أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عن خطط أولية لفرض هوية رقمية إلزامية كشرط للعمل في بريطانيا، وذلك كجزء من خطط مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وصرح ستارمر بأن نظام الهوية الرقمية الجديد سيُصعّب العمل في البلاد بشكل غير قانوني، وسيُقدّم "مزايا لا تُحصى" للمواطنين.
مع ذلك، جادلت أحزاب المعارضة بأن الخطة المقترحة لن تمنع الناس من عبور القنال الإنجليزي (قادمة من فرنسا بطريقة غير شرعية) في قوارب صغيرة.
وعرض رئيس الوزراء خططه في خطاب موسع أمام حشد من قادة العالم، قال فيه إنه كان "من السهل جداً" على الناس العمل بشكل غير قانوني في بريطانيا، لأن (تيار) يسار الوسط كان "متحفظاً" إزاء قول أشياء "صحيحة تماماً".
وفي كلمته أمام مؤتمر العمل التقدمي العالمي في لندن، والذي حضره سياسيون من بينهم رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، ورئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، قال ستارمر إن الوقت قد حان "لمراجعة أنفسنا والاعتراف بأخطائنا في تجاهل اهتمامات الناس".
وقال إن "الاعتماد على العمالة التي تستغل العمال الأجانب، وتقوض الأجور العادلة، ليس من سياسات اليسار الرحيمة".
وأضاف أن "الحقيقة البسيطة هي أن كل دولة بحاجة إلى السيطرة على حدودها، نحن بحاجة إلى معرفة من يتواجد في بلدنا".
وفي حوار عقب الخطاب، قال السير ستارمر إنه يريد أن تكون الانتخابات القادمة "معركة مفتوحة" بين حزب العمال وحزب "إصلاح بريطانيا" Reform UK.
وتعليقاً على خطاب رئيس الوزراء، قال حزب "الإصلاح" إن الجمهور "يدرك حقيقة أن ستارمر يواصل إرث حزب المحافظين، المتمثل في الضرائب المرتفعة والهجرة الجماعية".
وعلى الرغم من وجود خمسة نواب فقط في البرلمان، إلا أن حزب الإصلاح بزعامة نايغل فاراج يتصدر استطلاعات الرأي في بريطانيا منذ عدة أشهر.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مواجهة "تحدي حزب الإصلاح" سيكون محوراً رئيسياً، في خطابه أمام أعضاء الحزب في مؤتمر حزب العمال الأسبوع المقبل.
وتتعرض حكومة ستارمر لضغوط لمعالجة قضية الهجرة غير الشرعية، حيث وصل أكثر من 50 ألف مهاجر على متن قوارب صغيرة إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال السلطة.
وفي معرض إعلانه عن خططه لنظام الهوية الرقمية الجديد، قال رئيس الوزراء، إن "تأمين الحدود والسيطرة على الهجرة مطالب معقولة، وهذه الحكومة تُنصت لهذه المطالب وتُنفذها".
وأضاف: "تُمثل الهوية الرقمية فرصة هائلة لبريطانيا، فهي ستُصعّب العمل غير القانوني في هذا البلد، مما يجعل حدودنا أكثر أماناً".
وأوضح أنها "ستُقدّم للمواطنين العاديين مزايا لا تُحصى، مثل إمكانية إثبات هويتهم للوصول إلى الخدمات الرئيسية بسرعة - بدلاً من البحث عن فاتورة خدمات قديمة".
وأكدت الحكومة رغبتها في ضمان نجاح هذا النظام لمن لا يستطيعون استخدام الهواتف الذكية، وستُطلق مشاورات حول كيفية تقديم الخدمة في وقتٍ لاحق من هذا العام.
من المتوقع أن تستمر المشاورات لثلاثة أشهر، على أن يُعرض التشريع على البرلمان مطلع العام المقبل.
وأكد داونينغ ستريت (مقر رئاسة الوزراء) أنه لن يُشترط على الأفراد حمل هوياتهم، أو يُطلب منهم إبرازها.
ومع ذلك، ستكون الهوية الرقمية إلزامية كوسيلة لإثبات حق العمل في بريطانيا بحلول نهاية دورة البرلمان، التي يُتوقع أن تكون عام 2029 على أبعد تقدير.
وسيتم حفظ الهوية الرقمية الجديدة على هواتف الأشخاص، بطريقةٍ مُشابهة لبطاقات الدفع اللاتلامسية أو تطبيق هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS.
ومن المتوقع أن تتضمن اسم الشخص وتاريخ ميلاده، والجنسية أو حالة الإقامة وصورة شخصية.
وستنظر المشاورات أيضاً في إمكانية إدراج معلومات إضافية، مثل العنوان.
كما سيتعين على أصحاب العمل إجراء عمليات فحص للمرشحين المحتملين للعمل لديهم، إذ أصبحوا منذ عام 2022، قادرين على إجراء عمليات تدقيق حول المواطنين البريطانيين والأيرلنديين الحاملين لجوازات السفر.
كما يوجد نظام إلكتروني تابع لوزارة الداخلية، يتيح التحقق من وضع المواطن غير البريطاني أو الأيرلندي، الذي تُحفظ حالته القانونية إلكترونياً.
ومع ذلك، فمن المفهوم أن المسؤولين يبحثون ما إذا كان نظام الهوية الرقمية يمكن أن يقلل من استخدام الوثائق المزورة، ويوفر نهجاً أكثر اتساقاً للتحقق من هوية العمال.
وأعلنت الحكومة أن إطلاق النظام الجديد سوف يُبسط في نهاية المطاف عملية التقدم بطلبات الحصول على خدمات، مثل رخص القيادة ورعاية الأطفال والرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى السجلات الضريبية.
وأضافت أن النظام الجديد "سيُرسل رسالة واضحة، مفادها أنه إذا أتيت إلى هنا بشكل غير قانوني، فلن تتمكن من العمل"، مما يردع الناس عن عبور القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة.
وصرحت وزيرة العمل والمعاشات في حكومة الظل المحافظة، هيلين واتلي، بأنها "تتفهم مبرر" إصدار بطاقات هوية لضمان إقامة الأشخاص في بريطانيا بشكل قانوني، إلا أن حزبها "يعارض إصدار بطاقات هوية إلزامية".
وأضافت لبرنامج "توداي" على إذاعة بي بي سي 4، أن مقترحات حكومة حزب العمال "ستُجبر الملتزمين بالقانون على تجاوز المزيد من العقبات، وستُثقل كاهل أصحاب العمل بالبيروقراطية، بينما سيستمر العمل غير القانوني في الاقتصاد غير الرسمي".
وأضافت: "لهذا السبب، لا يُعد هذا حلاً لمشكلة إيقاف قوارب المهاجرين".
وقال زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، السير إد ديفي، إن حزبه "سيُحارب بشراسة" هذا المخطط، الذي "سيزيد من فواتيرنا الضريبية ويفاقم من البيروقراطية، بينما لا يُقدم أي جهد يُذكر لمعالجة مشكلة عبور القنال (الهجرة غير الشرعية)".
وقال متحدث باسم حزب الإصلاح إن خطط الحكومة "مُجرد خدعة ساخرة لخداع الناخبين، وإيهامهم بوجود إجراءات تُتخذ لمكافحة الهجرة غير الشرعية".
وصرحت الحكومة الأسكتلندية، بقيادة الحزب الوطني الأسكتلندي، بأنها "تعارض تطبيق أي بطاقة إلزامية، أو إلزامية الحمل، أو إمكانية طلب أي شخص رؤيتها، بما في ذلك بطاقة الهوية الرقمية".
ووصفت ميشيل أونيل، الوزيرة الأولى لأيرلندا الشمالية، الاقتراح بأنه "غير مدروس"، وبأنه "هجوم على اتفاق الجمعة العظيمة وعلى حقوق المواطنين الأيرلنديين في شمال أيرلندا".