( CNN ) -- في ظل التحولات الاقتصادية السريعة على المستوى العالمي، لا سيما في الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو، أكد بنك ستاندرد تشارترد استمرار قوة واستقرار الاقتصاد المصري على الصعيد الكلي، متوقعًا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5% خلال السنة المالية 2025-2026 .
ويُعزى هذا التفاؤل إلى تدفقات النقد الأجنبي القوية، التي تدعمها استثمارات المحافظ والقطاعات الرسمية، إلى جانب دور التعهدات الاستثمارية الكبرى من قطر والكويت، التي من المتوقع صرف أكثر من 50% منها بحلول نهاية العام الجاري بحسب التقرير .
وأشار البنك في تقريره "التركيز العالمي، التوقعات الاقتصادية للنصف الثاني من عام 2025"، إلى أن استمرار سياسة التيسير النقدي التي يتبعها البنك المركزي المصري يعزز ثقة المستثمرين، رغم الحاجة إلى التعامل بحذر مع خفض أسعار الفائدة في ظل استقرار نسب التضخم المتوقع أن تتراوح بين 13 و17 %.
كما توقع تقرير بنك ستاندرد تشارترد تقلص عجز الحساب الجاري، بدعم من ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي سجلت زيادة تقارب 60% على أساس سنوي، إلى جانب انتعاش قطاع التصدير .
كان البنك المركزي المصري قد توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8%، في حين حدّد صندوق النقد الدولي توقعاته عند 4.1%، والبنك الدولي عند 3.8%.
وقال الخبير الاقتصادي والمصرفي طارق حلمي إن توقعات بنك ستاندرد تشارترد تعكس نشاطًا اقتصاديًا إيجابيًا رغم التحديات العالمية، لافتًا لوجود انتعاش كبير في قطاع التصدير، الذي حقق إيرادات أعلى من المتوقع، حسب قوله .
وأضاف حلمي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية: "انخفاض أسعار النفط عالميًا مقارنة بالعام الماضي ساهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية، كما تعوض زيادة تحويلات المصريين بالخارج تأثير تراجع إيرادات قناة السويس ."
وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية، شهدت الصادرات غير البترولية قفزة بنسبة 27.4%، حيث بلغت قيمتها 16.7 مليار دولار خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2025، مقارنة بـ 13.1 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت 3.6 مليار دولار .
وأضاف حلمي أن الاستثمارات المباشرة من الصين وتركيا في مناطق استراتيجية، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعين السخنة، تسهم بدورها في دعم النمو، مع استقرار نسبي للوضع الجيوسياسي على الرغم من التوترات الإقليمية .
وأشار حلمي إلى أن تحسن سلاسل الإمداد وتراجع حدة الصراعات الدولية، مثل إمكانية إيقاف الحرب الروسية -الأوكرانية، سيكون لهما أثرًا إيجابيًا إضافيًا على الاقتصاد المصري، مما يدعم توجهات بنك ستاندرد تشارترد .
وبشأن التعهدات الاستثمارية من قطر والكويت، قال حلمي إنها استثمارات مباشرة وليست ودائع مصرفية، مما يحسن الوضع الاقتصادي ويخفض نسب الدين الخارجي والداخلي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، ويسهم في تنشيط الاقتصاد من خلال زيادة الإنتاج وخفض معدلات البطالة والتضخم .
إلا أنه استبعد خفض أسعار الفائدة مع تحرير أسعار الكهرباء وتوقعات رفع أسعار البنزين والمياه خلال الأشهر المقبلة، موضحًا أنه "قد يصعب تحقيق انخفاض أكبر في معدلات التضخم" .
يرى الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة أن توقعات نمو الاقتصاد خلال العام المالي الحالي تعود إلى تحسن واضح في الصادرات وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب انتعاش قطاع السياحة، رغم استمرار تراجع إيرادات قناة السويس، كما ساهم تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار في دعم الاستقرار الاقتصادي .
وقال بدرة، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن التعهدات الاستثمارية من قطر والكويت تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد، متوقعًا ضخ استثمارات كبيرة قبل نهاية 2025، منها جزء مباشر يعزز قوة الجنيه ويساهم في تشغيل ودعم قطاعات السياحة والصناعة، مما يدعم جهود برنامج صندوق النقد الدولي .
وأضاف أن "أسعار الفائدة من المتوقع أن تظل مستقرة أو تشهد تخفيضات طفيفة خلال الجلسات القادمة، بفضل تأجيل الحكومة رفع أسعار الكهرباء والغاز والمياه حتى أكتوبر المقبل، مما يخفف مؤقتًا الضغوط التضخمية".