آخر الأخبار

حرب غزة: "شرور حماس ليست مُبرِّراً للمجاعة في غزة" – عرض الصحف

شارك
مصدر الصورة

رغم مرور أكثر من عام ونصف العام على الحرب في غزة، فإنها لا تزال تشغل الرأي العام العالمي، لا سيما ما يتعلق بالمسؤولية الأخلاقية عمّا شهده القطاع من أهوال، وعن حدود حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وهذا هو موضوع عرض الصحف اليوم، والذي يتناول أيضاً رأي رئيس المحكمة العليا في حزب الليكود، ميخائيل كلاينر، في التغطية الإعلامية الأجنبية - لا سيما الأوروبية لهذه الحرب، قبل أن نستعرض في الختام تساؤلاً لمراسل حربيّ بريطاني سابق عن سِرّ منع إسرائيل للصحفيين الأجانب من دخول غزة.

ونستهلّ جولتنا من مجلة "أميركا ماغازين" والتي نشرت افتتاحية بعنوان "وقفة للحساب في غزة".

ولفتت المجلة إلى أن واحداً من بين كل خمسة مدنيين في قطاع غزة يصارع الجوع، وأن هذه النسبة تعني أن أكثر من نصف مليون نسمة يواجهون شبح الموت جوعاً – وفقاً لتقرير الأمم المتحدة في منتصف مايو/أيار 2025.

في الوقت نفسه، فإن عاماً ونصف العام من القصف الإسرائيلي المكثّف للقطاع قد دمّر بِنيَته التحتيّة.

ونبّهت المجلة إلى أن كثيرين من الساسة الأمريكيين أظهروا تردُّداً في إدانة إسرائيل؛ والسبب وراء هذا التردُّد هو "الوحشية العشوائية" التي اتّصف بها هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل، وفق المجلة.

لكن هناك ساسة آخرين لم يُظهروا هذا القدر من التردُّد، ومن بين هؤلاء ساسة إسرائيليون مثل رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، الذي كتب قبل أسبوع مقالاً في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان "يكفي، طفح الكيل، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".

"المسؤولية الأخلاقية"

ونوّهت "أميركا ماغازين" إلى أنّ رأيَ أولمرت يشاركه فيه قادة آخرون حول العالم، أما في الولايات المتحدة، فموقف الرئيس دونالد ترامب، من الحرب لا يزال غير واضح حتى الآن.

ورأت المجلة أنه لا يوجد ائتلاف دوليّ يستطيع التأثير على قرار إسرائيل ما لم يكن هذا الائتلاف مدعوماً بثِقلٍ أمريكي سياسيّ واقتصاديّ.

ونبّهت أميركا ماغازين إلى أن الموقف الغامض للرئيس الأمريكي حيال الحرب في غزة قد شجّع، فيما يبدو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "على التمادي في إبادة غزة بل وبوتيرة أسرع، وفق المجلة.

ورأت أميركا ماغازين أن هناك شيئاً مفقوداً بين الطموح الجامح لنتنياهو وبين سياسة الواقع؛ هذا الشيء هو "المسؤولية الأخلاقية" التي تقع على كاهل إسرائيل وداعميها السياسيين في حرب غزة المحتدمة.

وقالت المجلة الأمريكية إن إسرائيل، فيما يبدو، قد طمستْ ذلك الخط الفاصل بين المدنيين والمسلحين، في انتهاك للقانون الدولي ومبادئ الحرب العادلة.

واستدركت المجلة بالقول إن انتقاد إسرائيل على هجماتها ضدّ المدنيين واستهداف أصول غير عسكرية، لا يعني إنكار حقّها في الدفاع عن نفسها، كما لا يعني التقليل من التهديد الذي تواجهه إسرائيل.

ورأت أميركا ماغازين أن حركة حماس، هي الأخرى بالطبع مسؤولة أخلاقياً عن هذا الدمار الحاصل؛ مشيرة إلى "إصرار الحركة على البقاء في السلطة بما يمثّله ذلك من ذريعة لإسرائيل للاستمرار في حربها على القطاع".

"لكنّ حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لا يفتح لها الباب على مصراعَيه في شنّ حرب شاملة"، وفقاً للمجلة الأمريكية.

وتساءلت أميركا ماغازين: "تتذرّع إسرائيل بالتخوّف من وصول المساعدات إلى أيدي مقاتلي حماس فتمنع وصول تلك المساعدات لأطفال ونساء يتضورون جوعا! فهل تدمير حماس يبرّر تجويع الأطفال ومعاناتهم؟".

"إن هجوم حماس كان السبب المباشر لنشوب هذه الحرب، كما أنّ إصرار حماس على الاحتفاظ بالسُلطة في القطاع سببٌ في استمرار الحرب؛ لكنّ إسرائيل هي التي قرّرت السماح بدخول الطعام والماء إلى غزة، ومن ثمّ فهي المسؤولة عن استمرار هذه الأزمة الإنسانية"، بحسب المجلة.

وأضافت أميركا ماغازين بأن الجيش الإسرائيلي هو القوة المسيطرة على الأرض، ومن ثمّ فإنه يتحمل المسؤولية العملية بخصوص معاناة المدنيين في غزة.

وخلصت المجلة إلى أن "شرور حركة حماس لا تبرّر حدوث مجاعة" في قطاع غزة.

"يجب التصدّي لغسيل الدماغ الذي يخضع له العقل الجمعي الأوروبي"

مصدر الصورة

وإلى صحيفة معاريف الإسرائيلية، حيث نطالع مقالاً بعنوان "على غرار هتلر في ألمانيا، حماس مسؤولة عن دمار غزة"، بقلم رئيس المحكمة العليا في حزب الليكود ميخائيل كلاينر.

ورأى كلاينر أن ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة إنّما هو "لمنع استمرار جرائم الحرب التي ترتكبها حماس ضد المدنيين في غزة وفي إسرائيل على السواء".

وشبّه كلاينر موقف إسرائيل من الحرب في غزة، بموقف الرئيس الأمريكي السابق، هاري ترومان، و رئيس الوزراء البريطاني السابق، ونستون تشرشل ، من قصف مُدن يابانية وألمانية، قائلاً: "القائدَين لم يكونا مُجرمَي حرب رغم إعطائهما الأوامر بقصف تلك المدن وما فيهما من سُكّان".

ورأى كلاينر أن إسرائيل تُستدرَج للاعتذار في معظم النوافذ الإعلامية الأجنبية، التي تُكنّ عداوة لإسرائيل، وفقاً لتعبيره.

وعلى صعيد المشهد في غزة، قال كلاينر إن "الغزيين يعرفون جيداً مَن الذي يحاول توصيل الغذاء لهم، ومَن الذي يحاول في المقابل سرقة هذا الغذاء للتربُّح؟" - في إشارة إلى حركة حماس.

وقال كلاينر إنه يتعيّن على إسرائيل تعبئة كل مواردها "للتصدّي لغسيل الدماغ الذي يخضع له العقل الجمعيّ الأوروبي"، على حدّ تعبيره.

"لا يجب أن نستسلم. الحق معنا. إسرائيل ليست هي المعتدي، إنما هي في موقف الدفاع عن الديمقراطية"، بحسب كلاينر.

ومضى رئيس المحكمة العليا في الليكود يقول إن "المسؤول عن القتلى بين الأطفال الألمان في قصف مدينة دِرسْدن، والذي أودى بحياة 25 ألف شخص، كان هو أدولف هتلر، وليس تشرشل".

وتابع كلاينر بالقول إن "تصرُّف الرئيس ترومان إزاء هيروشيما وناغازاكي لم ينبُع من رغبة في الانتقام، وإنما كان لمنْع قتْل ملايين المدنيين الأبرياء، والجنود كذلك، في اليابان والولايات المتحدة على السواء".

وخلص كلاينر إلى القول إنه "لولا هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما فقد أي غزاويّ حياته. ولو أنّ حماس منذ ذلك الحين حتى اليوم قررّتْ وقْف جرائم الحرب المستمرة وإعادة المختطفين ونزْع السلاح، لَمَا قُتل غزاويّ واحد"، على حدّ قوله.

وأضاف كلاينر: "لو أنّ المدنيين الغزيّين، بمن فيهم الأطفال، لم يُستخدَموا كدروع بشرية، ولو أنّ كل المدنيين الذين تلقّوا تحذيرات مُسبقَة بإخلاء المناطق المحدَّد قصفها انصاعوا لأوامر الإخلاء، لَما وقع هذا العدد من القتلى".

"السرّ وراء منْع إسرائيل للصحفيّين من دخول غزة"

مصدر الصورة

ونختتم جولتنا من صحيفة الغارديان البريطانية، والتي نشرت مقالاً بعنوان "في عام 1973، كنت أقوم بعملي كمراسل حربيّ من إسرائيل بِحُريّة. الآن أصبح ذلك مستحيلاً بسبب الرقابة"، بقلم سفير اليونيسف في المملكة المتحدة حالياً، وعضو برلمان وستمنستر سابقاً، والمراسل الحربي السابق مارتن بيل.

وعاد مارتن بالأذهان إلى الفترة ما بين عامَي 1967 و1973، حينما كان مراسلاً حربياً في سيناء، وهضبة الجولان وغزة، قائلاً إن الرقابة الإسرائيلية على الصحافة في ذلك العهد كانت محدودة ولا تكاد تتخطى ما يتعلق بمسائل الأمن العملياتي، على حدّ تعبيره.

ورأى مارتن أن هذه الحرية كانت مفيدة للصحفيين وللإسرائيليين على السواء، مستذكراً كيف كان بإمكان المراسلين آنذاك أن يصوّروا ما يشاؤون وأن يحاوروا -في جوّ من الحريّة- الجنود من كافة الرُتَب، وصولاً إلى رئيس الأركان.

ولفت مارتن إلى أنه كان قد سُمح له بعد حرب 1967 بزيارة غزة، "وأنه شاهد العمليات الانتقامية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين المسؤولين عن هجمات سابقة"، وأنّ الرقابة في الجيش الإسرائيلي قد سمحتْ له بنقل هذه العمليات وغيرها - مِن هدْم منازل في الضفة الغربية، وزرْع ألغام حول كنائس القديس يوحنا المعمدان في غور الأردن.

ثم انتقل مارتن إلى الزمن الحاضر، والصراع المحتدم بين الإسرائيليين وحماس في غزة، قائلاً إنه لا يوجد تغطية صحفية لهذه الحرب.

ولفت الكاتب إلى أن التغطية الإعلامية، أو بالأحرى "اللا-تغطية" للحرب في غزة، عادة ما تبدأ بالتنبيه إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يسمح بدخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى القطاع، ثم بعد ذلك تقوم القناة بعرْض ما هو متاح من صُور التقطها هُواةٌ ومدنيون من داخل غزة وقاموا بنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ونبّه مارتن إلى أن الصحافة المطبوعة أو الرقمية عادة ما تُصدّر أخبارها عن الحرب في غزة بأعداد القتلى والمصابين، مع التذكير دائماً بأن هذه الأرقام تمّ الحصول عليها من وزارة الصحة بالقطاع الذي تديره حماس – كمصدر وحيد متاح في بعض الأحيان.

ونقل الكاتب عن زميله السابق جيريمي بوين -مراسل بي بي سي، القول إن "إسرائيل لا تسمح لنا بالدخول لأنها تفعل شيئاً ما هنالك، شيئاً لا تريدنا أن نطّلع عليه، وإلّا لسمحت لنا بالقيام بعملنا الصحفي بحُريّة".

وقال مارتن إنه يميل إلى الاتفاق مع ما ذهب إليه جيريمي بوين، معتبراً أن "وسائل الإعلام التي تتمتع بالمصداقية تواجه تحدياً صعباً" في تغطية حرب غزة.

ووصف مارتن وقوف المراسلين المتميزين على تلّة قريبة مُشرفة على غزة، يُسمّيها بعضُهم "تلّة العار"، قائلاً إنّ ما ينقُص هو التغطية المباشرة لهذه الحرب ونقْل وقائعها أولاً بأوّل على أيدي مراسلين على الأرض يستطيعون أن يترجموا بجدارة ما يحدث من حولهم.

ورأى مارتن أنّ غياب مثل هذه التغطية يهيئ المناخ لانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة، مؤكداً في ختام مقاله أن "مَنْع وصول الصحفيين، فيه خسارة للجميع بما في ذلك إسرائيل".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا