آخر الأخبار

الغواصات النووية أحد أعمدة "ثالوث الردع" في العالم

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

سلاح بحري مصمم للإبحار فوق سطح الماء والعمل بفعالية في أعماق البحار والمحيطات، يعتمد في تشغيله وعمل أجهزته على مفاعل نووي صغير محمول على متنه.

وتعدّ الغواصات النووية سلاحا إستراتيجيا، بفضل ما تتميز به من تقنيات متقدمة وقدرات تدميرية هائلة، إلى جانب سرعتها العالية وقدرتها على البقاء تحت الماء فترات قد تمتد أشهرا عدة.

وتضطلع هذه الغواصات بمجموعة واسعة من المهام العملياتية، تتنوع بين الهجوم والردع، كما تعمل بكفاءة عالية في مهام الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية، فضلا عن تنفيذ عمليات خاصة تستعصي على الوسائل التقليدية نتيجة ظروف بيئية أو سياسية أو جغرافية.

وليست الغواصات النووية سلاحا نوويا بذاتها، بل سميت بذلك تبعا للتكنولوجيا التي تُزوّدها بالوقود، ومع ذلك، تمثل هذه الغواصات أحد أضلاع ما يعرف بـ "ثالوث الردع النووي" وأخطرها، إذ يمكن تسليحها برؤوس نووية، يمكن إطلاقها من منصات مغمورة.

وتمثل قدرة الغواصات الفائقة على التخفي واقترابها من الأهداف المعادية دون اكتشافها، عاملا حاسما في تعزيز عنصر المباغتة والردع.

وحتى عام 2025، اقتصرت ملكية الغواصات النووية على ست دول في العالم، وهي: الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين والهند ، بينما تعمل دول أخرى من ضمنها أستراليا والبرازيل على تطوير غواصات نووية خاصة بها.

مصدر الصورة الغواصات النووية ليست سلاحا نوويا في ذاتها بل سميت بذلك تبعا للتكنولوجيا التي تُزوّدها بالوقود (غيتي)

تطوير الغواصات النووية

بدأت الأبحاث المتعلقة بالدفع النووي للقطع البحرية في أربعينيات القرن الـ20، وفي عام 1954، أصبحت الطاقة النووية متاحة للغواصات مع تشغيل الغواصة الأميركية "يو إس إس نوتيلوس"، وهي أول غواصة تعمل بالطاقة النووية.

وسرعان ما بدأت هذه التكنولوجيا بالانتشار، ففي سبتمبر/أيلول 1955 أطلق الاتحاد السوفياتي أول غواصة نووية تابعة له من طراز "كي- 3" وسميت "لينينسكي كومسومول"، وبدأ تشغيلها عام 1958.

وفي أوائل ستينيات القرن الـ20، شاركت الولايات المتحدة تكنولوجيا الغواصات النووية مع بريطانيا، بينما استمرت عمليات تطوير هذه التكنولوجيا بشكل منفصل لدى فرنسا والصين.

إعلان

وفي العقود التالية، شهدت الغواصات النووية تطورا تقنيا مستمرا، وازداد حجمها، وأصبحت محركاتها أكثر كفاءة وأمانا، مع سهولة في التشغيل والصيانة، كما تحسن أداؤها فأصبحت أكثر سرعة وهدوءا، فضلا عن قدرتها العالية على الغوص مسافات أعمق بكثير.

ورغم تمسك بعض الدول ببناء غواصات تقليدية إلى جانب النووية، اقتصرت أخرى على بناء الغواصات النووية، منها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.

تسارعت وتيرة بناء الغواصات النووية إبان الحرب الباردة ، إذ شكلت إحدى ركائز الثالوث النووي، ومع نهاية الحرب الباردة عام 1989، كان عدد الغواصات النووية، سواء التي في الخدمة الفعلية أو قيد الإنشاء، تجاوز 400 قطعة.

وفي مراحل لاحقة تم إخراج ما يقارب ثلثي هذه الغواصات من الخدمة، في إطار برامج خفض الأسلحة النووية، إضافة إلى أسباب أخرى فنية وتقنية تتعلق بتقادم الأنظمة وارتفاع تكاليف التشغيل، وفي الوقت نفسه، واصلت تلك الدول إدخال أجيال جديدة من الغواصات النووية الأكثر تقدما إلى الخدمة.

نظام الدفع والتشغيل

تعمل الغواصة النووية بمفاعل نووي صغير محمول على متنها، ويضم وعاء ضغط مدمجا ومزودا بدرع داخلية من النيوترونات وأشعة غاما، ويبلغ ارتفاع الوعاء المخصص لمفاعل بحري كبير نسبيا نحو 4.6 أمتار وقطره 1.8 متر، ويحيط بنواة ارتفاعها متر واحد وقطرها 1.2 متر.

وتتراوح قوة المفاعل البحري بين 10 ميغاواط و200 ميغاواط في الغواصات الكبيرة، ويتميز بفاعلية عالية في استهلاك الوقود النووي، ويُزود بكميات صغيرة عند بدء التشغيل، وغالبا لا يتطلب إعادة تزويده بالوقود طوال العمر التشغيلي للغواصة.

وتعتمد المفاعلات النووية البحرية على وقود اليورانيوم-235 المخصب، وعادة ما تُزوَّد باليورانيوم-235 المخصب بنسبة تتراوح بين 20% و50%، وفي أحدث الغواصات الأميركية تصل نسبة التخصيب إلى أكثر من 90%، بينما تم تخفيض مستوى التخصيب للوقود البحري الفرنسي الأحدث إلى 7.5%.

وعموما، تعتمد الصين وفرنسا على اليورانيوم منخفض التخصيب (أقل من 20%) لتزويد غواصاتهما بالطاقة النووية، بينما تستخدم كل من الولايات المتحدة وروسيا والهند والمملكة المتحدة اليورانيوم عالي التخصيب (أعلى من 20%) لهذا الغرض.

ويقوم عمل المفاعل النووي على قصف اليورانيوم-235 بالنيوترونات، ما يُؤدي إلى انشطار بعض النوى، مطلقا طاقة حرارية مع المزيد من النيوترونات، التي تعمل بدورها على استمرار عملية الانشطار في ما يُسمى "التفاعل النووي المتسلسل"، مما يُنتج مستوى ثابتا وآمنا من الطاقة الحرارية.

وتُستخدم الطاقة الحرارية المتولدة عن عملية الانشطار المتسلسل لإنتاج بخار عالي الضغط، يستخدم لتشغيل توربينات الدفع التي تُوفّر الطاقة اللازمة لتدوير المروحة وأنظمة الغواصة الداخلية، كما تُولّد توربينات إضافية الكهرباء للغواصة.

المميزات والسلبيات

تتسم الغواصات النووية بمجموعة من المميزات، أبرزها:


* عدم احتياجها إلى التزود المستمر بالوقود: إذ يتم تزويد الغواصة عند دخولها الخدمة بكمية كافية من وقود اليورانيوم تكفي لإنتاج الطاقة عشر أعوام على الأقل، وقد لا تحتاج الغواصة إلى إعادة التزود بالوقود النووي طوال فترة تشغيلها.
* السرعة: تتيح الكفاءة العالية للطاقة النووية للغواصات الإبحار بسرعة تتجاوز 20 عقدة، مما يسمح لها بمضاهاة السفن السطحية السريعة، وهي سرعة لا تصلها الغواصات التقليدية.
* مدى التشغيل: تتميز بقدرتها على القيام بدوريات طويلة، والبقاء مغمورة تحت الماء أشهرا متواصلة، ما يمكنها من التخفي، والوصول إلى الأهداف في سرية دون اكتشافها، كما تتيح هذه الخاصية نشرها مسافات أبعد.
إعلان

ورغم المزايا الكبيرة التي توفرها الغواصات النووية، إلا أن هناك عوامل تحدّ من انتشار امتلاكها، أبرزها:


* يتطلب بناء الغواصة النووية تكلفة مادية باهظة، تصل إلى مليارات الدولارات، وهو ما يشكّل عائقا رئيسيا أمام انتشارها على نطاق واسع.
* حاجتها إلى قوى عاملة ذات كفاءات عالية وخبرة في العلوم النووية لتصنيعها وصيانتها، مما يجعل إنتاجها وصيانتها أكثر تعقيدا.
* تتميز الغواصات النووية بحجم كبير نسبيا، ما يحد من قدرتها على التحرك في المياه الضحلة، لا سيما عندما تسعى إلى البقاء في وضع التخفي وعدم الظهور على السطح.
* تصدر الغواصات النووية مستويات عالية من الضوضاء الناتجة عن مفاعلها، ما يجعل قدرتها على التخفي الصوتي أقل من السفن التقليدية.
* تتطلب احتياطات إضافية لضمان الحماية من الإشعاعات النووية، فضلا عن التحديات المرتبطة بالتخلص من النفايات النووية والمفاعلات المستهلكة بطريقة آمنة.

التفوق على الغواصات التقليدية

تتميز الغواصات النووية بقدرتها الفائقة على البقاء تحت الماء فترات زمنية طويلة، على عكس الغواصات التقليدية، التي لا تتمكن من البقاء تحت الماء سوى ساعات قليلة، وتصعد إلى السطح بانتظام لامتصاص الأكسجين وتنفيس العادم لتشغيل محركات الديزل وإعادة شحن البطاريات، لا سيما بعد الإبحار بسرعة كبيرة.

كما تضطرّ الغواصة التقليدية إلى الرسوّ بين الحين والآخر في أحد الموانئ للتزود بالديزل، وهو ما يحد من قدرتها على العمل في المحيطات المفتوحة فترات طويلة، ويتطلب حينذاك التخطيط بدقة لكيفية إعادة التزود بالوقود ومكانه وزمانه.

مصدر الصورة الغواصة الأميركية "يو إس إس نوتيلوس" أول غواصة تعمل بالطاقة النووية (الفرنسية)

وللغواصات النووية ميزات عسكرية وإستراتيجية تمنحها تفوقا واضحا على الغواصات التقليدية، وتتمكن بسهولة من ملاحقة القطع البحرية السريعة والاشتباك معها، بينما تجبر الغواصات التقليدية على الاقتراب من أهدافها بهدوء وبطء لمنع استنزاف طاقة البطارية، وهو ما يمنعها من الاشتباك مع معظم السفن الحربية السطحية السريعة، مثل حاملات الطائرات والبوارج.

كما يتوجب على الغواصات التقليدية، للحفاظ على طاقة البطارية، البقاء فوق السطح إلى أن تصبح في أقرب نقطة غير مرئية من الهدف، فتغمر نفسها تحت الماء، وتسير في طريقها إلى الهدف بسرعة منخفضة للغاية، بينما لا يزيد عن عقدتين أو ثلاث عقد، لتجنب استهلاك طاقة البطارية، التي يجب توفيرها للفرار بعد الهجوم، عندما يتعين على الغواصة استخدام كامل طاقتها تحت الماء لتجنب الهجوم المضاد.

وأما الغواصات النووية، فيوفر لها المفاعل النووي الطاقة اللازمة للاقتراب من الهدف بسرعة، كما يمكنها من المغادرة بعد الهجوم بأقصى سرعة فترات غير محددة.

الدول التي تمتلك غواصات نووية

اقتصرت ملكية الغواصات النووية على ست دول في العالم حتى عام 2025، وهي:


* الولايات المتحدة

بدأت الولايات المتحدة تشغيل غواصتها النووية الأولى "يو إس إس نوتيلوس" عام 1954، ومنذ عام 1959، لم تعد تستخدم غواصات تقليدية، وتحولت بحريتها بالكامل إلى الغواصات النووية.

وتمتلك الولايات المتحدة أكبر قوة من الغواصات النووية، إذ بلغ عددها 71 غواصة حتى أغسطس/آب 2024، وفقا لموقع مبادرة التهديد النووي، ويتألف هذا الأسطول من أربع فئات: "أوهايو" و"لوس أنجلوس" و"سي وولف" و"فيرجينيا".

ووفق مقال على موقع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في نهاية مارس/آذار 2025، تعتبر الغواصات الركيزة الأساسية للثالوث النووي الأميركي، وتتحمل مسؤولية نحو 50% من الرؤوس الحربية النووية الأميركية، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع، هي:


* غواصات الصواريخ الباليستية : عبارة عن 14 غواصة من فئة "أوهايو"، وهي الأكبر حجما والأكثر سرية، وهي مصممة بقدرات تمكنها من إطلاق رؤوس نووية.
* غواصات الصواريخ الموجهة : وهي أربع غواصات من فئة "أوهايو"، يمكن استخدامها لإطلاق صواريخ توماهوك ، إلى جانب نشر قوات خاصة سرا عند الحاجة.
* غواصات هجومية: وهي الأكبر عددا ضمن الأسطول الأميركي، وتضم 53 غواصة من الفئات الثلاث: "فيرجينيا" و"سي وولف" و"لوس أنجلوس". ولها مهام متعددة، تشمل إطلاق الصواريخ الموجهة، ومراقبة وتدمير الغواصات والسفن السطحية المعادية، والمشاركة في حرب الألغام، ودعم العمليات البرية ومجموعات حاملات الطائرات.
إعلان

* المملكة المتحدة

شغلت بريطانيا أولى غواصاتها النووية "إتش إم إس دريدنوت" عام 1963، ويعتمد أسطولها كله على الغواصات النووية، ويتكون من 11 غواصة من فئتي "آستيوت" و"فانغارد"، وفق تقرير على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية مؤرخ بـ11 أغسطس/آب 2025.

والغواصات النووية البريطانية على نوعين:

الهجومية: وهي غواصات مسلحة تقليديا، وعددها 7 من فئة "آستيوت"، ومهمتها تعزيز الردع النووي للمملكة والكشف عن الأنشطة العدائية، ودعم العمليات العالمية، إلى جانب المساهمة في حماية فرق المهام البحرية، وجمع معلومات استخبارية واستطلاعية.

غواصات الصواريخ الباليستية: وهي أربع غواصات من فئة "فانغارد"، ومهمتها المحافظة على قوة الردع البحري للمملكة، وهي مسلحة بصواريخ "ترايدنت 2 دي 5" التي تحمل رؤوسا نووية.


* فرنسا

أطلقت فرنسا أول غواصة نووية باسم "لو رودوتابل" عام 1971، ومنذ العام 1976، توقفت عن استخدام الغواصات التقليدية، في حين أبقت على تصنيعها للتصدير فقط.

وبحسب الرابطة النووية العالمية (فبراير/شباط 2025)، تشغل البحرية الفرنسية أسطولا من عشر غواصات نووية، تمثل قوة الردع الإستراتيجي للبلاد.

وتتكون القوة من أربع غواصات صواريخ باليستية من فئة "تريومفانت"، المزودة برؤوس نووية، إضافة إلى ست غواصات هجومية: واحدة من فئة "روبيس" وغواصتان من فئة "أميثيست" وثلاث غواصات من طراز "باراكودا" من فئات "سوفورن" و"دوغي" و"تورفيل".


* روسيا

شغل الاتحاد السوفياتي أول غواصة نووية من طراز "كي- 3" (لينينسكي كومسومول) عام 1958، ورغم أن اعتماده الأكبر كان على الغواصات النووية، إلا أنه أبقى على استخدام محدود للغواصات التقليدية، وعلى إثر تفكك الاتحاد عام 1991، واصلت روسيا سياسة الحفاظ على قوة غواصات نووية وتقليدية مشتركة.

وتمتلك البحرية الروسية أحد أكبر أساطيل الغواصات في العالم، إذ يُقدر عددها بـ 64 غواصة، منها نحو 30 غواصة نووية، تشمل غواصات هجومية وغواصات صواريخ، تنتمي إلى فئات عدة، منها "دلتا" و"بوريي" و"أكولا" و"ياسن".


* الصين

بدأت الصين بناء غواصات نووية منذ عام 1968، وفي غضون عامين، أطلقت بنجاح أول غواصة هجومية تعمل بالطاقة النووية من طراز 91 فئة "هان"، ولكن الأسطول الصيني لم يقتصر على الغواصات النووية، وواصلت بكين بناء وشراء الغواصات التقليدية.

وتمتلك الصين نحو 12 غواصة تعمل بالطاقة النووية، وفق الرابطة النووية العالمية (فبراير/شباط 2025)، منها 6 غواصات هجومية من طراز "شانغ" فئة 93 وطراز "تانغ" فئة 95، ونحو 6 غواصات صواريخ باليستية من طراز "جين" فئة 94 وفئة 96.

الهند

بدأت الهند بناء غواصات نووية عام 1998، وفي عام 2009، أطلقت أول غواصة نووية، حملت اسم "أريهانت"، وبحلول خريف عام 2024، كان أسطول الغواصات الهندي يضم غواصتين نوويتين، تمثلان جزءا مهما من إستراتيجية الردع الهندية، وصممتا لحمل رؤوس نووية.

معايير السلامة والمخاطر

تُراعي الدول معايير سلامة صارمة عند تصميم المفاعلات البحرية، ويُبنى مفاعل الغواصات بشكل يضمن تحمل الصدمات والاهتزازات الناجمة عن اضطرابات المياه أو العمليات الهجومية التي قد تتعرض لها الغواصة.

تُصمَّم حجرة المفاعل النووي بحيث تكون محمية من أي تسرب إشعاعي حفاظا على سلامة الطاقم، ويُحظر دخول الأفراد إليها أثناء التشغيل، كما يخضع المهندسون لإجراءات سلامة مشددة، ويتوجب عليهم استخدام أجهزة مراقبة إشعاعية تُفحص بانتظام.

مع ذلك، يظل تشغيل الغواصات بالطاقة النووية محفوفا بالمخاطر، وقد يشكل خطرا على حياة البشر ويسبب ضررا دائما بالبيئة.

ووفق مقال نُشر على موقع "منظمة علماء من أجل المسؤولية العالمية" البريطانية، يُشكل التوهج الإشعاعي المنبعث عن مفاعل الغواصة خطرا كبيرا على حياة الأفراد القريبين منها، وخطرا على السلامة العامة على بُعد يصل إلى 1.5 كيلومتر من الغواصة.

وتواجه الغواصات النووية مخاطر متعددة، منها تضرر المفاعل وتسرب الإشعاعات النووية، إضافة إلى تعطل جهاز التبريد مسببا انصهار وقود المفاعل جرّاء الحرارة العالية، وتشكل هذه المخاطر تهديدا جسيما لحياة طاقم الغواصة،، وتؤثر على سلامة الغواصة نفسها.

وتنطوي عمليات صيانة الغواصات النووية وتجديدها وإعادة التزود بالوقود النووي، إضافة إلى تفكيك هذه الغواصات وتفريغها من النفايات النووية والتخلص من المفاعلات النووية المستهلكة والنفايات النووية، على أخطار جدية تؤثر في البيئة والمجتمعات البشرية القريبة.

إعلان

وأثناء مرحلة إعادة التزود بالوقود، تُزال قضبان الوقود من قلب المفاعل عالي الإشعاع، ومن أجل ذلك يجب إزالة الغطاء الواقي، ويصبح قلب المفاعل مكشوفا، ما قد يؤدي إلى إطلاق الجسيمات أو الغازات المشعة في الغلاف الجوي.

كما قد تقع بعض الأخطاء غير المقصودة أثناء تلك العملية، ما يسبب انفجارا وإطلاق مستوى مرتفع من الإشعاعات، كما حدث للغواصة الروسية "كي- 431" أثناء إعادة التزود بالوقود النووي في ميناء فلاديفوستوك عام 1985، مما أسفر عن 10 وفيات فورية و49 إصابة إشعاعية.

وفي عام 2025 اعترفت وزارة الدفاع البريطانية بوقوع حادث نووي في القاعدة البحرية البريطانية "كلايد"، نتج عنه "إطلاق فعلي أو احتمال كبير لإطلاق مواد مشعة إلى البيئة"، بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان من ذلك العام.

وأثار الحادث مخاوف جدية بشأن كيفية صيانة الغواصات النووية، وفق صحيفة "تلغراف" البريطانية، لا سيما مع وقوع حوادث مشابهة سابقة، وأبلغت وزارة الدفاع البريطانية عن حالتين في الفترة بين 2006 و2007، وحالة في عام 2023.

وتاريخيا، تعرضت الغواصات النووية السوفياتية في مراحل التصنيع المبكرة للعديد من الحوادث الخطرة، خمسة منها تضرر فيها المفاعل بشكل لا يمكن إصلاحه، إضافة إلى حوادث أخرى تسببت في تسربات إشعاعية، نجمت عنها عشرات الوفيات.

ويُعتبر غرق الغواصة الأميركية "يو إس إس ثريشر" وعلى متنها 129 شخصا عام 1963 من أسوأ كوارث الغواصات، ويُعتقد أن خللا حدث في لحام وصلات الأنابيب، مما تسبب في دخول مياه البحر إلى الغواصة وتعطيل أنظمة الكهرباء، وهو ما نجم عنه توقف المفاعل النووي في الغواصة.

وتتسبب حوادث غرق الغواصات النووية في تلويث البيئة البحرية بشكل دائم، وبين عامي 1970 و1989، غرقت خمس غواصات نووية سوفياتية، وفُقد عشرات البحارة والضباط السوفيات، وشكل حطام السفن خطرا دائما على البيئة البحرية والملاحة بسبب التسربات الإشعاعية المنبعثة منه.

وفي عام 2003، غرقت غواصة الهجوم "كي- 159" من فئة "نوفمبر"، وخلّف الحطام نحو طن من الوقود النووي، استقر في قاع البحر عند مصب خليج كولا، وهو ما شكّل خطرا على البيئة البحرية القريبة ومصايد الأسماك.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا