قتل 94 شخصاً على الأقل في غارات جوية شنتها الطائرات الإسرائيلية، الخميس، على قطاع غزة، وبالتزامن مع جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة في الدوحة بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار جهود تهدف إلى وقف الحرب وصفقة تبادل.
وقال المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، إن 94 قتلوا منذ فجر الخميس، "من بينهم عائلة شهاب بمنطقة جباليا، التي مُسحت من السجل المدني" بعد مقتل الأب والأم وأطفالهم.
وأضاف أن 13 فلسطينياً قُتِلوا في قصف على عيادة التوبة الصحية بمنطقة الفاخورة بمخيم جباليا شمالي القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الخميس، عن خروج المستشفى الأوروبي عن الخدمة، فيما قال صحفيون فلسطينيون إن ممرات مستشفى ناصر مكتظة بالجرحى، وإن مشرحة الجثث ممتلئة.
وكان تركيز الغارات الأخيرة على مدينة خان يونس جنوبي القطاع، حيث طال القصف قرابة 10 منازل مأهولة بالسكان وخياماً للنازحين، ما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة نحو 100 غالبيتهم من الأطفال.
وكان من بين القتلى الصحفي الفلسطيني حسن سمور، الذي كان يعمل في إذاعة الأقصى التابعة لحماس، والذي قُتل مع 11 فرداً من عائلته عندما قُصف منزلهم.
كما أفادت قناة الأقصى التابعة لحركة حماس بأن الطائرات الإسرائيلية تكثف غاراتها منذ ساعات الصباح على حي تل الزعتر ومدينة الشيخ زايد شمالي القطاع.
وقال شهود عيان إن منطقة تل الزعتر في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، تتعرض لقصف جوي إسرائيلي عنيف جداً ومكثف منذ صباح اليوم، ما أدى إلى وسقوط قتلى وجرحى وتدمير مربع سكني كامل وأضرار مادية بالغة في مستشفى العودة المجاور للمنطقة التي استهدفت حتى الآن بأكثر من 10 صواريخ.
وأوضح مراسلنا وسط القطاع عن قصف استهدف منزلاً في دير البلح، وسلسلة من الغارات العنيفة على مدينة غزة ، استهدفت إحداها شقة سكنية في حي النصر، كما قصفت الطائرات الحربية منزلاً مكتظاً في بلدة جباليا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الخميس، عن خروج المستشفى الأوروبي عن الخدمة نتيجة الاستهدافات الأخيرة التي طالت البنية التحتية والأقسام الداخلية والطرق المؤدية إلى المستشفى، مضيفة أن "الاستهداف المتكرر للمستشفى يستحيل معه تقديم الرعاية الطبية".
وأكد بيان الوزراة أن المستشفى الأوروبي هو الوحيد في القطاع الذي يقدم المتابعة الطبية لمرضى السرطان، بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي، ما يعني "حرمان مرضى السرطان من متابعة البروتوكولات العلاجية ومضاعفة أوضاعهم الصحية".
وكانت الطائرات الإسرائيلية قد ألقت الثلاثاء 6 قنابل تباعاً على المستشفى الأوروبي في خان يونس، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى.
وقال الطبيب الجراح، توم بوتوكار، الذي يعمل في المستشفى مع المنظمة الخيرية أيديالز، في تصريح لبي بي سي، إن القنابل أصابت المستشفى، "دون سابق إنذار".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ "غارات محددة بدقة" على "مركز للقيادة والمراقبة تابع لحماس"، يزعم أنه موجود تحت المستشفى.
جدير بالذكر أن اليوم الخامس عشر من مايو/أيار هو الذكرى السابعة والسبعون لما يُعرف بـ"النكبة"، عندما فرّ مئات الآلاف من الفلسطينيين أو أُجبروا على النزوح من مدنهم وقراهم خلال حرب عام 1948 التي أسفرت عن قيام دولة إسرائيل.
على الصعيد السياسي، تشهد العاصمة القطرية، الدوحة، جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار جهود تهدف إلى وقف الحرب وصفقة تبادل.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن وفدا أمريكياً برئاسة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، وصل إلى الدوحة، حاملاً مقترحاً "محدّثاً ومتكاملاً"، يتضمن وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، وإطلاق سراح الرهائن، مقابل ترتيبات لمرحلة ما بعد الحرب تضمن عدم عودة حماس إلى حكم قطاع غزة.
وأشارت إلى أن الخطة الأميركية لاقت ترحيبا من الوسطاء وتلقت مؤشرات إيجابية من حماس، لكنها اصطدمت برفض إسرائيلي، إذ يتمسك بنيامين نتنياهو بخطة جزئية لا تشمل إنهاء الحرب بالكامل، مضيفة أن واشنطن تمارس ضغوطاً مكثفة على الجانبين لتحقيق تقدم فعلي.
وقالت القناة 12 إن هناك ضغوطاً أمريكية "غير مسبوقة" على إسرائيل لدفعها نحو اتفاق سياسي ينهي الحرب ويؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين في غزة.
ويُجري ويتكوف لقاءات في الدوحة مع مسؤولين قطريين وممثلي الوسطاء، بينما يعقد نتنياهو مشاورات متواصلة في إسرائيل مع طاقمه الأمني وفريق التفاوض.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ويتكوف يشارك بشكل مباشر في جهود إطلاق سراح الرهائن، وأن "الرئيس ترامب لن يضغط على إسرائيل لتنفيذ ما لا ترغب فيه"، مع إشارات إلى احتمال تعليق الهجوم البري في حال تأكد مقتل محمد السنوار، القائد العسكري لحركة حماس، في غارة إسرائيلية.
وأضافت أن مكتب نتنياهو يشهد منذ ساعات اجتماعات مكثفة وسط ضغوط أمريكية "حاسمة"، مشيرة إلى أن واشنطن نقلت رسالة واضحة مفادها: "إما الموافقة على الاتفاق أو انسحاب الولايات المتحدة من الوساطة"، محذرة من أن رفض التعاون.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية رفضت، الأربعاء، المبادرات الدولية الداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، كافة، مشددة على أن العملية العسكرية ستستمر حتى تحقيق أهدافها، وفي مقدمتها "تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس" واستعادة الرهائن المحتجزين في القطاع.
وأفادت مصادر في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لن ترضخ للضغوط الدولية، حال عدم تلبية شروطها بالكامل، وعلى رأسها الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين ، وضمان عدم إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس.
في السياق ذاته، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين أن المحادثات الجارية في الدوحة بشأن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وصفقة التبادل "لم تُحرز أي تقدم"، مؤكدين أن نتنياهو لا يبدي أي مرونة فيما يتعلق بإدخال تغييرات على الاقتراح السابق للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
في الوقت نفسه، أصدرت حماس بياناً، الخميس، تندد "بالضغط العسكري" الذي تمارسه إسرائيل على المدنيين، في الوقت الذي تبذل فيه الأطراف الوسيطة "جهوداً حثيثة لإعادة المسار التفاوضي إلى سكّته الصحيحة"، ما يعني أن إسرائيل ترسل رسائل "بعدم الاكتراث بمساعي الوسطاء".
وجاء في بيان نشرته الحركة على حسابها على تلغرام، باللغتين العربية والعبرية، أن الجانب الإسرائيلي يمارسه ضغطه "عبر القصف الجماعي وفرض مزيد من المعاناة" على الفلسطينيين "في محاولة بائسة لفرض شروطه تحت النار".
وقال البيان إن إسرائيل تستخدم التهدئة "لشراء الوقت وإعادة استئناف الحرب"، مضيفاً أن نتنياهو "يريد حرباً بلا نهاية"، ولا يكترث لمصير الرهائن، ما يثبت أن نتنياهو "بات خطراً حقيقياً على المنطقة والعالم بأسره" بحسب حماس.
من جهة أخرى، أعلن "صندوق غزة الإنساني" الذي أُسّس بمبادرة أمريكية، أنه سيبدأ عمله داخل القطاع قبل نهاية شهر مايو/أيار، بعد موافقة إسرائيل على إنشاء مزيد من "نقاط التوزيع الآمنة" لتسهيل دخول المساعدات الغذائية.
وقال مسؤول إسرائيلي في تصريح لهيئة البث إن مراكز التوزيع الجديدة ستُستكمل خلال أسبوعين، فيما تحذر التقديرات الأمنية الإسرائيلية من اقتراب نفاد المواد الغذائية في غزة.