دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) —أشعل الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع ، تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ممن تداولوا جملة واحدة من الخطاب واصفين إياه بأنه أحد أقوى الخطابات التي أدلى بها منذ توليه السلطة .
وقال أحمد الشرع في الجملة المتداولة ضمن الخطاب المتلفز الذي أدلى به فجر الخميس: "لسنا ممن يخشى الحرب"، حيث قال: "لسنا ممن يخشى الحرب ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه بناءً على المصلحة الوطنية العليا، فقررنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، مؤكدين أن هذا القرار نابع من إدراكنا العميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة، وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلفها النظام البائد".
وأردف الشرع في الخطاب الذي نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية: "في خضمّ الأحداث التي تعصف بوطننا العزيز، أجد أنه من الواجب الوطني أن أوجه إليكم هذه الكلمات كرسالة من القلب إلى هذا الشعب الذي طالما تحدى الصعاب ولم يتراجع يوماً عن مبادئه الثابتة، شعبنا الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل أن تظل سوريا حرة أبية، وفي مقدمة الشعوب التي تتطلع إلى العزة والكرامة. لقد خرج شعبنا في ثورة من أجل نيل حريته فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسّها أي تهديد.. أيها الشعب السوري الأبي، إننا اليوم، ونحن نواجه هذا التحدي الجديد، نعيش في قلب معركة تهدف إلى حماية وحدة بلادنا وكرامة شعبنا وصمود أمتنا".
وتابع: "الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجدداً إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض . . هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كل الأساليب لزرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أنّ السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم. إن امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أن الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، قد تكون قادراً على بدء الحرب ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها، فنحن أبناء هذه الأرض والأقدر على تجاوز كل محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا، وأصلب من أن تزعزع عزيمتنا بفتن مفتعلة".
ومضى بالقول: "نحن أبناء سوريا نعرف جيداً من يحاول جرّنا إلى الحرب ومن يسعى إلى تقسيمنا، ولن نعطيهم الفرصة بأن يورّطوا شعبنا في حرب يرغبون في إشعالها على أرضنا، حرب لا هدف لها سوى تفتيت وطننا وتشتيت جهودنا نحو الفوضى والدمار، فسوريا ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكاناً لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب دماء أطفالنا ونسائنا . . الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وهي حلم كل سوري في أن يرى وطنه يعيد بناء نفسه من جديد من خلال هذه الدولة، نتحد جميعاً دون تفرقة من أجل أن نعيد لسوريا هيبتها ونضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار".
واستطرد: "بناء سوريا جديدة يتطلب منا جميعاً الالتفاف حول دولتنا والالتزام بمبادئها، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار فردي أو مصلحة محدودة، إن ما نحتاجه اليوم هو أن نكون جميعاً شركاء في هذا البناء، وأن نعمل يداً بيد لنتجاوز جميع التحديات التي تواجهنا. الوحدة هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الصلبة هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبل الزاهر".
وزاد: "كما أخصّ في كلمتي هذه أهلنا من الدروز الذين هم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، إن سوريا لن تكون أبداً مكاناً للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها، نؤكد لكم أنّ حماية حقوقكم وحريتكم هي من أولوياتنا، وأننا نرفض أي مسعىً يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي، أو لإحداث انقسام داخل صفوفنا، إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تعبّر عن سوريا وتنوعها . . لقد تدخلت الدولة السورية بكل مؤسساتها وقياداتها بكل إرادة وعزم من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتال داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة، وبدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع، ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن، وارتكبوا في الأيام الأخيرة ما ارتكبوا من الجرائم بحق المدنيين".
ولفت الشرع قائلا: "رغم ذلك قامت وزارتا الدفاع والداخلية بتنفيذ انتشار واسع في محافظة السويداء، في إطار جهودهم لضبط الأمن وإنهاء حالة التصعيد التي شهدتها المنطقة، وقد نجحت في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف موسع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق . . لولا التدخل الفعال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول، لكنا بين خيارين؛ الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي، على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام".
وختم الرئيس السوري كلمته قائلا: "إننا حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء، ونؤكد أن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسلامة أهلنا، والعمل على تأمين مستقبل أبنائهم، بعيداً عن أي مخاطر قد تقوض مسار النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا".