في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طهران- تجمع الأوساط السياسية بطهران على أن الهجوم الإسرائيلي -الذي تعرضت له الدوحة اليوم (أمس) الثلاثاء- مثل اختراقا للسيادة القطرية وانتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويبرز من جديد المباركة الأميركية للاغتيالات الإسرائيلية بحق القيادات السياسية والعسكرية المناهضة للاحتلال ب الشرق الأوسط .
ولم تتردد الخارجية الإيرانية في اعتبار أن "العدوان الصهيوني على قطر خطير للغاية ويشكل انتهاكا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة " مضيفة أن "هذا الإجراء الذي اتخذه الكیان الصهيوني هو استمرار للجرائم التي ارتكبها من قبل، منتهكا جميع الأعراف والقواعد الدولية".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي -في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية- إن "هذه القضية يجب أن تجعل دول المنطقة و المجتمع الدولي بأكمله أكثر يقظة من أي وقت مضى".
وأضاف أنه يجب أن تكون "بمثابة تحذير بشأن المخاطر الناجمة عن استمرار تقاعس المجتمع الدولي وعدم اكتراثه تجاه الاعتداءات وانتهاكات القانون التي يرتكبها الکیان الصهيوني في فلسطين المحتلة ومنطقة غرب آسيا".
ومن ناحيته، أدان رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجئي "اعتداء الكیان الصهیوني على قطر وقادة حرکة حماس" وقال إن "هذه الجريمة تعد نموذجا على استهتار الصهاينة بالقانون الدولي والقيم الإنسانية، وإنهم يرتكبون أسوأ الجرائم تحت ذريعة كاذبة وهي الدفاع عن حقوق الإنسان".
وفي كلمة له أمام المؤتمر الدولي الرابع لوحدة القوميات والأديان والمذاهب تحت عنوان "وحدة الأديان، اقتدار إيران" قال إيجئي إنه "لو كان الأنبياء هنا اليوم لما صمتوا أمام القتل و الإبادة الجماعية التي يمارسها الکیان الصهيوني، ولثاروا حتما ضد القتل والإبادة الجماعية والظلم والوحشية التي يمارسها الکیان الصهيوني، والتي تنفذ بدعم من نظام الهیمنة بقيادة أميركا".
يرى مراقبون في طهران أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد أعطى فعلا الضوء الأخضر لاستهداف قيادات حماس، بعد محاولته وفريقه الأمني في الأسابيع الأخيرة إجبار الحركة على قبول وقف إطلاق النار الذي تريده إسرائيل، وأن أحد أهداف الهجوم على اجتماع وفدها المفاوض في الدوحة هو زيادة الضغط عليها للقبول بالمطالب الأميركية والإسرائيلية.
وفي غضون ذلك، يصف عباس مقتدائي خوراسكاني (نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني) الهجوم على اجتماع وفد حركة حماس بالدوحة بأنه "جريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل الإرهابي لكيان الاحتلال وإرهابه الحكومي".
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد النائب الإيراني أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يشكل عدة انتهاكات خطيرة، أبرزها "انتهاك سيادة دولة مستقلة، وانتهاك جميع القوانين والاتفاقيات الأممية، ومنها حماية الدبلوماسيين، ذلك لأن المبنى المستهدف كان مقرا للتمثيل السياسي لحركة حماس، وهو ما يحظى بحماية خاصة وفق الاتفاقيات الدولية".
وبرأيه، فإن الهجمات على قطر "تعكس استمرار سياسة المعايير المزدوجة للغرب، حيث يُقاس ما يحدث في الدول المستقلة والإسلامية بمقاييس تختلف كليا عن تلك المطبقة في دولهم" مضيفا أن الهجوم على اجتماع وفد حركة حماس بالدوحة "يؤكد سيناريو متكررا تقوم فيه واشنطن بتقديم نفسها كوسيط، ثم تتعرض الأطراف المستهدفة للاستهداف أثناء المفاوضات".
وخلص خوراسكاني إلى أن هذه الممارسات التي تقودها الولايات المتحدة "لا تمثل إلا ابتعادا خطيرا عن قيم الحضارة" وتشير إلى "تنامي نشاط الشيطان الأكبر في العالم المعاصر، حيث أصبحت السياسة الأميركية تتبنى بشكل صارخ أساليب تقوض أبسط مبادئ السيادة والاستقلال".
من جهة أخرى، تركز شريحة من الإيرانيين على أنه بعد الهجمات الإسرائيلية المحدودة على المنشآت النفطية الإيرانية -خلال حرب يونيو/حزيران الماضي- فإن الهجوم على الدوحة هو الثاني والأكبر في المياه الخليجية، في مؤشر على اتساع الجغرافيا الحربية لإسرائيل في المنطقة الخليجية.
ومن جانبه، يعتقد الباحث المختص في النزاعات الإقليمية مصطفى نجفي أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يشكل "سابقة خطيرة في سياسة الكيان الصهيوني التوسعية، حيث يمثل أول اعتداء مباشر على أراضي دولة خليجية منذ تأسيس الكيان المحتل، في تحد صارخ لكل المواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية".
وفي منشور على منصة "إكس" كتب نجفي أن "هذا التصعيد يكشف عن تحول جوهري في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، التي تجاوزت كل الحدود الجغرافية والسياسية التقليدية، لتبعث رسالة واضحة بأنه لا حصانة لأي أراض في المنطقة أمام آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة أميركيا".
ووفق الباحث الإيراني، فإن "هذا الهجوم لم يكن عملا منفردا، بل جاء في إطار تنسيق عملياتي كامل مع الإدارة الأميركية، في محاولة لإعادة ترتيب موازين القوى الإقليمية لصالح المشروع الصهيوني على حساب استقرار المنطقة وسيادة دولها".
وبرأيه "يضع هذا العدوان الدول الخليجية أمام اختبار حقيقي، حيث كسرت إسرائيل حاجز السيادة الخليجية للمرة الأولى، مما يستدعي وقفة جادة لمراجعة التحالفات والمواقف من السياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة" وفق نجفي.
ويختم منشوره، بالإشارة إلى أن "هذه التطورات تمثل جزءا من مشروع أكبر يهدف إلى تفكيك البنى الأمنية والسياسية القائمة في المنطقة، وإحلال نظام إقليمي جديد يكرس الهيمنة الإسرائيلية ويقوض مقومات السيادة الوطنية للدول العربية".
ويذكر أن الهجوم علی الدوحة هذا يأتي ضمن سياسة الاغتيال الجماعي التي يبدو أنها تحولت إلى تكتيك ثابت للاحتلال الإسرائيلي، بعد أن جربتها بالهجوم على اجتماع قيادة وحدة الرضوان ل حزب الله اللبناني العام الماضي، وتصاعدت باستهداف اجتماع المجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني قبل شهرين، ثم استمرت لتشمل اجتماع حكومة صنعاء التابعة للحوثيين في أغسطس/آب الماضي.