافظ البكور مقرا لعمله في مبنى المركز الثقافي.

ويرى بسام الشوفي، وهو منسق الأمانة العامة لمؤتمر السويداء العام، الذي سبق أن أكد على أهمية الخطاب الوطني ووحدة التراب والمصير السوريين، أن الجهة المسؤولة عن عدم تمكين عودة المهجّرين إلى مساكنهم هي الحكومة الحالية.

ويبرر ذلك في حديثه للجزيرة نت، بالقول إنها "لم تُزل موانع العودة أو تبادر لإزالة آثار العدوان المادية والنفسية، ولم توفر سبل العيش أو التطمينات اللازمة والكافية لتشجيع الأهالي على العودة، وإعادة تأهيل ما تبقى من بيوتهم".

ومع بدء موسم المدارس في سوريا، تتفاقم أزمة النازحين، نظرا لكون معظمهم يشغلون المدارس كمراكز إيواء، حيث تؤكد ناشطة حقوقية من السويداء للجزيرة نت -فضلت عدم الكشف عن اسمها- أن "تجميع المهجّرين في المبنى الجديد للقصر العدلي في السويداء يبدو فكرة غير صائبة".

بالمقابل ذكرت الناشطة أن مسلحين يتبعون للشيخ للهجري يشغلون مساكن القلعة التي تحوي قرابة 3 آلاف مسكن، وهي التي كانت مخصصة لإقامة الضباط من خارج السويداء خلال فترة النظام السابق.

وتصرّ المجموعات التابعة للهجري على منع المهجّرين من العودة إلى منازلهم، وفق الأهالي. ويوضح الناشط السياسي مروان حمزة للجزيرة نت أن سكان تلك القرى يتمنون العودة إلى بيوتهم بأسرع ما يمكن، "حتى إن عددا من سكان قرية ولغا سبق أن أعلنوا رغبتهم بالعودة إلى بلدتهم قبل أسبوعين، غير أن غرفة العمليات التابعة للشيخ الهجري منعتهم، بحجة وجود هدنة"، بحسب قوله.

إعلان

وأضاف أن وفدا من الأهالي زار الشيخ الهجري مؤخرا ليسألوه عن إمكانية عودتهم إلى بيوتهم، ليرد عليهم بأنه لم يحصل على موافقة بعد، ويعلق حمزة متسائلا "من أين ستأتي هذه الموافقة؟".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا