بريطانيا وأستراليا وكندا تعلن الاعتراف بالدولة الفلسطينية
مع اعتراف بريطانيا بشكل رسمي بدولة فلسطين قبل قليل، استقبل غزيون كثر الخطوة بمشاعر إيجابية، واصفين إياها بـ"المنتظرة منذ سنوات".
تحدثت إلى بعض الأسر الفلسطينية في غزة عن هذا الإعلان، من بينهم عايدة الصفدي – وهي امرأة فلسطينية تعاني من السرطان ومرض في القلب. قالت لي عبر الهاتف إنها وعائلاتها كانوا ينتظرون الموقف الرسمي البريطاني هذا بـ"فارغ الصبر، فهو خبر جميل أن تعترف بنا بريطانيا بأننا دولة قد تستعيد سيادتها وكرامتها في يوم من الأيام".
تقول عايدة – البالغة من العمر 62 عاماً- إن الإعلان "هون كثيراً عليهم معاناة النزوح التي عاشوها على مدار الأسبوع الماضي" بعدما بدأت إسرائيل عمليتها البرية على غزة.
"لعلّها (خطوة الاعتراف البريطاني بفلسطين) تكون فاتحة الخير علينا في غزة وتتوقف الحرب" هكذا تقول بنبرة مبتهجة عبر الهاتف.
شاركها في الرأي ذاته زوج ابنتها عبد الله أبو ربيع الذي قال لي إن الأمر "ربما يضع ضغطاً على الإسرائيليين وعلى الدول الأوروبية الأخرى للنظر إلى الفلسطينيين بشكل مختلف الآن."
أما سلامة العوضي – فلسطيني يبلغ 40 عاماً – فيصف الخطوة بالتاريخية وإن كانت متأخرة بعض الشيء.
يقول لي في تسجيل صوتي عبر تطبيق واتساب: "أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي. الشعب الفلسطيني ينظر إلى بريطانيا على أنها السبب في دخول اليهود إلى الأراضي الفلسطينية من خلال وعد بلفور، فاعترافها بالدولة الفلسطينية اليوم هو تصحيح لهذا القرار التاريخي"
ويضيف العوضي أنه على الرغم من أن الاعتراف البريطاني إيجابيا فإنه ربما لن يغيرشيئا على الأرض.
"لا يزال القتال مستمرا والناس يموتون جوعا. لا أقول إنه خبر غير إيجابي ولكن علينا أن نرى ما إذا كانت هذه الخطوة ستغير الوضع الحالي في غزة أم لا".
باتت المملكة المتحدة ثاني دولة من مجموعة الدول السبع الكبرى (G7) تعترف رسمياً بدولة فلسطينية، بعد كندا.
وتُهيمن هذه المنظمة، التي تضم أكبر سبع اقتصادات تُسمى "متقدمة" في العالم، على التجارة العالمية والنظام المالي الدولي.
واعترفت كندا قبل قليل بالدولة الفلسطينية، كما وضعت فرنسا خططاً للاعتراف بالدولة الفلسطينية أيضاً، ولكن من المتوقع أن تُعلن ذلك رسمياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وصرح رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، في يوليو/تموز أن كندا ملتزمة منذ زمن طويل بحل الدولتين كجزء من عملية سلام تفاوضية.
وأشار إلى توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وتدهور الوضع الإنساني في غزة، قائلاً: "لم يعد هذا النهج قابلاً للاستمرار".
وفي إعلانه خلال الشهر نفسه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "التزاماً منها بالتزامها التاريخي بتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، قررت أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين".
وأضاف ماكرون: "يجب علينا أيضاً ضمان نزع سلاح حماس، وتأمين غزة وإعادة إعمارها".
وقالت الولايات المتحدة، التي انتقدت مواقف زملائها في مجموعة السبع، إنها "لا تنوي" اتباع نهجهم.
ولم تلتزم الدول الثلاث المتبقية في مجموعة السبع - إيطاليا وألمانيا واليابان - بالاعتراف.
خلال زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، سُئل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط رئيس الوزراء البريطاني للاعتراف بدولة فلسطينية.
وقال ترامب، في معرض رده على أسئلة الصحفيين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في تشيكرز: "لدي خلاف مع رئيس الوزراء في هذا الصدد".
وأضاف "في الواقع إنها واحدة من خلافتنا القليلة".
وبدلاً من ذلك، أكد الرئيس الأمريكي أنه يود أن يرى حماس تفرج عن جميع الرهائن المتبقين والمحتجزين في غزة.
وقال ترامب "نريد أن ينتهي هذا. علينا استعادة الرهائن فوراً. هذا ما يريده شعب إسرائيل".
ويتوافق هذا مع ما قاله نائبه الشهر الماضي، عندما أكد أن الولايات المتحدة "ليس لديها خطط" للاعتراف بدولة فلسطينية، مشيراً إلى "عدم وجود حكومة فاعلة هناك".
لماذا تعترف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية يوم الأحد، قبل يوم واحد من اتّخاذ فرنسا ومجموعة من الدول الأوروبية خطوة مماثلة؟
يظن البعض ربما أن القرار سيكون له تأثير أكبر لو أعلنته هذه البلدان مجتمعةً، بينما يقف قادتها جنباً إلى جنب في الأمم المتحدة بنيويورك.
تكمن الإجابة في حقيقة أن رأس السنة اليهودية - المعروفة باسم روش هاشناه - تبدأ مساء يوم الاثنين، ولم يرد الدبلوماسيون توجيه إساءة بالإعلان عمّا قد يكون قراراً مثيراً للجدل بالنسبة للبعض، في الوقت الذي يبدأ فيه العديد من الإسرائيليين الاحتفال بمناسبة مقدسة.
فيما قرر الفرنسيون، بعد أن نظموا مؤتمراً خاصاً في الأمم المتحدة، الالتزام بيوم الاثنين.
وربما يكون السبب الأكثر واقعية هو أن ستارمر لن يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، ولا يمكن ترك إعلان بهذا الحجم لنائب رئيس الوزراء، ديفيد لامي، أو وزيرة الخارجية إيفيت كوبر، اللذين سيمثلان بريطانيا في نيويورك.
لاقت الخطوة المتوقعة من رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، اليوم انتقادات شديدة من الحكومة الإسرائيلية وبعض عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.
وفي رسالة مفتوحة نُشرت يوم السبت، حثّت مجموعة مكونة من 16 فرداً من أقارب الرهائن الذين احتُجزوا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ستارمر على عدم المضي قدماً في خطته للاعتراف بدولة فلسطينية.
وجاء في الرسالة: "إن إعلانكم المؤسف عن نية المملكة المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية أدى إلى تعقيد كبير للجهود الرامية إلى إعادة أحبائنا إلى ديارهم".
وورد كذلك: "احتفلت حماس بالفعل بقرار المملكة المتحدة واعتبرته انتصاراً، وتراجعت عن اتفاق وقف إطلاق النار. نوجه لكَ مناشدة بسيطة: لا تتخذ هذه الخطوة إلا بعد عودة أحبائنا إلى ديارهم وبين أحضاننا".
الجدير بالذكر أنه لا يزال هناك 48 رهينة محتجزين لدى حماس في غزة، ويُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة.
قال رئيس البعثة الفلسطينية في المملكة المتحدة السفير حسام زملط، إن "أخطاء الماضي بدأت تُصحح"، وذلك رداً على سؤال حول معنى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأوضح زملط أيضاً أن السلطة الفلسطينية ملتزمة بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، مضيفاً أن ذلك غير ممكن حالياً في ظل "حواجز الطرق، ونقاط التفتيش، وإرهاب المستوطنين المتصاعد" في الضفة الغربية.
وقال إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "ضروري"، وإن أي شخص يعارض ذلك ينظر إلى الوراء لا إلى الأمام.
قال نائب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لامي، الذي سيمثل المملكة المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "الاعتراف بدولة فلسطينية هو نتيجة التوسع الخطير الذي نشهده في الضفة الغربية، والنية والمؤشرات التي نلمسها إلى بناء المشروع (E1) مثلاً، الذي سيقوّض بصورة خطيرة فرص حل الدولتين".
وأكّد لامي خلال حديثه لتلفزيون بي بي سي أن الاعتراف بدولة فلسطينية لن يُنشئها "بين عشية وضحاها"، مشدداً على أن الاعتراف يجب أن يكون جزءاً من عملية سلام أوسع.
وأضاف قائلاً: "أي خطوة للاعتراف بها تنبع من رغبتنا في الحفاظ على فرص حل الدولتين".
تُمثّل هذه الخطوة تغييراً جذرياً في السياسة الخارجية البريطانية، بعد أن أكدت الحكومات المتعاقبة أن الاعتراف يجب أن يكون جزءاً من عملية السلام وفي وقتٍ يكون فيه تأثيره بالغاً.
وقد أثارت هذه الخطوة انتقاداتٍ لاذعة من الحكومة الإسرائيلية، وعائلات الرهائن، وبعض المحافظين.
وقال نتنياهو سابقاً إن مثل هذه الخطوة "تُكافئ الإرهاب".
من المتوقع أن يُعلن رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية في بيانٍ بعد ظهر الأحد 21 سبتمبر/أيلول 2025.
تأتي هذه الخطوة بعد أن صرّح رئيس الوزراء في يوليو/تموز 2025، بأن المملكة المتحدة ستُغيّر موقفها في سبتمبر/أيلول ما لم تُلبِّ إسرائيل شروطها، بما في ذلك الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة والالتزام باتفاقية سلام مستدامة وطويلة الأمد تُفضي إلى حل الدولتين.
كما يأتي هذا الإعلان قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث من المقرر أن تعترف نحو عشر دول أخرى، من بينها فرنسا، بدولة فلسطينية.