آخر الأخبار

ترامب يتعهد وزيلينسكي يهدد.. هل تقترب لحظة كسر العظام؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

زيلينسكي: على المسؤولين الروس معرفة أماكن ملاجئ القنابل

تتسارع وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية لتدخل مرحلة جديدة تتسم بالتصعيد الكلامي والعمليات الميدانية المعقدة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خرج بتصريحات نارية هدد فيها موسكو قائلاً: "على الروس أن يعرفوا أماكن أقرب ملاجئ القنابل"، في إشارة إلى احتمالية توسيع دائرة الاستهدافات.

في المقابل، جاء الرد سريعاً من نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف الذي لوّح بأسلحة "لا تحمي منها حتى الملاجئ".

وبين هذا وذاك، رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب منسوب الدعم العسكري والسياسي لكييف، متعهداً بتزويد حلف شمال الأطلسي بالسلاح بلا قيود، ما اعتُبر ضوءاً أخضر لاستمرار أوكرانيا في القتال.

هذه التطورات تأتي في ظل تسريبات حول تعاون عسكري روسي صيني في مجال الطائرات المسيرة، وحوادث متكررة لإغلاق مطارات أوروبية بسبب رصد مسيّرات مجهولة الهوية، ما ينذر باحتمال توسع رقعة الحرب إلى أوروباالغربية. فهل دخل الصراع مرحلة "كسير العظام" على أكثر من جبهة؟.

تهديدات زيلينسكي ورد مدفيديف

أحدث ما طبع المشهد هو تصريحات زيلينسكي في مقابلة مع "آكسيوس شو"، حيث دعا المسؤولين الروس لمعرفة أماكن الملاجئ القريبة منهم تحسبًا لقصف محتمل.

هذه الرسالة لم تُقرأ كخطاب داخلي بقدر ما فُهمت كإشارة سياسية وعسكرية إلى أن كييف مستعدة لنقل المعركة إلى العمق الروسي. لكن الرد لم يتأخر. مدفيديف، الذي يحرص دائمًا على إطلاق تصريحات عالية السقف، عاد ليذكّر بأن موسكو تمتلك أسلحة "لا تحمي منها الملاجئ".

رسالته كانت موجهة إلى كييف و واشنطن على حد سواء، لتؤكد أن روسيا ما زالت تملك أوراق الردع الاستراتيجي.

هذا التلاسن العلني بين العاصمتين يشي بأن الحرب تجاوزت إطار العمليات الميدانية لتدخل مرحلة الحرب النفسية، حيث تستخدم التصريحات لترهيب الخصم وإضعاف معنوياته.

الدعم الأميركي المتجدد

في المقابل، رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب منسوب الدعم لكييف، مؤكدًا أن واشنطن ستواصل إرسال السلاح إلى حلف الناتو كي يتمكن من دعمه لأوكرانيا دون قيود.

ترامب ذهب أبعد من ذلك حين وصف روسيا بأنها "نمر من ورق" فشل في تحقيق مكاسب جديدة على الأرض.

الكرملين رد بسخرية معاكسة، مؤكدًا أن روسيا ليست نمرًا من ورق بل "دب حقيقي"، في محاولة لنقض رواية ترامب وإظهار القوة.

لكن خلف هذا السجال، يظهر التوجه الأميركي إلى إبقاء الدعم العسكري لأوكرانيا قائمًا عبر أوروبا، ما يتيح لواشنطن هامشًا في إدارة الصراع من دون الانخراط المباشر.

السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أضاف بُعدًا آخر حين أوضح أن ترامب سيبيع السلاح للناتو دون قيود، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن الحرب قد تصل إلى "عتبة دار روسيا".

هذا التناقض يعكس المعضلة الأميركية: دعم غير محدود ظاهريا، لكنه محسوب بدقة لتجنب مواجهة مباشرة مع موسكو.

المسيرات.. السلاح الذي يرعب أوروبا

واحدة من أبرز تطورات هذا الملف هو تصاعد الحديث عن الطائرات المسيرة. تقارير كشفت أن خبراء صينيين سافروا إلى روسيا للمشاركة في تطوير تقنيات الطائرات المسيرة العسكرية، ضمن شركات حكومية خاضعة لعقوبات.

الوثائق التي اطلعت عليها "رويترز" أظهرت أن هذه الزيارات تكررت أكثر من ست مرات منذ العام الماضي، وأن موسكو حصلت أيضًا على شحنات من مسيرات هجومية عبر وسطاء.

هذه المعطيات تزامنت مع رعب أوروبي متزايد. السلطات النرويجية أعلنت ضبط طائرة مسيرة قرب مطار أوسلو، فيما شهدت الدنمارك أحداثًا مشابهة أدت إلى إغلاق مؤقت لمطار ألبورغ وتعطيل مطار كوبنهاغن قبل يومين من ذلك.

وزير الدفاع الدانماركي اعتبر أن هذه الطائرات "هجوم منظم"، بينما سارعت السفارة الروسية إلى نفي أي تورط.

الأكيد أن هذه المسيرات لم تعد مجرد أدوات دعم ميداني، بل تحولت إلى عنصر يثير الذعر في أوروبا، ويكشف عن قابلية الحرب للتمدد إلى ساحات جديدة.

قراءة تحليلية

قدّم مدير مركز جي بي أس للدراسات أصف ملحم خلال حديثه إلى "التاسعة" على سكاي نيوز عربية قراءة أعمق لما يجري.

بحسب رأيه، فتصريحات ترامب تعني عمليًا أنه سيزود الدول الأوروبية بالسلاح الذي يمكنها بدورها منحه لأوكرانيا، من دون أن يذهب بنفسه إلى مستوى السماح باستخدام هذه الأسلحة في العمق الروسي.

هذا يشير إلى أن ترامب، رغم خطابه المرتفع، ما زال يحافظ على التوازن نفسه الذي ساد في عهد بايدن.

ملحم أوضح أن أوكرانيا تعمل على تطوير صواريخ باليستية بالتعاون مع ألمانيا وبريطانيا، لكن روسيا تتابع هذه المحاولات وتضرب منشآت التصنيع بدقة. وهو ما يجعل تهديد زيلينسكي بالملاجئ أقرب إلى محاولة نفسية منه إلى قدرة ميدانية حقيقية.

الأخطر في تحليله كان قوله إن الجيش الأوكراني "يكاد يتفكك"، مشيرًا إلى أن روسيا قادرة على رفع وتيرة هجماتها بالطائرات المسيرة إلى 1500 طائرة في اليوم. هذا الرقم يختصر حجم التحدي الذي يواجه كييف، ويكشف خلل التوازن بين الطرفين.

نقل المعركة إلى الداخل الروسي والأوروبي

ملحم ذكّر بأن أوكرانيا كانت دائمًا مترددة في الاعتراف بمسؤوليتها عن هجمات مثل قصف جسر القرم عام 2022، لكنها بدأت تدريجيا بنقل المعركة إلى الداخل الروسي. لكنه أكد أن الطائرات المسيرة التي تضرب الأراضي الروسية تنطلق غالبًا من داخل روسيا نفسها، عبر شبكة واسعة من العملاء الذين جندتهم كييف بطرق متعددة، حتى عبر استخدام مراهقين لإطلاق الطائرات.

بالمقابل، يبدو أن روسيا بدورها بدأت بتنفيذ استراتيجية مشابهة في أوروبا، مع احتمالات بوجود شبكات عملاء لها في عدة دول أوروبية. هذه النقلة النوعية قد تفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة، إذ يصبح الأمن الأوروبي جزءًا مباشرًا من مسرح الحرب.

المخاوف النووية ومعاهدة "نيو ستارت"

التهديدات الروسية لم تقف عند حدود الطائرات المسيرة. مدفيديف أعاد التذكير بالعقيدة النووية الروسية، ملوحًا بأن موسكو قد تضطر لاستخدام السلاح النووي إذا وصلت المعركة إلى مستوى يستدعي ذلك.

هذه التصريحات ارتبطت أيضًا بالحديث عن انتهاء معاهدة "نيو ستارت" في فبراير 2026، حيث تساءل مدفيديف عن مصيرها، ما يُقرأ كإشارة إلى استعداد روسيا للانسحاب من التزاماتها إذا استمر الضغط الغربي.

هذا التصعيد النووي يهدف إلى رفع سقف الرهان السياسي وإخافة الشارع الأوروبي الذي تُظهر استطلاعات الرأي أنه لا يرغب في حرب مباشرة مع روسيا. موسكو تراهن على أن الخوف النووي سيدفع قطاعات أوروبية للضغط من أجل تسوية سياسية.

العقوبات والاقتصاد الروسي

في المحصلة، يرى ملحم أن العقوبات الغربية فقدت فعاليتها. روسيا نجحت في تطوير شبكة لوجستية واسعة تتيح لها بيع نفطها إلى الصين و الهند وتركيا، بينما تستفيد شركات تركية من شراء منتجات أوروبية وإعادة بيعها إلى موسكو. هذه الثغرات جعلت من العقوبات ورقة شبه مستنفدة.

بلغة أخرى، روسيا ليست معزولة كما يتصور البعض، بل هي تخوض حربًا تعتبرها "وجودية" وستواصلها حتى تحقيق أهدافها التي وضعتها منذ البداية.

وبين تهديدات زيلينسكي ومدفيديف، ودعم ترامب غير المحدود ظاهريا، وتطورات الطائرات المسيرة، ومعضلة العقوبات، تبدو الحرب الأوكرانية على أعتاب مرحلة جديدة. مرحلة عنوانها "كسر العظام"، حيث تتقاطع الحرب النفسية مع الميدان، وتتشابك مصالح القوى الكبرى مع هواجس أوروبا الأمنية.

الخيارات مفتوحة.. تصعيد قد يصل إلى التهديد النووي، أو ضغوط داخلية أوروبية للبحث عن تسوية. لكن المؤكد أن هذه الحرب لم تعد مجرد نزاع إقليمي، بل اختبار شامل لموازين القوى العالمية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا