تسلّم وفد حركة حماس الموجود في القاهرة مقترحاً جديداً من الوسطاء المصريين والقطريين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن مسؤول فلسطيني وصفته بأنه مطلع على سير المفاوضات.
وقال المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن "وفد حماس برئاسة خليل الحية في القاهرة تسلّم مقترحاً جديداً من الوسطاء المصريين والقطريين لوقف إطلاق النار"، موضحاً أن المقترح "يستند إلى مقترح (المبعوث الأميركي ستيف) ويتكوف الأخير الذي ينص على هدنة لستين يوماً وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين".
وتابع: "هو عبارة عن اتفاق لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين (إسرائيل وحماس) حول وقف دائم لإطلاق النار".
ويأتي ذلك، بعد يوم من تجمع مئات الآلاف في مناطق مختلفة من تل أبيب للمطالبة بإنهاء حرب غزة والتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.
في غضون ذلك، أفاد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، من معبر رفح من الجانب المصري، بالإعلان قريباً عن لجنة مؤقتة لإدارة شؤون قطاع غزة "مرجعيتها الحكومة الفلسطينية".
وقال مصطفى خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن اللجنة "ليست كياناً سياسيًا جديداً، بل إعادة تفعيل لعمل مؤسسات دولة فلسطين وحكومتها في غزة حسب النظام الأساسي، وكما نصت عليه قرارات القمة العربية والهيئات الدولية".
وأكد "جاهزية وقدرة الحكومة الفلسطينية على تحمل مسؤولياتها نحو أبناء شعبنا في قطاع غزة رغم حجم التحديات"، مشدداً على أن القطاع "جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وأن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والحكومة الجهة التنفيذية الوحيدة المخولة لإدارة شؤون غزة كما في الضفة".
وتحدث عن "مواصلة العمل مع الأشقاء في مصر للتحضير لعقد مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة في أقرب وقت ممكن، لنعيد إعمار قطاع غزة بالشراكة مع الأشقاء والأصدقاء، بناء على الخطة العربية لتعافي وإعمار غزة المعتمدة عربياً ودولياً".
وقال مصطفى إن "معبر رفح يجب أن يكون بوابة للحياة لا أداة لحصار إسرائيل لشعبنا، وأن استمرار إسرائيل في إغلاقه ومنع آلاف شاحنات المساعدات المصطفة من الدخول للقطاع، أكبر رسالة للعالم بأن إسرائيل تجوع الشعب الفلسطيني، تمهيداً لتهجيره، ومنع قيام دولته الموحدة والمستقلة".
وفي السياق، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الاثنين، بـ "دخول 266 شاحنة مساعدات فقط إلى غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية من أصل 1800 شاحنة متوقعة".
واتهم المكتب في بيان، إسرائيل بـ "تسهيل سرقة" هذه الشاحنات، قائلا: "تعرّض معظمها للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية متعمدة، يصنعها الاحتلال ضمن سياسة هندسة التجويع والفوضى الرامية لضرب صمود شعبنا الفلسطيني".
وبلغ إجمالي عدد الشَّاحنات التي دخلت القطاع على مدار 22 يوماً 1,937 شاحنة مساعدات فقط من أصل العدد المفترض والبالغ 13,200 شاحنة مساعدات، أي أن ما دخل أقل من 15 في المئة من الاحتياجات الفعلية"، فيما أشار المكتب إلى أن إلى أن حاجة القطاع أكثر من 600 شاحنة يومياً لـ "تلبية الحد الأدنى من احتياجات 2.4 مليون إنسان".
كما اتهم إسرائيل بـ "منع إدخال شاحنات المساعدات بكميات كافية، وتواصل منع تأمين ما يدخل من شاحنات، وتواصل إغلاق المعابر وتقويض عمل المؤسسات الإنسانية".
هذا واتّهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل باتّباع سياسة تجويع "متعمّدة" في غزة، فيما حذرت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من أن القطاع الفلسطيني بات على شفير مجاعة وشيكة.
وأوردت منظمة العفو الدولية في تقرير، بعد إجراء مقابلات مع 19 نازحاً فلسطينياً وعنصرين من الطواقم الطبية التي تعالج أطفالاً يعانون من نقص الغذاء، أن "إسرائيل تنفّذ حملة تجويع متعمّدة في قطاع غزة، إذ تدمّر بشكل ممنهج الصحة والسلامة والنسيج الاجتماعي لحياة الفلسطينيين".
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية على تقرير منظمة العفو على الفور.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن مصادر طبية قولها الاثنين، إن 5 مواطنين بينهم طفلان ماتوا خلال 24 ساعة ماضية بسبب "سوء التغذية والمجاعة" في قطاع غزة.
وأشارت المصادر، إلى أن "العدد الإجمالي لضحايا المجاعة ونقص الغذاء في القطاع ارتفع إلى 263 شهيدا، من بينهم 112 طفلاً".
وفي تل أبيب، تجمع مئات الآلاف في مناطق مختلفة للمطالبة بإنهاء حرب غزة والتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن لدى حماس.
وقال منتدى عائلات المفقودين إن نحو 500 ألف شخص شاركوا في التظاهرة، التي رفعت شعار "أعيدوهم جميعاً إلى بيوتهم… أوقفوا الحرب".
وشهدت "ساحة الرهائن" في تل أبيب الأحد أكبر حشد، حيث قال المنظمون إن خطط الحكومة للسيطرة على مدينة غزة تُعرّض حياة حوالي 20 رهينة لا يزالون محتجزين لدى حماس للخطر.
أدى إضراب وطني استمر ليوم واحد - كجزء من احتجاجات أوسع - إلى إغلاق الطرق والمكاتب والجامعات في بعض المناطق، واعتقل ما يقرب من 40 شخصاً خلال اليوم.
انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاحتجاجات، قائلاً إنها "تشدد موقف حماس وتؤخر الإفراج عن الرهائن".
وأيد ذلك وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، حيث هاجم وزير المالية بتسلئيل سموطريتش المحتجين قائلاً إن "شعب إسرائيل يستيقظ هذا الصباح على حملة مشوّهة وضارة تخدم مصالح حماس، التي تُخفي الرهائن في الأنفاق، وتدفع إسرائيل نحو الاستسلام لأعدائها وتعريض أمنها ومستقبلها للخطر".
أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فاعتبر أن الإضراب العام "يقوّي حماس ويُضعف فرص عودة الرهائن".
في المقابل، رفض زعيم المعارضة يائير لابيد هذه الاتهامات موجهاً حديثه للوزيرين: "ألا تخجلان؟ لا أحد عزّز قوة حماس أكثر منكما".
وعبر لابيد، الذي حضر تجمعاً حاشداً في تل أبيب، عن دعمه للمحتجين، وكتب على منصة إكس "الشيء الوحيد الذي يقوي الدولة هو الروح الرائعة للشعب الذي يخرج اليوم من منازله من أجل التضامن الإسرائيلي".
في الوقت نفسه، ذكرت مصر أن وسطاء دوليين يقودون جهوداً جديدة للتوصل إلى هدنة لمدة 60 يوماً تشمل الإفراج عن المحتجزين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يمضي قدماً في خطط السيطرة على مدينة غزة ومخيماتها، وسط تحذيرات أممية من مجاعة واسعة.
وانهارت في يوليو/ تموز مفاوضات كانت تهدف إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من الرهائن، وقالت حماس حينها إنها لن تفرج عن الرهائن المتبقين إلا إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب، في حين تعهد نتنياهو بعدم بقاء حماس في السلطة في القطاع.
وطالبت عائلات الرهائن وآخرون معارضون لتوسيع نطاق الحرب بالإضراب الوطني.
وامتدت الاحتجاجات إلى أنحاء البلاد، حيث قطع المتظاهرون الطرق وأشعلوا الإطارات، فيما اعتقلت الشرطة أكثر من 30 شخصاً.
جاءت الاحتجاجات بعد أسبوع من تصويت مجلس الحرب الإسرائيلي على احتلال مدينة غزة، أكبر مدن القطاع، وتهجير سكانها، في خطوة دانها مجلس الأمن الدولي.
ومنذ ذلك الحين، فرّ آلاف السكان من حي الزيتون جنوب مدينة غزة، حيث تسببت أيام من القصف الإسرائيلي المتواصل بوضع "كارثي"، وفقاً لما ذكرته بلدية المدينة لبي بي سي.